ما لا تعرفه عما ارتكب مع أطفال العراق
تقرير خطير بأرقام موثقة دولياً
علي الكاش
أطفال العراق نكبوا بنكبات الوطن وإن كان مصابهم أشد من البقية لأنهم فقدوا معنى الطفولة وبرائتها، وتنكرت لهم الحكومة الإحتلال ونأى عنهم الرأي العام العالمي لقد خنقتهم الشرعية الدولية قبل غيرها التي اعتبرت غذاء الطفل وتطعيمه باللقاحات ضد الأمرض وقلم الرصاص الذي يتعلم به مواد محظورة يساعد على إنتاج أسلحة الدمار الشامل! تلك الأسلحة الخيالية التي لم يعثر عليها في العراق! وتبين أنها لم تكن سوى مسرحية مفبركة خططتها الولايات المتحدة ونفذتها الأمم المتحدة. ثم ذبحتهم قوات الغزو الغاشم عام 2003من الوريد إلى الوريد. وأكملت الحكومة العراقية عملية سلخهم بعد الغزو.
إن موت اكثر من نصف مليون طفل عراقي بسبب الحصار الإقصادي الظالم لم يزحزع صخرة الجمود الدولي من موقعها، والأستهانة بطفولة العراق وصلت قمتها عندما سئلت الأفعى الأمريكية مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية السابقة عن رأيها بالحصار الظالم الذي تسبب في وفاة نصف مليون طفل عراقي حتى عام 1996؟ فردت: بكل حقارة وسفالة " أن الثمن يستأهل"! عبارة تأريخية لم يتفوه بها أي مجرم لا في التأريخ البعيد ولا القريب، فهل هناك تكريم وإحترام لحقوق الطفل والقيم الإنسانية أكثر من هذا؟ ويقدر جيف سيمونز عدد قتلى العراق منذ فرض الحصار الإقتصادي ولغاية عام 2003" حوالي مليون و700 ألف شخص معظمهم من الاطفال".
إستمرت مأساة الطفولة في العراق لتشهد ذروتها أبان الغزو الأمريكي للعراق، فقد أشارت إحصائيات الحكومة الى وجود(5) مليون يتيم يعيشون في ظروف قاهرة، وحوالي (500000) منهم بلا مأوى وأن 1 من 8 طفل عراقي يعتبر مشردا وفق ما ذكرته منظمة(إنقذوا الطفولة) الأمريكية. وبسبب الهجرة الداخلية والخارجية ترك أكثر من ربع مليون طالب مقاعد الدراسة عام 2008 فضلا عن (760000) طفل لم يلتحقوا أصلا الى المدارس مفضلين عليها الإنخراط الى سوق العمل والشحاذة. كما يعاني(2) مليون طفل من سوء التغذية والخدمات الصحية والتعليمية مما يجعلهم لقمة سائغة للأعتداءات الجنسية وسلعة رخيصة لتجارة الأعضاء. كما ذكرت منظمة(أصوات الطفولة) وجود(11000) طفل مدمن على المخدرات في العاصمة بغداد فقط، وأن المئات من الفتيات أصبحن ضحايا للإغتصاب، وإن(1300000)طقل تتراوح أعمارهم ما بين 8- 16 سنة دخلوا سوق العمل وغالبا ما يتعرضون الى التحرش الجنسي.
لقد بدأ مع الغزو الديمقراطي فصل أكثر ظلاما وعتمة من فترة الحصار الإقتصادي رغم فداحة ظلمته وشدة خسائره، فقد أنتجت ماكنة الإحتلال البغيض جميع أنواع مبيدات الطفولة الفعالة وبمواصفات متطورة وسريعة وبأغلفة متعددة الألوان من التحرش الجنسي والإستغلال الجنسي والإعتداء الجنسي والشذوذ الجنسي والإغتصاب الجنسي والمتاجرة بالأعضاء. وقد ورثتها الشرطة العراقية والميليشيات الطائفية بأمانة وحافظت عليها بل وسعتها لكسب المزيد من الكبائر. ورغم ان وسائل الإعلام تناولت هذا الموضوع الشائك لكن الضوء في الحقيقة كان خافتا ولم يسلط إلا على مساحات محدودة لم تصل الى الزوايا الداكنة، لقلة المعلومات من جهة وضحالة الإحصائيات من جهة أخرى، علاوة على تعمد قوات الإحتلال والحكومة العراقية إخفاء تلك المعلومات خشية إثارة الرأي العام العالمي بعد أن أطمئنت لسكوت الرأي العام العراقي!.
هذا الإخفاق لعدة عوامل منها:ما يتعلق بالأطفال أنفسهم كالخجل والضوابط الدينية والأخلاقية والإجتماعية التي تمنع الأطفال من الحديث عن الجرائم الجنسية التي لحقت بهم. كذلك الخوف من العار الذي سيلازمهم طيلة حياتهم في حالة إنكشاف أمر الإعتداءات الجنسية الذي تعرضوا لها. والخوف من البوح بما تعرضوا له بسبب التهديدات والوعيد من قبل من أغتصبهم سواء من الجنود الأمريكان أو الشرطة العراقية أو الميليشيات بأن العاقبة ستكون أشد في حالة كشف الأمر. أو مخافة أسرهم من الإبتلاء بردود فعل الجهات التي أغتصبت أطفالهم فالسكوت أكثر أمانا من الحديث. إضافة الى عدم إدراك الأطفال أنفسهم حجم تلك المشكلة لقلة وعيهم وإدراكهم وعدم تصورهم للآثار التي ستنجم عنها في المستقبل، مثل الإنطواء عن المجتمع وعدم الإنتماء اليه وربما محاولة الإنتحار، والشعور بالنقص وعدم إحترام النفس، والشعورالملازم بالخوف والإكتئاب، ونزعة العدوان أحيانا على الآخرين، كذلك الإضطرابات السلوكية تجاه الآخرين، الأنحراف الجنسي المبكر. والتوجه الى الإدمان على الخمر والمخدرات، إضافة الى الإضطرابات الصحية والنفسية التي ستلازمهم طيلة حياتهمم.
ومنها ما يتعلق بالضغوط التي تتعرض لها وسائل الإعلام من إدارة الاحتلال وحكومة العراق المنصبة لطمس هذه الحقيقة المرة التي تنافى مع شعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان. وخلال السنوات العجاف السابقة ظهرت تصريحات في وسائل الإعلام الأمريكية والأوربية بشأن هذه المأساة مع تغاضي مقصود من حكومة الأوغاد*3 فلم يظهر تصريح بشأن إغتصاب الطفولة في السجون الإحتلالية والعراقية، وإنما أشير مرة واحدة لظاهرة بيع الفتيات وبالطبع لأغرض جنسية بعد أن أضرمت الشرارة السيدة الفاضلة يناير محمد رئيسة منظمة حرية النساء في العراق بإعلانها عن " إقبال خليجيين على فتيات عراقيات صغيرات في السن مقابل مبالغ مالية وصلت إلى آلاف الدولارات، ليتم التمتع بهن لسنة ثم تركهن في أسواق النخاسة".
وتناقلت مجلة(Time) الأمريكية الموضوع فنشرت" أن أمهات عراقيات يسهمن عمليا ببيع بناتهن الصغيرات بعمر 12 سنة بأسعار تصل إلى 30 ألف دولار، وتعبر بهن منظمات الإتجار إلى أسواق دول الجوار بشكل غير قانوني" فإضطرت الحكومة الى تأكيد وجود تلك الظاهرة في تصريح نشرته العربية نت" إن بيع فتيات عراقيات، ومنهن صغيرات السن، لمنظمات الإتجار بالبشر ثم تسفيرهن إلى دول الجوار، ودول الخليج، ظاهرة موجودة والحكومة تعلم بها وتحاول ردعها "! مع العلم إن الحكومة هي أحد أهم أطراف تلك التجارة! وفي مقال نشره ويليام فيشر من (وكالة أنتر بريس سيرفس) ذكر فيه بأن شركا الخدمات الأمنية الأمريكية العاملة في العراق ومنها سيئة الصيت (بلاك ووتر) التي غيرت أسمها حاليا الى(XE) بعد أنتشار فضائحها متهمة " بإتهامات جديدة تتمثل بممارسة القتل، ودعارة الأطفال، وتهريب الأسلحة، وتدمير شرائط مصورة تحتوي علي أدلة".
تحذيرات لحكومة الإحتلال صدرت من قبل منظمات إنسانية ومنظمات مجتمع مدني عديدة ووسائل إعلام وشخصيات عديدة بما فيهم أعضاء في مجلس الشيوخ الامريكي، لكنها لم تتمكن من إختراق جدار نخوتها المدرع ضد الفضيلة والقيم الإنسانية، أشارت معظمها إلى تفشي ظاهرة المتاجرة بالأطفال لأغراض جنسية وتجارة الأعضاء والأغتصاب في السجون، فقد حذر السيناتور الجمهوري (لينزي غراهام) خلال جلسة إستماع الكونغرس بشأن عمليات التعذيب التي ترتكبها قواتهم الغازية والشرطة العراقية في السجون من" وجود إنتهاكات تتعلق بالإغتصاب". كما كشفت صحيفة الغارديان عن توسع التجارة بأطفال العراق وتهريبهم الى الخارج لأغراض جنسية، وأفصح مراسلها في بغداد عن بيع ما لايقل عن(150) طفلا سنويا بأسعار تنافسية تتراوح ما بين 286-5720 دولار حسب العمر والجمال، ورغم هامشية هذه الأرقام لكن الصحيفة إعترفت بأنه من الصعب الحصول على الأرقام الحقيقية، لكن التجارة بالأطفال بدأت بالإرتفاع منذ عام 2005 بمقدار الثلث!
والمصب الأخير للأطفال هو الأردن وسوريا ودول الخليج العربي إضافة الى تركيا والدول الأوربية. كما تحدثت صحيفة الاندبندنت في مايو 2004 عن وجود " صور جديدة تظهر إعتداءات جنسية وإغتصاب لأطفال عراقيين" بل إنها نشرت رسم كاريكاتوري- يفترض أن ينكس إلاعلام العراقي ونقابة الصحفيين رأسهم خجلا منه- يمثل نصب الحرية عاريا وجاثما على ركبيته تشبها بوضعية سجين عراقي نشرت صورته وهو يعذب بهذه الطريقة في سجن أبو غريب". وكشف تقرير دولي أصدرته (الشبكة الموحدة للإعلام الإقليمي) والتي تنسق نشاطاتها مع الأمم المتحدة عن معاناة اطفال العراق من الاستغلال الجنسي بعد تردي أحوال المعيشة. وجاء في تقرير لها بهذا الصدد حكاية عن قيام إمرأة عراقية ببيع طفليها بأعمار 13 و14 سنة إلى عصابة تتاجر بالأطفال، وغالبا ما يستخدمون للمتاجرة بأعضائهم أو لأغراض الجنس.
بعد ان نقلت منظمة العفو الدولية عن السجين العراقي علي صفار الباوي وصفه لعملية اغتصاب قذرة لطفل عراقي أعتقل معه من قبل الحرس الوطني وحديثه عن اغتصابات أخرى جرت على أيدي قوات الاحتلال، وجهت المنظمة إنتقادات خجولة جدا على غير عادتها للقوات الأمريكية والشرطة العراقية رغم إعترافها بوجود ما لايقل عن(500) طفل معتقل مدعية بأنهم" مقاتلون أعداء ويمثلون هديدا للأمن"! ومن المعروف ان المنظمة الدولية كان لسانها طويل جدا وغالبا ما يخرج عن فمها أبان النظام الوطني السابق لكنها قصرته جدا منذ الغزو الامريكي لأسباب معروفة!
مع هذا لنتصور سخافة الإدعاء بأن أطفال بعضهم بعمر 8 سنوات يشكلون تهديدا للأمن الوطني؟ فأي أمن إذن يتحدث عنه المالكي طالما إن الأطفال بأمكانهم تهديده وزعزعته؟ وهذا يتطابق مع ما نقلته صحيفة الواشنطن بوست عن مسئول في البنتاغون قوله " كل عراقي يعتبر عنصرمقاومة حتى يثبت العكس" *4 طبعا بإسثناء العملاء والخونة المارقين.
وفي تقرير آخر أصدرته الشبكة الموحدة للإعلام الإقليمي حول الشئون الإنسانية أشارت فيه بأن اطفال العراق" يعانون من الإستغلال الجنسي، وإن مئات العائلات العراقية وجدت في تجارة جنس الشذوذ لدى الاطفال مورد معيشة لها في ظل إنسداد الآفاق وتردي الوضع الأمني بالعراق". كما صرح(جونثان ستيل) مراسل صحيفة الغارديان البريطانية بأن سجن الاحداث في الكرخ مكتظ بدرجة كبيرة فسعته الحقيقية لا تتجاوز 250 سجينا أما الاحداث المحتجزون فيه فعددهم 315 حدثا. وينامون في جو حار بدون تهوية او مراوح ولا يسمح لهم بالذهاب للاستحمام ويتعرضون لانتهاكات جنسية بشكل منتظم من قبل الحراس. لذلك حذرت منظمة(مراقب حقوزق الإنسان) قوات الإحتلال بأن عليهم "مراعاة معاملة الأطفال الخاضعين للإحتجاز على النحو المتفق مع وضعهم كأطفال، وإحالتهم للمراجعة القضائية الفورية وتمكين المراقبين المستقلين من مقابلتهم".
وفي تقرير صدر عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق يونامي)، جاء فيه بأن " الأطفال رهن الإحتجاز العراقي يتعرضون لخطر الإساءات الجسدية". وكان الصحفيان السويديان(توربيورن اندرسون وتيريز