قناة الجزيرة لحظة من فضلك
قناة الجزيرة.. لحظة من فضلك
عبد الله زنجير *
(عضو رابطة أدباء الشام)
أدرك الدور الإعلامي الكبير لقناة الجزيرة وما تمثله من منحى إيجابي في ظلام الواقع العربي، وقد كان لشعارها العتيد: الرأي والرأي الآخر، سحر خاص في ضمير كل من يسعى لنهضة أمته، وأحسب أن شعبيتها ما تولدت إلا من خلال هذه المصدوقية التي انتهجتها طويلاً.
ولكنّ ما يدعو إلى التساؤل مرة بعد مرة هو عن موقف القناة من الأزمة السورية اللبنانية، والتي لم تخضع في عرضها وتغطيتها لذات المقاييس الحرفية المعروفة، فالكثير من السوريين ما عادوا يجدون في أخبار القناة سوى ترداد فج للإعلام السوري الرسمي وأسلوبه التعبوي غير المتوازن! إنني لا أدعو لمقاطعة أحمد الحاج علي وعماد فوزي الشعيبي وإبراهيم الدراجي وفيصل كلثوم وسواهم، ولكن لإتمام الصورة فقط بفسح المجال للشخصيات الوطنية المناضلة في سبيل الحريات والشأن العام في الداخل أو الخارج السوري.
ولكي لا يكون كلامي بلا دليل، أضرب المثل بخطاب بشار يوم 10 تشرين الثاني نوفمبر 2006، فبعد نقله على الهواء مباشرة، وهذا شبه طبيعي –حيث لا تنقل خطب المسؤولين العرب عادة- استضافت فوراً للتعليق المسهب جداً الدكتور إبراهيم الدراجي الناطق باسم لجنة التحقيق السوري باغتيال الحريري، وبعد أن أتحفنا بدوره مع المذيعة الجميلة، تم الانتقال مباشرة إلى بيروت مع مراسلة القناة هناك بشرى عبد الصمد، وليس مع من يمثل الرأي الآخر، وكان أول سؤال لها: ما هي المواقف والتعليقات على خطاب الرئيس؟ وبالطبع لا يمكن أن تصدر أية مواقف في هذا الحيز الزمني المحدود، بل راحت المراسلة تستفيض بالحديث عن الانقسامات اللبنانية من النظام السوري مبتدئة بحزب الله و.. جوقة الإخوة الآخرين.
من حق قناة الجزيرة أن تستعرض الأحداث كما تشاء وبما تشاء، وأن تتبنى الموقف الأيدولوجي الذي ترتاح له، ومن حق الدكتور فيصل القاسم أن يتربع في الصف الرابع من مؤتمر المحامين العرب يهتف ويصفق ويقوم ويقعد، ولكن أرجوكم يا إدارة القناة ويا أستاذ وضاح خنفر أن لا تلوثوا شعار الرأي والرأي الآخر كما لوث غيركم شعارات: الوحدة والحرية والاشتراكية، فكفرت الجماهير بكل ما يمت لها بصلة.
* كاتب سوري