سيبقى النظام القمعي والظالم في سوريه قائما
مادام عنده رصيد من المراوغة والكذب
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
الكثير من الفلاسفة والمفكرين تحدثوا عن الكذب , أنواعه وأشكاله وشره وخيره .
فهاهو المفكر محمد مهدي علام وكتابه المسمى فلسفة الكذب والذي تحدث فيه عن أنواع الكذب . وقد ختم الكتاب بمقولة لابن المقفع يقول فيها(إن الكذب لايكون أخا صادقا , لأن الكذب الذي يجري على لسانه إنما هو من فضول كذب قلبه, وإنما الصديق من الصدق . وقد يتهم صدق القلب وإن صدق اللسان فكيف إن ظهر الكذب على اللسان ) .
ونظرية أرسطو عن الكذب يقول فيها الصدق وسط بين رزيلتين كلتاهما كذب .
ويعرف الكذب :
هو قول متعمد لشخص (أو جماعة أو عصبة )تجاه غيره يتضمن محتوى مخالفا لما هو أو لما حدث .
والرسول صلى الله عليه وسلم عند وصفه المؤمن أنه يمكن أن يزني أو يقتل أو يسرق ولكن لايمكن أن يكذب .
والمنافقون في الدرك الأسفل من النار ومن أبرز علامات المنافق , إذا حدث كذب .
وأخطر أنواع الكذب هو الكذب السياسي .
وكذبة جورج بوش عن العراق دمرت وطنا وشعبا بكامله . والذي يهمنا هنا هو الكذب عند النظام السوري والمتمثل في الكذب السياسي . وكقاعدة عامة عن الكذب السياسي هو:
يبرر الهزيمة بالنصر والفشل بالنجاح والديمقراطية بالإستبداد , والظلم بالعدل والرزيلة بالفضيلة والقتل بالجريمه .
والكذب السياسي له دلالات سسياسية خطيرة أولها وأخطرها تعميق الإستبداد السياسي , والإستخفاف بعقول الأفراد , من شأنه إلغاء شخصية الفرد فيردد مايردده حكامه بوعي أو بدون وعي .
ومن أهم المصادر السياسية والتي يعتمد عليها النظام الإستبدادي في حكمه كتاب الأمير لمكيافيلي (كن ثعلبا وأسدا في وقت واحد والغاية تبرر الوسيلة ).
يذكر محمد حسنين هيكل في علاقته مع ملك المغرب الملك الحسن أن الملك كان الكتاب المفضل عنده هو كتاب الأمير .
والذي أود طرحه هنا هو:
خطر الكذب السياسي الذي اعتمد ه النظام في سوريه منذ سنة 1963 وحتى الآن , والذي من شأنه عمق الإستبداد والظلم والإقصاء , وألغى شخصية الفرد في الوطن السوري ومهما بلغت درجة ثقافة الشخص تراه منحن أمام هذا النظام ويردد مايردد حاكمه , مع أنه لو وقف لحظة مع نفسه لوجد كذب مايدعيه بدون أن ينبههه أحد.
الحزب الحاكم في سوريه هو حزب البعث العربي الإشتراكي , وشعاره الوحده والحريه والإشتراكيه , وأهدافه أمة عربية واحدة ذات رسالة خالده .
فهذه الشعارات والأهداف عندما نقارنها مع الواقع الموجود على الأرض لن تجد لها وجودا وما هي إلا كذبة كبيرة تغري عقول الناس .
كانت الوحدة قائمة بين سوريه ومصر وحزب البعث السوري هو من ركائز الإنفصال وإلغاء الوحدة بين الدولتين .
جمال عبد الناصر كان شعاره ا لوحده العربية وعندما استلموا الحكم كانوا أشد الناس عداوة لجمال عبد الناصر .
عندما استلم البعث في العراق أصبح النظام السوري ينظر للعراق أنه العدو الوحيد عنده .
بعد الهزيمة في حزيران 1967 خرج مسؤول النظام الحاكم في سورية ليحول الهزيمة إلى نصر وقال(لقد انتصرنا , فليس المهم أن نخسر الأرض ولكن المهم أن العدو لم يحقق أهدافه في القضاء على حزب البعث ). والعدو أصبح على بعد مرمى حجر من دمشق .
وزير الدفاع وبيانه المشؤوم والدعوة لانسحاب الجيش السوري بشكل كيفي في ال67 وأن القنيطرة سقطت بيد العدو , والحقيقة أن العدو لم يطأ المنطقة إلا بعد ثلاثة أيام .
هؤلاء الذين سلموا اسرائيل الجولان هدية بدون حرب هم تولوا زمام الأمور في سوريه .
استلم حافظ الأسد في السبعين وانتهج سياسة الطائفية المقيتة علنا , وسرح الضباط السنه وجاء بضباط منتسبين جدد وسلمهم الأمور .
واستولى على مفاصل الدولة كلها طائفيا .
وأنشأ سرايا الدفاع وسرايا الصراع لحماية حكمه فقط وزودهم بأفضل المعدات العسكرية وحرم الجيش الرئيسي منها ودخل المعركة في سنة ال73 ولم يمضي إلا أياما قليلة ليصل الجيش على مشارف دمشق بينما سرايا الدفاع وضعت حول دمشق دفاعا عن النظام ولم تطلق رصاصة واحده , ولولا وصول الجيش العراقي وتصديه للهجوم الإسرائيلي لكانت دمشق والقدس توأمان الآن .
افتعل النظام المعركة مع الإخوان المسلمين وجرهم إليها بإصدار قانون ال49 ليجعل من وضعهم لامفر إما الموت وإما أن تقاتل فالرجل منهم ميت ميت لامحاله .
وبهذا الكذبة الكبيرة تخلص من كل من سيقول لا حاضرا أو مستقبلا .
وتحول الرجل من بائع للجولان إلى فارس الشجعان بإعلامه وكذب الإعلام وبالحديد والنار حتى تم مسخ المواطن السوري إلى ببغاء يردد مايردد النظام .
والعدو الوهمي يجب أن يكون موجودا دائما عند نظام الإستبداد , وأنه في حالة حرب مع العدو وقوانين الطواريء وملحقاته ماهي إلا كذبة , القصد منها فقط النظام وليس العدو الوهمي للنظام .
وبالكذب تلفق كل التهم لأي مواطن يشتكي أو يعبر عن عدم رضاه عن الوضع القائم فهو مثبط لنفسية الأمة وعميل ومتعامل .
كذبة مجلس الشعب وكذبة رئيس الحكومة والوزراء , وكذبة الدستور وهم الذين وضعوه ولكن يغير متى ماأرادوا إن كان يعرقل أهداف التسلط والقمع عند ه .
يقول بشار الأسد أن المعارضة له معرضة لحكم القانون وأن القانون هو الفاصل بينهم , ولكن ماهو القانون والذي يدعيه .
هل هو قانون ال49 أم قانون الطواريء أم الملحقات فيه . فلو كانت تلك القوانين شرعية لكانت أول من يقع تحت القانون هو النظام قبل المعارضة .
النظام يقول لمن يعارضه :
أنتم عملاء الأمريكان ,وهدفكم التغيير في سوريه بواسطة الدبابة الأمريكية .
وهذا الإتهام ظاهر للجميع أنه ليس صحيحا , وإنما الهدف منه البقاء للظلم والفساد المدار بأجهزة الحكم , بينما هو من أشد الأنظمة قربا للعدو الصهيوني والذي لايمكن أن يساوم أحدا على إسقاطه أو تغييره .
يكذب على الفلسطينيين وعلى الأمة العربية كلها ويرمي أو بالأحرى جعل سورية محافظة إيرانية وامتدادا للحلم الفارسي ومنفذا رئيسيا لتحقيق ذلك الحلم اللعين .
يدعي أنه ليس عنده معتقلوا رأي وإنما مخالفين للقانون متهمين بجرائم يحاسب عليها الشخص , فهذا كلام صدق يراد به باطل لأن سجناء الرأي قد أعدموا ولم يبق منهم إلا القليل .17ألف مفقود وأكثر من أربعين ألف قتيل وعشرات الألوف من المشردين .
يدعي أن سورية سباقة في تطبيق الديمقراطية وتعدد الأحزاب في وجود الجبهة التقدمية والتي ليس لها وجود إلا اسمها فقط .
وعد الشعب بالإصلاح الإقتصادي وبعده الإصلاح السياسي . وكانت النتيجة عم الفساد الإقتصادي بالكامل وأصبحت الدولة في طريقها للإنهيار الإقتصادي . والإصلاح السياسي كان بالإتجاه العكسي في زيادة القهر والظلم والمزيد من الإعتقالات السياسية والتفرد بالحكم أكثر فأكثر .
يكذب على الناس ويقول ممنوع التحدث بالطائفية وهو قائم بالكامل على الحكم الطائفي الأسري . والمقصي للبقية الباقية .
ينادي بالعروبة وينفذ الأجندة الصهيونية والفارسية .
وأخيرا متى يعي الناس والعرب والمسلمون حقيقة النظام وأنه قائم على الكذب والكذب فوق الكذب ليصدق نفسه وصدقه الناس ؟