لا شعب في السياسة
ولا سياسة في الشعب
د. انتصار شعير
الإسكندرية ـ مصر
كل ما حولنا كشعب يعيش على أرض هذا الوطن وتحت سمائه يقول أننا نعيش حقبة من الزمان لا وجود فيها لرأى الشعب ولاتمثيل حقيقى لإرادة الشعب والدليل على ذلك هذه الإضرابات التى تكاد تكون بصورة يومية , بل وحتى الإضرابات والاعتصامات لا تؤخذان من المسئولين لا بعين الاعتبار ولا حتى بعين الرحمة , فلا وزن لكلمة القاعدة العريضة من الشعب فى أى مؤسسة ولا رجوع عما قرره الصفوة وأصحاب اليد العليا فى صنع القرار, فكل شخص عين رئيساً لمؤسسة ما يرى نفسه وحده صانعاً للقرار فيها , وله مطلق الحرية فى ذلك طالما أنه يحافظ على مكانته عند من يهمه الأمر , مما يؤدى إلى شعور الكثيرين من أبناء هذا الشعب بالدونية والاحتقار من جانب المسئولين الكبار الذين يضربون عرض الحائط بأى مطالب دون مناقشتها أو محاولة الوصول لحل وسط يرضى جميع الأطراف ولكن القمع والإجبار والتهديد بقطع الأرزاق والخصومات أصبحوا وسيلة تنفيذ القرارات , و الديكتاتورية أصبحت فى مؤسسات الوطن عنواناً عريضاً يقول : لا شعب فى السياسة ولا سياسة فى الشعب
إذا أهين أحد أفراد الشعب أو نيل من كرامته وأهدر حق من حقوقه كإنسان فلا اعتذار ولا رد اعتبار لأنه شخص عادى وهو كذلك بالنسبة لحكومته أرخص من التراب والقصص فى ذلك بالمئات , فلا مجال لحقوق إنسان ولا لديموقراطية ولا إرادة شعبية , وليصرخ الحقوقيون كما يشاؤون وليضرب الشعب رأسه فى الحائط , السلطة ثم السلطة وبعدها الطوفان
وبالطبع هذا وضع غير سوى لا يستقيم ونواميس الكون القائمة على الحق فالنفس البشرية جبلت على المطالبة بحقها والغضب ممن يسلب حقها والدفاع عن حقها , وذلك وازع نفسى داخل الإنسان السوى ولا تستقيم حياته إلا به وإلا ذهب احترامه وتقديره لنفسه _ وإن لم يكن متديناً _ فقط لأنه إنسان
فالمشكلة هنا مشكلة إنسانية عامة تمس الناس كافة وليست قاصرة على فئة دون أخرى الكل فيها سواء .. فمتى تكون للشعب إرادة حقيقية غير مزيفة ولا مفبركة ومنافذ طبيعية يعبر فيها عن رأيه ويحترم فيها الإنسان لكونه إنسان يعرف ما له من حقوق ويؤدى ما عليه من واجبات.