وقفة مع غسان الإمام

وقفة مع غسان الإمام

د.خالد الأحمد * 

نشرت الشرق الأوسط في (22/11/2005) موضوعاً للكاتب الصحفي غسان الامام عنوانه : مسيرة الاخوان من صدام إلى رياض الترك

تحدث عن الراحل جمال الاتاسي ، ثم عن خالد بكداش ، وبعد أن ملأ أكثر من (40) سطرا بالبنط الصغير من نشرة (كلنا شركاء ) ، بدأ بالحديث عن الاخوان المسلمين وقد استغرق حديثه عنهم (16) سطرا فقط .

يقول فيها [ كان الاخوان غير منطقيين في محاربة ديكتاتورية الاسد ومحالفة ديكتاتورية صدام ] ...

وعجي من صحفي سياسي يجهل الحقائق الناصعة التي لاتغيب عن قراء الصحف وليس محرريها ،  وهي : أن الاخوان لم يحاربوا الاسد ، بل الأسد حارب الاخوان : فهاهو في مؤتمر حزبي عام (1965) يقول : أما الاخوان المسلمين فلاينفع معهم غير الاستئصال .

وهاهو في عام (1973) يقول للشيخ خالد الشقفة يرحمه الله عندما قابله يتشفع بالمعلمين الحمويين المعتقلين في أحداث الدستور : فيغضب حافظ الأسد ( وينفعل لتخرج من أعماق اللاشعور عنده مهمته التي يخفيها ) ويقول : لأقطعن اليد التي لم يستطع عبد الناصر أن يقطعها ... ولنكون أكثر دقـة ، دفع الأسد الشباب المسلم إلى استخدام السلاح ، فقامت الطليعة المقاتلة التي انشقت عن الاخوان ، ورفضت الانصياع لأوامر جماعة الاخوان واصطدمت مع نظام الأسد بالسلاح . وتحجج حافظ الأسد فعمل على قتل الاخوان المسلمين ، وزجهم في السجون ثم تصفيتهم داخل السجون كما وعد في عام (1965) ، وشرد عشرات الالوف منهم ومازالوا مشردين .

وفي كل مرة كان أزلام حافظ الأسد يدفعون الشباب المسلم إلى استخدام السلاح للدفاع عن دينهم ودمائهم ، وينتهز حافظ الأسد الفرصة لتنفيذ مهمته التي كلف بها ، والتي أوصل إلى سدة الرئاسة من أجلها ألا وهي القضاء على الحركة الاسلامية في سوريا . 

وأرجو من الاستاذ غسان الامام متابعة موضوعاتي التي نشرتها في مركز الشرق العربي وأدباء الشام عن حافظ الأسد ليتحقق مما أقوله ... وليجد الوثائق التاريخية على ذلك . 

كما أن غسان الامام الصحفي ينبغي أن لايغيب عن ذهنه أن صدام هو الذي قدم مساعداته للاخوان المسلمين السوريين المهجرين من سوريا ، والفارين منها خوفاً على دمائهم وأعراضهم من أعتى مستبد وطاغية عربي في العصر الحديث ... ومن البدهي في عالم السياسة أن يبحث السياسي عن من يتحالف معه ضد عـدوه اللدود .

وشهادة للتاريخ قدم صدام حسين للسوريين الفارين من بطش حافظ الأسد وبعضهم من الاخوان المسلمين ، وكثير منهم من البعثيين الذين سبقوا الاخوان إلى اللجوء عند صدام خوفاً من بطش رفيقهم حافظ الأسد  ، الذي ضرب رفاقه البعثيين كي يصل إلى سدة الرئاسة ويملك سوريا في السجل العقاري ( الماسوني ) ، وينفذ ماكلف به من ضرب الحركة الاسلامية .

قدم صدام حسين لهؤلاء السوريين الفارين من بطش حافظ الأسد  قدم لهم المعونات الانسانية ، والمدارس والجامعات لتعليم أولادهم ، واستمر على ذلك حتى سقط حكمه . كما فعل حافظ الأسد مثله حيث آوى الاخوان المسلمين العراقيين في دمشق . 

ويقول غسان الامام أن الاخوان [ قالوا مستعدون للانضمام إلى الجبهة التقدمية في سوريا تحت ظل حافظ الاسد ] وهذا الكلام غير صحيح ، ويفتقر إلى المصداقية ، لأن الاخوان في عهد حافظ الاسد وحتى ولده بشار لايطمعون بأكثر من الغاء المرسوم (49) ، والسماح لهم بالعودة عن غير البوابة الأمنية ، وإلغاء قانون الطوارئ ، والسماح لهم بحرية الكلمة داخل سوريا ... سواء شكلوا حزبا أم بقوا جماعة كما هم الآن . 

غسان الامام مغتاظ جداً من تفاهم المعارضة السورية !!!!

ويبدو أن غسان الامام أغاظه التقاء رياض الترك مع الاخوان المسلمين مع الاكراد من أجل بناء معارضة سورية وطنية قويـة ومتفاهمة تغير نظام الاسد المستبد الذي نهب خيرات بلادالشام ( سوريا ولبنان وغيرهما ) ، والذي يتواطؤ من اسرائيل ومع أمريكا ( امس الخميس دخلت القوات الآمريكية وأنزلت المظليين جنوب البوكمال ) وسوريا صامتة ، بل تكذب الخبر الذي أكده سكان المنطقة ، كما سبق لهم أن قاتلوا جنبا إلى جنب مع القوات الأمريكية ضد الرفاق البعثيين في الجيش العراقي (1991) في عاصفة الصحراء . 

فما الذي يغيظك يا أستاذ غسان !!!؟ مالذي يغيظك من تفاهم المعارضة السورية !! مالذي يغيظك من تفاهم المضطهدين الذين وحدت بينهم أقبية السجون ، وحفلات التعذيب الوحشية على يد أزلام حافظ الأسد ،  والآلام المشتركة ، والحرص على مصلحة الشعب العربي السوري ...

 أما أنا فأقول وصل كل من الاخوان المسلمين في سوريا ، والماركسين بقيادة الاستاذ رياض الترك ، والفصائل الكردية إلى نضـج سياسي لم يسبق له مثيل ، وعرف كل منهم ضرورة التحالف والتلاحم من أجل مصلحة الشعب السوري  ، وهذا يغيظ النظام الاستبدادي ( عصابات المافيا ) في دمشق ، الذي صرح عدة مرات أن مما يغيظه تحالف الماركسيين مع الاخوان المسلمين ، وقد فات النظام أن استبداده وظلمه والقهر الذي مارسه ضد الشعب السوري يوحد ويجمع جميع المضطهدين مهما اختلفت مشاربهم وأصولهم ..

 ويبدو أن تحالف المعارضة السورية وتفاهمها يبدو أنه يغيظ آخرين  غير نظام المافيا في دمشق أيضاً !!! .

              

* كاتب سوري في المنفى