مأزق الديمقراطية الغربية في الانتخابات الفلسطينية

خليل محمود الصمادي

مأزق الديمقراطية الغربية في  الانتخابات الفلسطينية

خليل محمود الصمادي

[email protected]

لا شك أن العارفين ببواطن الأمور يعلمون أن الديمقراطية التي تبشر بها أمريكا وأوروبا و بعض الإعلاميين الإعلانيين والدعائيين الذين يدورون في الفلك الأمريكي ما هي إلا دعاوى عارية عن الصحة.

هم يقولون إن الديموقراطية هي حكم الشعب لنفسه وبنفسه دون تمييز لعرق أو دين أو لغة أو أي شيء آخر ولكن عند التطبيق العملي لهذه الشعارات التي ظلت مرفوعة عقودا من الزمن  نرى عكس ذلك عندما تتعارض مع مصالحهم.

 فلو اختار أي شعب مقاومة الاحتلال فالمقاومة مشروعة وعادلة وتضمنها دساتير وقرارات الأمم المتحدة التي تدعمها أمريكا والعالم الغربي ، أما إذا قاوم  الشعب الفلسطيني أو اللبناني أو العراقي أو غيره من شعوب العرب أو المسلمين المحتل الغاصب والجاثم فوق أرضه فهو شعب معادٍ للسامية أو إرهابي ومتخلف أو غير حضاري .

 ولو اختار أي شعب نظام الحكم الذي يرتضيه فهو شعب حر حري به أن يختار النظام أوالمبادئ التي ناضل من أجلها ، ولكن إذا اختار الشعب الإسلام وبنسبة تسعين بالمئة فهنا تتغير النظرة؛ لأن هذا الشعب إرهابي ومتطرف ومعادٍ للحرية والديمقراطية، لأنه شعب يؤمن بالدين والدين هو الإرهاب بعينه عند العرب والمسلمين؛ ولكن الشعب اليهودي إذا اختار نوابا من اليهود المتطرفين فهذا الخيار يعبر عن شريحة واسعة من المجتمع الإسرائيلي وعلى أحرار العلم أن يحترموا اختيار الشعوب!!

 بعد أن صرح شارون أنَّ على السلطة الفلسطينية أن تلجم عنان حماس من أجل   بدأت التصريحات الأمريكية تتناغم مع تصريحات شارون وأركان دولته الذين يرون أن حركة حماس وغيرها من التنظيمات التي تؤمن بأن الصراع العربي الإسرائيلي لم ينته بعد ، وأن على الشعوب مقاومة الاحتلال؛ ربما يكون شارون من وجهة نظر حزبه المتطرف له عذره من أجل فلسفة خزبه أو من أجل كسب ود الناخب اليهودي الذي يعتبر حماس ألد أعدائه ولكن ما العذر التي تدعيه أمريكا في قلقها بل ومحاربتها وتهديدها السلطة الفلسطينية بقطع المساعدات عنها إذا سمحت لحماس بممارسة دورها الانتخابي!!

هل هذه الديمقراطية الحديثة في القاموس الليكودي الجديد؟ أم هي الديقراطية التي تنحي رأي وأصوات أكثر من ثلاثة أرباع المجتمع ـ حسب استطلاعات الرأي الأخيرة ـ  من أجل سلامة الكيان الإسرائيلي!!

  والغريب هنا في هذا السياق أن الدول الأوروبية التي كان المراقب السياسي العربي يأمل منه بعض الإنصاف انساقت في الاتجاه الشاروني نفسه فها هم من أجل تأكيد ديمقراطيتهم المزعومة أرسلوا سولانا إلى الأراضي المحتله ليعلن من هناك وقف مساعدات الاتحاد الأوروبي حال وافقت السلطة الفلسطينية على مشاركة حركة حماس في الانتخابات!!

 هل هذه ديمقراطية آخر زمن أم هي الديكتاتورية المبطنة  المتزينة برتوش ديمقراطية  ما عادت تقنع الكثيرين من العرب، بل صارت تصب في غير ما أُريد وخطط لها.

 في الحقيقة إن هذه المواقف الغربية حيال مشاركة حركة حماس في الانتخابات زادت الحركة قوة وتماسكا وكأنها هدية مجانية كبيرة من قبل دول وجدت كرها متزايدا من الشعوب العربية وبخاصة الشعب الفلسطيني  ولا سيما بعد احتلال العراق الذي بدون أدنى شك سيعطي في النهاية صوته لمن وقف بالمرصاد من زمن طويل إزاء هذه الدعاوي التي خدعت الكثيرين ولكن الأمور بدأت تتضح ونتائج النتخايات الأخيرة في مصر خير برهان على ذلك.

 ما كانت حركة حماس تحلم بهذه التغطية الإعلامية المجانية من قبل المحطات الفضائية والصحف والمجلات والمواقع الالكترونية وحتى الاتهامات التي تكال ضدها لا تجد قناعة عند المنصفين فمن العسير أن يغطى نور الشمس بغربال ولا سيما إن كان واسع الثقوب، وصدق الشاعر :

وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت              طويت أتاح لها لسان حسود