بيان/منع الزيارات
بيان
منع الزيارات
علمت المنظمة السـورية لحقوق الإنسان أن نيابة محكمة أمن الدولة العليا تلقت تعليمات بمنع الزيارة عن جميع المعتقلين السياسيين لديها ، بحيث انحصرت صلاحية منح الإذن بالزيارة للمعتقل السياسي بفرع الأمن الذي سـبق له وأن اعتقله ،الأمر الذي يضع المعتقلين و ذويهم مجدداً تحت رحمة مزاجية الأجهزة الأمنية التي لا ضوابط لها.
إننا في المنظمة الســورية لحقوق الإنســان إذ نعبر عن قلقنا الشـديد من تردي الأوضاع الإنسانية للمعتقلين السـياسيين والتي مردها فيما يبدو النظرة المتخلفة والتي تعود بجذورها لظلمات العصور الوسطى حينما كان الخلط سائداً بين مفهومي السلطة والوطن ، فإننا نبين أن حصر صلاحية منح الزيارة بالأجهزة الأمنية التي اعتقلت مخالف للأصول والقانون للأسباب التالية :
1) بعد تنظيم الضبط وإحالة المتهم إلى نيابة المحكمة تنتهي علاقة الضابطة العدلية التي اعتقلت و حققت مع المتهم ، فالمتهم بعد إحالته للقضاء يفترض أنه أضحى تحت ولاية المحكمة التي من المفترض أن لا معقب عليها لأحد.
2) الأصل : أن النيابة العامة هي التي ترأس الضابطة العدلية ( الأجهزة الأمنية ) وتشرف على جميع السجون ودور التوقيف بموجب صريح المادة /15/ أصول محاكمات جزائية ، ووعليه فإن صلاحية منح الإذن بالزيارة هي من أولى واجبات النيابة العامة وعلى إدارات السجون تنفيذ ذلك ومن غير اللائق أن تتخلى النيابة العامة عن دورها في الرقابة والإشراف على دور التوقيف
3) منذ بدايات القرن التاسع عشر هبت رياح التغير على السـياسات العقابية التي كانت سائدة في القرون الوسطى نتيجة لتطور المفاهيم و القيم ، وعليه فقد تطورت النظرة للسجين السياسي بوصفة صاحب عقيدة ووجدان ومعتصم بمثالية دفعته للقيام بما فعل، ولهذا أوصت جميع التشريعات العقابية في العالم بما فيها قانون العقوبات السوري الصادر عام 1949 بمعاملته بصورة حسنة وأفضل من تلك المفروضة على السجين الجنائي والذي من الممكن أن يكون دافعه شـائناً.
4) إن حجب الزيارة عن المعتقلين السياسيين أو تقنينها وحصر صلاحية منحها بمزاجية الأجهزة التي اعتقلته هي بحد ذاتها عقوبة لم بنص عليها القانون ولا الحكم الصادر بحق المعتقل وهي شكل من أشكال التعذيب النفسي للمعتقل ، وآثارها السلبية لا تنصب فقط على المعتقل وإنما لأسرته ومحبيه ، هذا عدا عن أنها تفتح الباب واسعاً لأبشع أشكال الاستغلال و التمييز بين المعتقلين.
5) من الثابت أن الزيارة هي حق للسجين وليست منة أو حسنة أو فضلاً لأحد على المعتقل ، وقد نص نظام السجون الصادر بالقرار /1222/لعام 1929على ضرورة احترامها وأكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ضرورة التساوي بين الناس ضد أي تمييز ، كما أكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة العاشرة ضرورة معاملة المحرومين من الحرية معاملة إنسانية تحفظ كرامتهم ، كما أن الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب لعام 1986 أكدت على ضرورة أن تتخذ كل دولة إجراءات تشريعية أو إدارية أو فضائية لمنع التعذيب ومنعت التذرع بالظروف الاستثنائية أو حالة الحرب أو الطوارئ أو عدم الاستقرار السياسي كمبرر لممارسة التعذيب وكذلك القواعد الدنيا لمعاملة السجناء التي أوصى باعتمادها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في جنيف عام 1955، وكذلك المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء التي اعتمدت ونشرت على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 45/111 والمؤرخ في 14/12/1990 والتي ألزمت بمعاملة المسجونين باحترام وحفظ كرامتهم ومنعت التمييز بينهم على أي أساس كان و أوجبت احترام قيمهم الدينية والحضارية ، وكذلك المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن والمعتمدة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والمؤرخ في 9/12/1988.
إننا في المنظمة السورية لحقوق الإنسان نطالب الحكومة السورية وعلى رأسها وزارة الداخلية بالكف عن الإجراءات الثأرية والانتقامية بحق المعتقلين السياسيين والتي لن تخلف إلا مزيداً من المشاعر السلبية من أسى واحتقان و التي نسعى جميعاً لتخليصهم منها، والبدء بحل مشكلة الزيارة بالنسبة لهم والاعتراف بها كحق لهم وجعلها إسبوعية ودورية أسوة بالزيارة التي ينعم بها السجناء الجنائيين ، كما نطالب الحكومة السورية بتحسين ظروف تنفيذ العقوبة بالنسبة للمعتقلين السياسيين وذلك بإخراجهم من الحجز الانفرادي لاسيما في السجن السياسي المدني تلك العقوبة التي لم ينص عليها الحكم الصادر بحقهم أيضاً وإنما تطبق بإرادة منفردة من القائمين على إدارة السجن والتي لا هدف لها إلا إخضاع المعتقل لظروف مشددة نتيجة لتنفيذ العقوبة وذلك بفرض العزلة عليه وحرمانه من أية وسيلة لملئ وقت فراغه.
كما نطالب السلطات السورية بتحسين ظروف الخروج للتنفس بالنسبة للمعتقلين السياسيين لاسيما في السجن السياسي المدني حيث يسمح لهم بالخروج للتنفس مرتين في الأسبوع ولمدة نصف ساعة فقط وذلك بجعلها من السابعة والنصف صباحاً وحتى التاسعة مساءاً مع الأخذ بعين الاعتبار ساعة الغذاء وذلك أسوة بالسجين الجنائي الذي يستطيع ممارسة جميع النشاطات خلال مدة تنفسـه.
كما نطالب السلطات السورية بالسعي لتقليص الفوارق بين حياة السجن وحياة الحرية وذلك بإعطاء الحق للمعتقل السياسي بالقراءة أسوة بالسجين الجنائي وبمنحه جميع وسائل الترفيه كالتي ينعم بها السجين الجنائي كمشاهدة التلفاز بما في ذلك المحطات الفضائية وكذلك الاستماع للمذياع إضافة للحق بقراءة الصحف المسموح بها.
ومن حيث النتيجة السعي لجعل السجون مكاناً لا تظهر فيه مثل هذه التفرقة في المعاملة أو التمييز وذلك بتطبيق قانون السجون على المعتقل السياسي أسوة بالسجين الجنائي والسماح له بالخروج من حجزه الانفرادي وممارسة الأنشطة الضرورية داخل السجن و احترام حقه بالخلوة دونما اختراقات من أي نوع , والسماح بمنحهم وقف الحكم النافذ أسوة بالسجناء الجنائيين كون هذه المنحة تتعلق بطريقة تنفيذ العقوبة فقط ، والارتقاء من حيث النتيجة بالنظرة للمعتقل السياسي بوصفه مواطناً مختلفاً بالرأي مع الإدارة السياسية لا بوصفه عدواً للوطن.
المنظمة السـورية لحقوق الإنسان
مجلس الإدارة 24 / 12 / 2005