الأنظمة العربية الحاكمة
يوحدها الظلم ويفرقها العدل
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
قصائد شعرية كثيرة كتبت بأقلام الشعراء تنادي بالوحدة العربية ,ودماء طاهرة زكية أريقت في سبيل تحقيق الوحدة العربية وشعارات تتلى هنا وهناك , ويافطات تعلق ومعلقة منذ سنوات طوال كلها تعني (بلاد العرب اوطاني من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان) .
الدولة الأموية في الأندلس والخلافة العباسية تمتد إلى ماشاء الله :
لم يقع حظر في اي يوم من الأيام عل انتقال مواطن من هذه الدولة أو تلك
كان شعارهم وثقافتهم وحكمهم الإسلام الحنيف , فأينما حل المسلم في أرض إسلامية فهي أرضه ووطنه
كل الحكام في الوطن الممتد ينادون بالوحدة والإتحاد والعوامل المشتركة بين الشعب العربي في الدول المتعددة
وحدة اللغة ,ووحدة الثقافة .ووحدة العقيدة والتاريخ المشترك
هذه الكلمة ومن ينطقها,أصبحت للأسف منبوذة ويسخر من قائلها ومن ينادي أو من يؤمن فيها
ولو تم التعرض لمناقشة إمكانية الوحدة بين الدول العربية لفاجأك الكثير بالقول ,إنها مستحيلة التطبيق
هنا تدور في الفكر أسئلة كثيرة جدا وأهم هذه الأسئلة تلك هي:
من يتحمل تبعية ذلك كله؟
الجواب موجود عند الحكام والحشم وبكل بساطة :
إسرائيل والدول الإستعمارية وأعداء الأمة العربية.
من الناحية الشكلية والظاهرية الجواب صحيح ,ولكن جوهر القضية يكمن في أن السببين الآنفي الذكر يمكن أن نصنفهما بالعوامل المساعدة ولن تكون الفعل المباشر لمنع الوحدة العربية .
وإنما السبب المباشر والأكيد هو:
الأنظمة العربية الحاكمة.
فلو أرادت تلك الأنظمة الوحدة وتسعى لخير شعوبها لن تجد قوة بشرية تمنعها من تحقيق ذلك. والدليل على ذلك نورده فيما يلي.
من الصعب أن تجد الحكام العرب يتفقون بالإجماع في الجامعة العربية على قرار واحد ,وهو معلوم للجميع .
ولكن يوجد قرارين توحدت فيها المواقف العربية كلها , وحصل إجماع تام على القرارين الأول كان :
من وزراء الإعلام العرب حول البث الفضائي ومنع القنوات التلفزيونية والمنابر الإعلامية والتي تمارس نوعا من الحرية الإعلامية ومحاصرتها بشتى السبل والوسائل ومنعها من تغطية إجرام الأجهزة القمعية المتمثلة بالحكام العرب .
والثاني كان:
في اتفاق وزراء الداخلية العرب وبالإجماع على ملاحقة ومطاردة أي صوت معارض للنظام وأن يصنف من المجرمين ويتم تسليمه إلى الحاكم الذي فر منه ذلك الرجل الشريف والذي يحمل في داخله هموم الأمة بكاملها.
فطالما لاحظنا أنهم باجتماع واحد توحدت وحصل الإجماع على الوحدة بين وزراء الداخلية العرب وسبقه اجتماع واحد لوزراء الإعلام العرب ,فمن المستغرب حقا :
أليس من الممكن توحيد الوزارات الأخرى كوزارات الدفاع والإقتصاد والإتحاد الجمركي بين تلك الدول ؟
طبعا:
لأن أرادوا يمكن بكل سهولة , وإنه دليل قدموه لنا هؤلاء الحكام عن إمكانية قيام الوحدة الإقتصادية والعسكرية وغيرها .
منذ فترة قريبة كنت أتناقش مع ضابط أمني كبير في دولة عربية عن الظلم في سورية ومذبحة حماه وتدمر وغيرها من المذابح ,فكان جواب ذلك الضابط الآتي:
طبعا يحق لحافظ الأسد أن يفعل ذلك لأن هدفهم كان إسقاط الحكم .وإن حصل عندنا ذلك أو لوحصل واضطرني الأمر لإبادة الشعب كله لفعلت .
خلاصة القول أن الأنظمة العربية وأجهزتها الأمنية عدوها الوحيد هو شعبها ووحدة الأمة لأن تلك الوحدة وإن حصلت ,سوف تقدم الخير الكثير لشعوبها وقوة كبيرة تمتلكها الأمة من خلال ذلك .
فكيف لهذه الأنظمة أن تقدم الخير لأعدائها ؟
وانطلاقا من القاعدة تلك:
فالحكام العرب يجمعهم الظلم ويفرقهم العدل
ومهما اختلف الحكام العرب وكثر الخلاف والإختلاف في المواقف ووجهات النظر ولو وصل الأمر حتى إلى الإعتداء المباشر يبقى:
الظلم قائما وموحدا بين الأطراف
وعلى هذا المبدأ أهنت وسجنت في مصر وسفروني خارج مصر ولولا رعاية الله سبحانه وتعالى وخطأ وقع فيه أحدهم لكنت سلمت إلى سورية ليتم نهايتي هناك عند أشد الأنظمة القمعية في العالم أجمع .