بالله الوكيل لانسألكم الا الرحيل
بالله الوكيل ، لانسألكم الا الرحيل
بدرالدين حسن قربي *
يبدو أن النظام السوري ماضٍ في طريقه للمواجهة مع المجتمع الدولي معتمداً على قراءاته الخاصة للوضع الاقليمي والعربي والدولي. فتصريحاته مع التعاون الكامل والحقيقي مع اللجنة الدولية لكشف قتلة رئيس وزراء لبنان المرحوم الحريري ، أما على صعيد الواقع فاتهاماته للجنة التحقيق وتقاريرها بالاضافة الى رئيسها ميليس كثيرة ، ورفضه لبعض الشخصيات السورية المشتبهة أن تقابل اللجنة للاستماع الى أقوالهم بذرائع شتى كالسيادة والقانون الدولي وغير ذلك من التقولات والتحليلات والمماحكات بأن المجتمع الدولي يريد فرض ارادته على سورية وأن الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وفرنسا وبريطانيا تستهدف سورية وتريد فرض اجندتها ومخططاتها وتفتيت الداخل السوري على حد قول الرئيس بشار الأسد.
نحن لسنا مع تبرئة نوايا هذه الدول من خلال تاريخها وتجربتنا ، وقد يكون كلام النظام السوري قريباً جداً من الحقيقة والحق الذي يراد به الباطل. ولكن الحق أحق أن يتبع فليس من مصلحة في مواجهتها عندما ترفع أمام الوجوه قرارات الشرعية الدولية فضلاً عن فقدان القدرة على المواجهة والمجابهة فما أرادوا الخروج يوماً ، ولو أرادوه لأعدوا له عدته.
النظام السوري بتركيبته وعقليته كما وصفه نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدّام ( لايقرأ ولايفهم وان قرأ لايستوعب ) فهو يرفض حقيقةً التعاون مع الشرعية الدولية وكأنه يوحي بطريقته ويؤكد أنه مرتكب الجريمة والا ماتفسير اصراره على عدم السماح للجنة الدولية بمقابلة أسماء تحوم حولها الشبهات ولا خوف عليهم ان كانوا برآء ( وهم جنود النظام ومستعدون للاستشهاد في سبيله كما قال أحد المطلوبين ). وهو لوفعل (أي النظام) لسوف يجنب البلاد والعباد مصائب بالغة وأضراراً جسيمة ودماراً محققاً للشعب والوطن ، وهي أمور لشدة خطرها وعظيم أثرها تستوجب التخفيف من الكلمات الطنانة والشعارات الرنانة وان نتعامل با لحسنى ونقول التي هي أحسن. وهو أمر لاعيب فيه ولايمس حساسية النظام الحساس في أمر السيادة فيما نعتقد فهو كالانحناء للعاصفة ليس أكثر.
النظام السوري اليوم أمام الحقيقة وجها لوجه ( وجاءت سكرة الموت بالحق) ، وخياراته باتت قليلةً جداً ومرةً أيضاً ان لم تكن مسمومة. فهي تبدو للنظام وكأنه لو تعاون فستسقط أعمدته وعليه اجرامه وان لم يفعل فسيدخل في الحائط.
فهل يظهر النظام السوري ممثلاً برئيسه الأسد حنكة ودهاء الساعة الأخيرة ويقلب الطاولة بما فيها ويسلم المطلوبين للعدالة الدولية ويفاجىء العالم فيعلن انضمامه الى المعارضة التي يعتز بها (كما يقول) لرفضها الاستقواء بالخارج ، ويعتمد برنامجها الوطني والمسمى (اعلان دمشق) الذي يصر على التغيير السلمي للنظام بعيداً عن التخريب والتدمير للبلد ، والذي انضمت اليه واعتمدته كافة أطياف المعارضة في داخل سورية وخارجها ، وببدأ عهداً جديداً اسمه الاصلاح والحرية والديمقراطية فيحبط كيد من كادوا ، ومكر من مكروا من الذين يريدون السوء لسورية الوطن والشعب ويفوت الفرصة عليهم ويظهر حرصه على الوطن وكرامته ويثبت أهليته.
أم أن النظام يصر على طريقته في ادارة البلد وركوب رأسه في مواجهة الشرعية الدولية - حفاظاً على عدد محدود جداً من المطلوبين للتحقيق – ويكون سبباً في دمار سورية الأرض والناس والدولة والمؤسسات والخدمات وكل ماينفع الناس من بعدما سرق شبيحته ثروة الوطن ونهبوا خيره وسمموا أرضه ، فأفسدوا العباد بمنظومةٍ من العهر والظلم والقهر والاستبداد وشفطوا ثروة البلاد.
نتمنى على عقلاء النظام ومن بقي عنده القليل القليل من محبةٍ لهذا البلد الخيّر وخوفٍ عليه أن يكونوا مع خيار الوطن لأنه خيار الأمن والأمان. أما الذين يكون خيارهم دمار الوطن من بعد ماسرقوه ونهبوه وأفسدوه فنقول لهم: يكفيكم ماسرقتم ولا تحرقوا البيت وأهله لاخفاء معالم جريمتكم فأموركم مكشوفة مكشوفة ، ولكن لاتثريب عليكم ( بس حركوا وارحلوا) وخذوا معكم هذه (المطرية):
ارحلوا....نحن لانسألكم الا الرحيلا... وعلى رغم القباحات التي خلفتموها ... سوف لن ننسى لكم هذا الجميلا..
* كاتب سوري مقيم في كندا