الرئيس بشار بن حافظ: رسالتك وصلت وفهمناها، وإليك الرد
الرئيس بشار بن حافظ: رسالتك وصلت وفهمناها، وإليك الرد
أمير أوغلو / الدانمارك
سيادة الرئيس: فهمنا أن شحوب وجهك واضطراب نبرتك وانفعالك ليس بسبب الضغوط ولكن بسبب وعكة صحية. عافاك الله وشفاك لتواصل المسيرة الخالدة التي بدأها أبوك والتي ستوصلنا إلى جحيم الهاوية.
سيادة الرئيس: فهمنا أننا في سورية الحبيبة نمر بمرحلة صعبة، لها ظروف خاصة وقوانين خاصة وسياسة خاصة، كما هي الحال منذ أربعين سنة. ونقول لك إننا رغم كل هذا ما زلنا نحلم أن نتحول في يوم من الأيام من الحالة الخاصة إلى الحالة العامة التي نشترك فيها مع بقية البشر على هذا الكوكب.
سيادة الرئيس: فهمنا أن المنزل والأسرة هما المؤسسان لمسيرة الإنسان، لذلك لا نستغرب كل ما يصدر عنك وعن رفاقك وأقاربك في الحكم فمن شابه أباه ما ظلم.
سيادة الرئيس: فهمنا أن هناك حربا إعلامية وثقافية ونفسية تركز على الشباب لتفصلهم عن هويتهم وتاريخهم وتراثهم. ونقول لك إن أباك هو الذي بدأ هذه الحرب وقادها وكان أداتها الأولى في بلدنا وهو من دفع الشباب إلى اليأس والهروب من الوطن وهو من قام بغسل أدمغة الناس من مرحلة الطلائع إلى الشبيبة إلى الإتحادات إلى الحزب إلى القيادة، وهو من استسلم للهزيمة المؤكدة وتحول من خيار المقاومة إلى خيار السلام الشامل، وهو من حول الجيش الذي تغذى بدماء الأمة لمدة خمسين سنة إلى مؤسسة لحماية النظام، تخجل أن تطلق رصاصة واحدة باتجاه العدو، ولا تخجل أن تدمر مدنا كاملة في الوطن، ولا أن تسفك دماء العراقيين واللبنانيين والفلسطينيين والأردنيين في جولات الحروب التي خاضتها ضد الأشقاء العرب.
سيادة الرئيس: فهمنا أنكم قوميون عرب باركتم الإنفصال وعملتم على تمزيق وحدة العرب وخضتم أبشع الحروب المخابراتية والعسكرية ضد كل جيرانكم العرب ولم يبق لكم في العالم العربي صديق واحد. ونقول لك لابد أن الكل خونة وأنكم أنتم الشرفاء الوحيدون في عالم العروبة.
سيادة الرئيس: فهمنا أن الإصلاح السياسي يعني اهتزاز البلد، وأن الإصلاح الإقتصادي يعني تحولنا من حالة الغنى التي نعيشها إلى حالة الفقر، وأن الإصلاح الثقافي هو الإنسلاخ عن الهوية العربية، مما يعني أنتا لن نرى إصلاحا سياسيا ولا إصلاحا إقتصاديا ولا إصلاحا ثقافيا، فكل هذه الإصلاحات هي مخططات غربية تريد انتهاك جمودنا وتعفننا وعيشنا في مرحلة ما قبل التاريخ. ونقول لك إن الإصلاح الحقيقي قادم وهو تغيير هذا النظام لأن النظام هو الفساد ولا إصلاح بلا تغيير.
سيادة الرئيس: فهمنا أنكم ترفضون كل توسلات الإتحاد الأوروبي لحضوركم إلى اجتماعه الأخير، وأنكم أرغمتوهم على احترام إقتصادكم الجبار، وهم الآن يبحثون كيفية ربط الأويرو بالليرة السورية لإنقاذه من الإنهيار المحتمل. ونقول لك إن لم تستح فقل ما شئت.
سيادة الرئيس: فهمنا أن هدف الغرب هو إعادة رسم خارطة المنطقة وتغيير وجهها. ونقول لك إننا ندرك تماما دور نظامكم في هذا المخطط، وسبب اختلافكم الحقيقي مع الغرب، وانتهاء المصالحة التي أوصلت أباكم إلى الحكم، وانتهاء الدور المرسوم، والحاجة إلى تغيير اللاعبين، أو القبول بالأهداف الجديدة التي صار من الصعب القبول بها والتي لا تتناسب مع القناع القومي الثوروي المقاوم للغرب والذي تلبسونه منذ أربعين سنة.
سيادة الرئيس: فهمنا أنك تدرك المصيبة التي وقع فيها العراق وتخشى أن تمتد هذه الكارثة إلى دول عربية أخرى أولها سورية. ونقول لك إن الذي أوصل العراق إلى ما هو عليه كان دكتاتورية صدام وتجبر صدام وتكبر صدام، وسياسة الرأي الواحد والحزب الواحد، وإقصاء الشعب، بالإضافة إلى الصفقات التي كان يقوم بها مع الغرب للبقاء في الحكم، وأنك وأباك تلعبان نفس الدور وتكرران نفس السيناريو وتتمتعان بنفس العقلية وأنكم تقودوننا إلى نفس المصير.
سيادة الرئيس: فهمنا أنك نسيت المادة التي درست فيها مقومات الوحدة العربية والقومية العربية. ونذكرك بأن اسم المادة كان السخافة القومية الإشتراكية، وكانت مادة مخصصة لغسيل أدمغة الطلبة وإقناعهم بأفكار حزب البعث العفنة، ولو استطاع الغرب فعلا رغم كل هذه السنوات من الثقافة والتربية القومية أن يحرف الشباب عن هذه الأهداف فهذا يعني فشل تربيتكم الثقافية الإشتراكية التي نعاني منها منذ أربعين سنة.
سيادة الرئيس: فهمنا أنك فقدت التوازن في موقفك تجاه العراق، فأنت تؤكد على تأمين الحدود واعتقال الآلاف من المتسللين، وتعرض التعاون التام مع الأمريكان، وتعترف بالحكومة العراقية العميلة، وتسعى لإقامة علاقات دبلوماسية معها رغم رفضها، ولكنك في نفس الوقت تريد أن توهمنا أنك ضد الإحتلال وضد تفيت العراق.
سيادة الرئيس: فهمنا أنك حزين جدا لخسارتك في لبنان، خاصة إذا إخذنا بعين الإعتبار المكاسب المادية الشخصية والعائلية من لبنان واقتصاد لبنان وأتاوات لبنان، وورقة لبنان السياسية، ولكن هذا لا يمنحك الحق إطلاقا في تلقين اللبنانيين دروسا في القومية العربية وتوزيع شهادات الخيانة والعمالة عليهم، فمن تتهمهم بالخيانة اليوم كانوا أخلص أصدقائك يوم كنت مسؤولا عن ملف لبنان، وكنت أنت الذي تعينهم، وأنت الذي تطردهم، وأنت الذي تنتخبهم، وأنت الذي توجههم. نذكرك أن هؤلاء العملاء والخونة هم الذين حرروا أرضهم بينما لا تزال أرض أبطال العروبة وموزعو شهادات العمالة والوطنية محتلة منذ أن باعوها عام 67 .
سيادة الرئيس: فهمنا أنكم بريؤون من دم الحريري، ولكننا لم نفهم أين كانت مخابراتكم التي تحصي أنفاس الناس وقتها وكيف فاتها جمع الأدلة عن القاتل الحقيقي، وكيف غفلت عن إعطاء أي دليل على تورط أي شخص آخر غير المتهمين الحاليين من رجال الأمن السوريين واللبنانيين.
سيادة الرئيس: فهمنا أنكم مهتمون بمعرفة من قتل عرفات وأنكم تعتبرونه رمزاً من رموز القضية الفلسطينية. ونذكركم بأنكم عندما كنتم تذبحون الفلسطينيين في لبنان كنتم تدرسوننا أن عرفات رمز الخيانة وأن أمه من أصل يهودي وأنه سبب ضياع فلسطين فسبحان من يغير ولا يتغير.
سيادة الرئيس: فهمنا أنكم لن تسلموا المطلوبين الستة ولا غيرهم للجنة التحقيق لأن هذا يعني نهاية النظام، وفهمنا أنكم ستضحون بسورية كلها مقابل بقائكم مع العائلة الكريمة في الحكم، وفهمنا أن السلطة أهم من الشعب والوطن. ونقول لكم إننا على ثقة بأنكم ونظامكم أصل بلاء هذه الأمة وأصل كل ما وصلنا إليه وأن من يريد أن يقف في وجه أمريكا ومخططاتها في منطقتنا فيجب أن يعرف أنه يقف أصلا في وجهكم، فلا منفذ لإرادة أمريكا منذ أربعين سنة إلا أنتم والأنظمة المشابهة لكم في المنطقة، الأنظمة ذات الوجهين، الأنظمة المستعدة لتدمير الأمة والوطن والعرب والعروبة مقابل البقاء في الحكم والاغتراف من خيرات البلاد بلا حساب ولا رقيب.
سيادة الرئيس: فهمنا أنكم تهددون السعودية ودول الجوار (عدا إسرائيل طبعا!!!!) وأنكم أعلنتموها محرقة للبنان لعل دخانها يعمي عنكم الأعين وفهمنا أنكم ستحركون أذنابكم هناك لإثارة الفوضى والدمار، وفهمنا أنكم لم تستوعبوا ولا تريدون أن تستوعبوا بعد أنكم طُردتم من لبنان شر طردة. ونقول لكم إن سياسة إحراق الأرض التي تتبعونها ستعود وبالا عليكم وعلى البلد وعلى الوطن، فإياكم أن تستمروا في هذه السياسة لأن التاريخ والوطن والشعوب ستلعنكم إلى نهاية الزمان إن أنتم أصررتم على السير في هذا الطريق في سبيل مصالحكم العائلية والشخصية والحزبية.
سيادة الرئيس: فهمنا أنكم لن تحلوا مشكلة الأكراد ولن تصدروا قانونا للأحزاب ولن تعترفوا بمعارضة لا في الداخل ولا في الخارج ولن تسمحوا لأحد بأن يرفع صوته ولن تتركوا هذا الشعب يتنشق أنفاس الحرية. ونقول لكم إفعلوا ماشئتم فلن تستطيعوا أن توقفوا حركة التغيير التي انطلقت في سورية ولن تستطيعوا أن تقفوا في وجه التاريخ ولن تستطيعوا أن تستغفلوا الشعب إلى ما لا نهاية، فقد انتهى عصر التبعية السياسية العمياء (كما تقولون) وانتهى عهد الحزب الواحد والقائد الواحد، وانتهى عصر العائلة الحاكمة، وسينتصر الشعب الذي أحنيتم رأسه ومرغتم أنفه في التراب في أقبية المخابرات وسجون القهر والتعذيب، ثم جئتم تتبجحون بأنه الشعب الذي لا يخفض رأسه!
سيادة الرئيس: فهمنا بأنكم غير راضين عن أداء الإعلام السوري. ونقول لكم إنه إعلام غبي ذو خطاب ستاليني متحجر يعود إلى أوائل القرن الماضي وأنه مهما فعلتم فلن تستطيعوا التوفيق بين هذا الإعلام التعيس وبين الشعب، ولا بين هذا الإعلام الغبي وبين المواطن العربي، ولا بينه وبين الغرب، فإعلامكم إيديولوجي من عصر الديناصورات وهو مطابق لفكركم وثقافتكم وتربيتكم وستبقون في آخر دول العالم ولن يتغير إعلامكم قبل أن يتغير نظامكم كله.
سيادة الرئيس: فهمنا أنكم لا ترون ضرورة لمصالحة وطنية وأن الوحدة الوطنية هي عكس الحرب الأهلية، وبما أنه ليس لدينا حرب أهلية فمعنى هذا أن وحدتنا الوطنية رائعة وأننا لا نحتاج إلى مؤتمرات ولا إلى معارضة ولا إلى أصوات أخرى. ونقول لك إن الوحدة الوطنية قد قضى عليها نظامكم تماما، وأن ما ترونه من تماسك شكلي في الوطن هو بيت من الورق سيُدمر عند أول هبة ريح حقيقية كما حصل في يوغسلافيا والعراق. لقد دمرتم الوحدة الوطنية بشكل منظم ومدروس منذ وصول حزبكم إلى الحكم عام 63 وذلك بقصد التمكن من السيطرة على الوضع، ولعبتم لعبة الطائفية القذرة لتتمكنوا من تمزيق وحدة الشعب والقضاء على كل المخالفين والمعارضين، وبذرتم بذور الطائفية العفنة والقومية المشوهة ورعيتموها حتى كبرت واستطالت ونمت وترعرعت، وستكون وبالا على هذا الوطن وسببا في تمزيقه إن لم يتداركنا الله بلطفه وإن لم يدرك الشعب هذه اللعبة ويعمل على إحباطها ووضع حد لها في المستقبل القريب.
سيادة الرئيس: فهمنا أنكم ما زلتم تستغبون الشعب وتريدون منه أن يقف معكم ليدوم الظلم والفساد والفقر والتخلف في البلاد، بحجة أن القادم أخطر وأظلم وأسوأ. ونقول لكم لا فرق بينكم وبين القادم ولا يمكن مقاومة القادم والوقوف في وجهه ما لم نقاوم الظلم في الداخل ونقف في وجهه، والقضية تتلخص بكلمة واحدة: "أنتم وأمريكا وإسرائيل في خندق واحد والشعب السوري في الخندق الآخر" والسلام.