هل تقبل يابشار أن يعاملك ميليس كما عاملت أنت وأبوك شعبنا؟

هل تقبل يا بشار أن يعاملك ميليس

كما عاملت أنت وأبوك شعبنا؟

أمير أوغلو / الدانمارك

[email protected]

 

يظهر علينا مؤخرا باستمرار أحد محامي الدفاع عن النظام السوري على شاشات الفضائيات العربية والأجنبية المختلفة محاولا تلميع صورة النظام في الخارج وإظهاره بمظهر الاعتدال والإصلاح والديمقراطية السلحفائية والمواقف العربية المتميزة والدفاع عن  حقوق العرب ومواجهة أمريكا إلى آخر الأسطوانة المشروخة التي مللنا من سماعها وتكرارها إلى حد الغثيان. 

الموظف الجديد في الإعلام السوري يتميز بالمقارنة بسابقيه، من أمثال شعبان، والحاج علي، ودخل الله، بشيء من المنطق والهدوء وعدم التهجم على الجميع ولكنه يحمل نفس الفيروسات المرضية ونفس الديماغوجية الحزبية التعيسة التي تظهر بين فترة وأخرى في ثنايا كلامه فتفسد كل ما حاول أن يصلحه في ساعة كاملة من الكلام والحوار وتوجيه النصائح للشرق والغرب على الطريقة البعثية إياها. 

في أحدى مقابلاته الأخيرة مع محطة إي إن بي اللبنانية بدأ الموظف السوري مدفوع الراتب والذي يعيش في لندن ويرأس جمعية إصلاح وجه النظام هناك، بدأ يقطب جبينه ويعصر عينيه ويضغط على أسنانه حزنا وألما من معاملة المجتمع الدولي للنظام السوري البريء والذي لم يعرف الضغوط ولا العنف في كل تاريخه المجيد الممتد من الأب إلى الإبن، وصار يؤكد على أن هذا المجتمع الدولي الجديد لا يفهم إلا لغة الضغوط والإرهاب وأنه لم يعط النظام السوري أية فرصة لإثبات حسن النوايا وأن النظام السوري للأسف مدان حتى تثبت براءته على عكس القاعدة القضائية العامة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. 

تعالوا نسأل البروفسور المتباكي على النظام، ونسأل رئيسه وصاحب نعمته السؤال التالي: 

هل تقبلون أن يعاملكم المجتمع الدولي والنظام الدولي الجديد وميليس كما تعاملون شعبكم السوري الصامد الصامت منذ أربعين سنة؟ 

نقترح هنا مثلا أن يلقي ميليس القبض على المشتبهين الستة و يغطي  وجوههم ويرسلهم إلى فروع المخابرات التي يديرونها، استكمالا للعدل ولكي لا يظلمهم، ثم يقول لزبانية التعذيب هناك: إليكم بعض الخونة من الإخوان المسلمين ومن أعداء النظام ومن عملاء إسرائيل يجب عليكم أن تحصلوا على اعترافاتهم الكاملة بأنهم قتلة الحريري في لبنان وأنهم يريدون توريط سوريا! 

ماذا تتوقعون أن تكون النتيجة؟ كل مواطن سوري يعرف النتيجة مسبقا، وربما يعرفها كل مواطن عربي على اطلاع حقيقي على أوضاع قوى الأمن والإرهاب في بلده. 

بحسب هذه الفرضية سيوفر ميليس على نفسه وعلى المجتمع الدولي الجهود والأموال والوقت وسيحصل على مايريده بأسرع مما يتوقع وستنتهي قصة حزب البعث السوري كما انتهت قصة حزب البعث العراقي وسيفرح الشعب السوري يومئذ بالفرج بعد سنوات العسر. 

للأسف لا يمكن أن يحصل هذا لأن معاملة الأسد ووالده وحزبه للشعب السوري غير قابلة للتكرار في أي مكان من هذا العالم ولا يمكن لبشر يملك مثقال ذرة من ضمير أن يستعملها ضد أعدائه ناهيك عن شعبه. 

يتباكى ممثل النظام في لندن على أن سوريا وضعت في موضع الإتهام وأن عليها أن تثبت براءتها! فعلا ياللظلم! ولكنه يتناسى أن النظام وضع كل الشعب السوري في موضع الإتهام وطلب منه أن يثبت براءته وإخلاصه للرئيس الأوحد الملهم ولابنه الذي رضع لبان الحكمة في عرين الأسد. يتناسى مصير من قال أو يقول لا للرئيس في بلدنا الحر. يتناسى مصير من يشكك في صلاحية حزب البعث لقيادة الأمة. ويتناسى مصير من يعارض بالكلام ناهيك عن الفعال. 

يتساءل مندوب النظام حزينا: ما هي الدلائل والقرائن التي تدين النظام ولماذا تحاسبوننا على الشبهة؟ ونحن نسأله بدورنا ألا يكفي في شرعكم أن يوجد اسم الشخص في دفتر هواتف أحد أقرباء المعتقلين في سجونكم لكي يقضي في تدمر خمسا وعشرين سنة؟ ألا يكفي في شرعكم نقل مقال من الإنترنيت إلى صديق ليمكث الشاب في السجن بضع سنين؟ ألا يكفي في شرعكم تلاوة رسالة على الملأ للرحيل إلى المجهول؟ ألا يكفي في شرعكم أن يزور امرؤ صديقه في اللحظة الخطأ لكي يجد عنده رجال أمنكم الأشاوس فيضيع مع صديقه في غياهب النسيان؟ 

إن العدل وكمال العدل أن يعاملكم المجتمع الدولي بحسب شرائعكم وقوانينكم هذا إن صح أن نسميها قوانين وأنتم تعترفون بأنفسكم أنها قوانين للطوارئ التي لا تنتهي، الطوارئ التي بدأت لحظة وصولكم إلى الحكم ولن تنتهي قبل رحيلكم عنه، لأنكم أنتم الطارئ الوحيد على هذا البلد وعلى هذا الشعب.