خطاب الأسد والعنتريه الفارغة
علي الأحمد/ لندن
كنت سأستغرب تماما لو كان ما جاء في خطاب بشار الأسد بالأمس غير ما سمعناه . وسوف اختصر كل ما قاله بجملة واحده : العنتريه الفارغة .
نعم فقد كان واضحا أن يرتجف ومضطرب وهو يقول انه يتحدى ويواجه ويصمد ، وظل يعتمد على اسلوب التهييج ومخاطبة عواطف الجماهير المسكينة التي وجدت نفسها فجأة أمام معركة كبيرة ليس لها فيها ناقة ولا جمل .
نعم كان غريبا جدا ان يقول بشار غير ما قال ، هل كان من المعقول ان يقول: نعم نحن عملنا على خراب لبنان وانهيار سوريا ؟ او مثلا ان يقول نعم لقد اخطات اجهزتنا الامنيه وقامت بانتهاكات فظيعه في لبنان وربما كانت احدى تلك ( الاخطاء ) الجريمه البشعه لاغتيال الحريري ؟ او هل كان متوقعا ان يقول بشار انهم اهانو الشعب السوري من خلال حكمهم له خلال عقود عن طريق البطش والقوه والسجون ؟ او مثلا هل كان من المتوقع ان يقول بشار : اننا نقر بتقصيرنا واخطائنا واسلوبنا السيء في الحكم ، ونقر بان الشعب اللبناني كرهنا وملنا وطردنا يوم 14/2/2005 ، واننا خرجنا من لبنان بعد ان حولناه الى بلد جائع فقير منهك وان ما سرقه وما خربه رؤساء اجهزتنا الامنيه عن طريق بنك المدينه وغيره كبير وفظيع .
العنتريه الجوفاء الفارغه الممقوته هي نفسها التى كان وما زال يمارسها زعماء النظام الدكتاتوري في سوريه ، شعارات جوفاء ممجوجه وتصفيق بارد ، وشعب مسكين يتم اجباره لكي يحتشد ويهتف ويصرخ بالروح والدم ، ورجال دين بؤساء يقفون بين الجموع في الخارج من غير ان يتم توفير كرسي لهم بين المئات في الداخل .
منظر مالوف تماما في الحياة السوريه منذ ان استلم البعث الحكم في سوريا ، الضجيج والجعجعه الفارغه والشعارات التى ليس لها اي مدلول في الواقع ، هو تكلم مثلا عن التلاحم : هل يوجد شيء اسمه تلاحم في سوريا ؟ الجواب ان هناك مجموعة حاكمه متلاحمه لان مصالحها مشتركه وهي اقليه قليله بينما الاكثريه المحكومه تعاني الفقر والفاقه والتمييز في المناصب ، ويهاجر عدد كبير منها الى الخارج سعيا وراء لقمة العيش الشحيحه في الوطن الغني بالخيرات والممتلئ بالطاقات ولكنها مبعثره ومفرقه وفي معظم الاحوال مبدده بين الفساد واللصوصيه .
وتكلم ايضا عن الايمان وان المؤمنين سينتصرون وان الشعب المؤمن سينتصر ، صحيح تماما ان الشعب المؤمن لا بد ان ينتصر ولكن من هو ذلك الشعب المؤمن؟ وسينتصر ضد من ؟ ان الشعب المؤمن يا سيادة الرئيس هو الشعب البسيط المسكين المكافح وراء لقمة العيش التى حرمته من ان تكون سهلة موفرة ويسيره ، وجعلته يسافر ويتغرب لكي يحصل عليها بالكد والعرق بعيدا عن الوطن ، اما على من سينتصر وضد من فانه بلا شك سوف ينتصر ضد ظلمكم وبطشكم وارهابكم واجهزة امنكم ، وبعد ذلك سينتصر ضد الاعداء الخارجيين المتربصين بالوطن ، وما لم ينتصر عليكم وعلى بطشكم فلن يستطيع ابدا ان يصمد وينتصر على الغزاة الخارجيين .
ان بشار – في هذا الخطاب الاستعراضي- اختار المواجهه امام الضغوط الخارجيه لانه لا يملك غير ذلك ، وهو يريد ان يستجر الشعب السوري الى معركه خاسره سلفا اختلقتها اجهزة امنه الباغيه بسبب تصرفاتها القمعيه ، هل يملك مثلا ان يسلم اخوه وزوج اخته الى السجن والمحكمه؟ طبعا لا يستطيع لانهما اصحاب نفوذ وقوه وربما قتلوه قبل ان يفعل ذلك ، هل يستطيع ان يستقيل ويترك البلد ؟ ولمن سيتركه لمجموعه من القتله واللصوص من رؤساء الامن الذين يتحكموا بكل صغيره وكبيره في سوريه وهو يعلم ذلك عنهم اكثر من اي شخص اخر .
ان سوريه بعد هذا الخطاب تتجه نحو مصير مجهول يقودها اليه مجموعة من الطائشين وعلى راسهم بشار ، واني على ثقة تامه ان الشعب السوري واعي جدا ومدرك لذلك ولن يركب معهم ابدا في مركبهم الهالك ، صحيح انه شعب مرعوب وخائف من بطش الامن ولكنه عندما تحين ساعة الصفر فلن يذرف دمعة واحده على تلك المجموعه من اللصوص والطائشين الذين يقودهم بشار الى هلاكهم .
لقد اختار النظام طريقا ليس لهم سواه بسبب ما قدموه وما اقترفوه من جرائم وهم يدافعون الان عن حتفهم الذي جرهم اليه صلفهم وغرورهم وبعدهم عن الحق والعدل والخير وكما يقول المثل العربي ( يداك اوكتا وفوك نفخ ، وانت جنيت على نفسك) كانو يطنون انهم قادرون على عمل اي شيء في سوريا ولبنان مهما كان بشعا وفظيعا ، وانهم قادرون بعد ذلك على لفلفته وتسويته والمشي في جنازة من يقتلوه كما كانو يفعلو دائما ولكن الله تعالي قال لهم كفى كفى لقد قتلتم ما فيه الكفايه وارتكبتم من الفظائع ما يكفي وقد جاء وقت القصاص منكم ، ربما كان ذلك على يد الغرب وامريكا ولكن الغرب وامريكا والجن والانس كلهم انما هم جنود يسخرهم الله تعالى للقصاص ممن يحاربه ويحارب دينه وعباده الصالحين.