الجهاديتين السنية والشيعية من يقطف قصب السبق
الجهاديتين السنية والشيعية
من يقطف قصب السبق
يا قدس إنا قادمون..!!
ميخائيل عوض
تعبير الجهادية يبدو لنا أكثر دقة من تعبير المقاومة في توصيف الحالة الإسلامية التي امتشقت السلاح لتحقيق غاياتها السامية الوطنية والقومية والإنسانية بدوافع عقيدية دينية، وفلسفات الجهاد المقدس بمحفزاتها وشرعياتها وحدودها، وغيرها من الدوافع والمبررات، إضافة إلى أن تعبير المقاومة التبس مع صفة الإرهاب التي أطلقها الغرب وحلفه على أفعال المقاومة، التي لم تنجح ولا نجح حلفها في فرض تعريف يميزها عن الإرهاب تساوقا مع القانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان، والمواثيق الدولية التي أقرت في زمن التوازن والنهوض الشعبي الثوري..
الجهادية صفة إسلامية تطابق أفعال الحركات والجماعات التي اتخذت منها وسيلة لتحقق أهدافها في طرد المحتلين، وإسقاط الطغاة، وأعوان المحتلين الأجانب لأرض العرب والمسلمين، وإقامة حكم شرع الله المستند إلى الكتاب والسنة، وجبه الغزوات التي تركزت منذ قرنين ونيف واشتدت في النصف الأخير من القرن الماضي وتركزت في العقد الأول من القرن الحالي على منطقة العرب والمسلمين لأهميتها الجغرافية والاقتصادية، والقيمية الثقافية، ولأنها كانت ومازالت عصية عن الإخضاع تقاوم مرة تحت لواء القومية، وثانية تحت لواء اليسار الاجتماعي الوطني وثالثة تحت لواء الإسلام وقيمه الإنسانية، والأخلاقية..
صعدت الجهادية الإسلامية قبل أن تفترق على صفة الشيعية، والسنية، دعوية جهادية أوهابية أو سلفية، حوزة صامتة أم حوزة ناطقة، بدفع الحاجة الاضطرارية وتلبيتها بعد أن فشلت الظاهرات القومية واليسارية وسقطت دون تحرير فلسطين وتوحيد الأمة، وقيادتها إلى حقبة نهوض تستعيد فيها مكانة تحت شمس الأمم وكانت ذروتها ونقطة بداية نهوض الحالة الإسلامية هزيمة 1967، ثم رحيل عبد الناصر، فحرب الأردن 1970، امتدادا إلى الحرب الأهلية اللبنانية وخيانة مصر السادات وما أعقبها من هيمنة حقبة السعدنة والساداتية..
تعززت مع انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، وشعاراتها للتحرر الوطني لا شرقية ولا غربية، جمهورية إسلامية، وشعاراتها والتزاماتها الاجتماعية الإنسانية, "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ"(القصص 5)
توافقت الحاجة للحالة الإسلامية وبداية صعودها مع تورط الاتحاد السوفيتي في غزو أفغانستان لفرض سعادة على شعبها قسرا مخالفا تعاليم ماركس وقوله، من يحاول فرض السعادة على شعب كأنما يضطهده، وتكاتف الوهابية ونظمها مع السي أي إيه لإسقاط الاتحاد السوفيتي وتفتيت وإشغال فتوة الأمة عن قضاياها وخاصة قضية فلسطين والتحرر في حروب ليست حروبها بل حروب الامبريالية الأمريكية لتعميم نموذجها الليبرالي الانكلو- ساكسو- صهيوني ومظالمه على أنقاض الاتحاد السوفيتي وحركات التحرر التي أطلقتها تجربة البلاشفة ونصر الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية..
تراجعت الحركة القومية وتقوقعت، عندما غنمت نظم، ودول، أو أموال ومكانة سياسية، فعجزت، وكفت عن القتال، وتراجعت حركة اليسار الاجتماعي الوطني عندما غرقت بالكيانية المحلية، وأفسدت بأموال النفط ومباهج سلطات الأمر الواقع في التجارب اليمنية والأردنية واللبنانية، وأشباهها من تجارب التطور اللارأسمالي فتقدمت الحركة الإسلامية بتلاوينها ومنابتها وعناوينها المختلفة لحمل الراية، وتلبية الواجب في صراع مرير اسه قومي تحرري, لا تستقيم أمور ولا تقوم قيامة الأمم ولا تنشأ وحدات ما فوق قومية إلا بعد أن تحرر كل امة على حدة، بحسب قول لينين والاتحاد الأوروبي شاهد ناطق والتجارب الناشئة في أسيا وأمريكا اللاتينية والكاريبي تخط سمة لعصر ما بعد القومية، محفز على تصعيد العقائد الدينية الأممية الدعوة في أصلها وحراكها.
تجمعت كل العناصر المؤسسة لصعود الحالة الإسلامية، فالاتحاد السوفيتي سقط في أفغانستان، وتفكك، والعراق هزم في حرب عاصفة الصحراء، ومصر انتقلت إلى الضفة الأخرى، وسورية انكفأت إلى الإستراتيجية الدفاعية، وأمريكا سادت بعد سقوط جدار برلين، فتغير العالم وتحول إلى التدين، دين يستوجب المقاومة لتحرير الأمة وتوحيدها لانجاز حقبتها الحافزة حقبة التحرر الوطني يستفزه دين يبرر عدوانية امبريالية لتفكيك ما بقي من الأمة والهيمنة على أرضها وثرواتها، وإعادة تشكيل مجتمعاتها قبائل تحترب، ونظم تتقاسم فيها الطوائف والمذاهب والاثنيات الحصص والمكاسب لتحصد الشعوب الحروب والأزمات المفتوحة..
وتسقط منظمة التحرير الفلسطينية في حصنها لبنان، وتجرف بسقوطها الحركة الوطنية، وتجربتها القاصرة أصلا تحت جنازير الدبابات الإسرائيلية، ووهم التفاوض والبحث عن دولة فلسطينية ولو على شبر، مفاوضات قادها أبو مازن منذ عام 1980 وغطاؤه نايف حواتمه بشعار الدولة الفلسطينية ولو على ظهر حمار، لتقوم محاولة بائسة لنظام لبناني مكتئب يوقع اتفاق 17 أيار..
بدفع من تأثيرات الثورة الإسلامية الإيرانية ومشروعها التحريري، ووجوب مقاومة المحتل الإسرائيلي بعد أن فرغت الساحة وتفرقت القوى الوطنية اللبنانية والفلسطينية مهزومة، تشكلت بيئة مناسبة لإطلاق امة حزب الله بعد سلسلة من العمليات النوعية في وجه الاحتلالين الإسرائيلي والأطلسي لتبدأ قصة من نوع مختلف..
على خط مواز، وتحت نظر الاستخبارات الأمريكية، وتمويل السعودية، ودول نفطية عربية، وتعبئة وهابية واسعة التأثير بإمكانيتها وطرائقها ووسائطها الموفورة، اجتمعت إرادة شباب مسلم حفزتها الحملة ضد الشيوعية ووجوب مقاتلة الغزاة من اجل الحرية، وتحرير المسلمين في أفغانستان، والبوسنة والهرسك من هيمنة النصارى الصليبيين والشيوعيين أعداء الله تشكلت منظمة القاعدة بسعي من الشيخ عبد الله عزام الذي أسهم أيضا بتأسيس حماس في جبال ووديان أفغانستان في معمعة الجهاد ضد السوفييت الكفرة.
هزم السوفييت، وخرجوا من أفغانستان، فاختلف المجاهدون واحتربوا وعاثوا في الأرض المحررة تدميرا واحترابا، ليخرج من جبال الفقر الأفغانية والباكستانية رهط من الشباب المؤمن من طلبة المدارس الدينية المنتشرة في مخيمات اللاجئين ومناطق القبائل الباكستانية بدعوة للخلاص من المجاهدين المختلفين على الحكم وإدارة مزارع الأفيون ومصانعها وتجارتها، وبدفع وتغطية من المخابرات الباكستانية وفي بيئة البشتون صعدت حركة طالبان سيل جارف أسقط سلطات الأمر الواقع المحتربة واحتوت سلطات قادة العشائر وأمراء الحرب، أما في لبنان فقد صادر المسار اتفاق الطائف والقبضة السورية القاسية التي ضبطت التوازنات وأمنت بيئة صحية لصعود الجهادية الشيعية ..
تنقلت القاعدة وقادتها بين السعودية التي لم تلبي رسالة الشيخ أسامة بن لادن للتخلي عن طلب العون من أمريكا والغرب النصراني لتحرير الكويت، بمقابل توكيل المجاهدين المسؤولية لتحرير الكويت وهم قادرون وتجربة أفغانستان نموذجا، ولما رفضت رسالته، وحوصر بطلب من الاستخبارات الأمريكية وشركة بلاك ووتر المتعهدة حماية أبار النفط وخطوط النقل والاسرة السعودية رحل إلى السودان حيث الدعوة فتية لدولة إسلامية يقيم فيها المشاريع ويبني الطرقات والبنى التحتية ويقيم معها المعسكرات ومناطق إيواء المجاهدين العائدين من مهمة تحرير أفغانستان المرفوضون من النظم وأجهزة الأمن التي عملت على تطويعهم وتمويلهم وإعدادهم بقصد إفنائهم واستنزاف السوفيت لا انتصارهم وعودتهم بما يحملون من ثقة بالنفس وبالنصر وتحرير الأمة وتوحيدها عملا بنصوص الكتاب المقدس ودرجا على ما فعله السف الصالح..
طابت الإقامة للشيخ وإتباعه لكن السلطة الفتية لم يطب لها تحمل الكلفة فألحت عليه بالرحيل وما كان له إلا العودة إلى أفغانستان فالطالبان حكومة إسلامية قابلة للنصح وطالبة للدعم والتبني ووفية لمن قاتل من اجل تحرير أفغانستان..
هناك تجمعت كل العناصر وتأمنت الشروط الضرورية لصعود الظاهرة الجديدة، وهنا في بيروت وبلاد الشام كانت الأمور تسير على ذات الهدى تستعجل ولادة مقاومة من طابع مختلف تتقدم لمهمة التحرير والدفاع عن فسطاط الإسلام إلى قيامة الساعة ..
هناك مخابرات باكستانية تريد الهيمنة على أفغانستان، وإخضاعها كي لا تشيع فوضى تضرب فيها, وهنا سورية وإيران واتفاقهما على إسقاط اتفاق 17 أيار وإلحاق الهزيمة بإسرائيل والحلف الأطلسي والوسيلة المقاومة وجبهة خلاص وطني..
على خط مواز في الصومال فراغ واحتراب وتصفية حسابات ساحة مفتوحة لكل مريد في بيئة ثقافية واجتماعية إسلامية، وفي فلسطين قنوط وإحباط من النظم، ومن مقاومة الخارج التي هزمت وتفرقت تلوذ بالتفاوض بديلا، وعدوان مستمر، وانتهاك حرمات، وإفقار، ومساجد تدعوا للجهاد، والإسلام هو الحل، وتحرير القدس يأبى إلا على يد المسلمين، وجيش محمد سوف يعود، دعاته يشعلون الانتفاضة الأولى بشعاراتها وبنيتها وكادراتها غزاوية لاجئة في وطنها، فقيرة المنشأ، متعلمة، إسلامية العقيدة، تعمق وعيها ومعرفتها بالله والرسول في سجون الاحتلال .
بيئة محلية، وإقليمية ودولية، سياسية وثقافية، ومهام راهنة لا تقبل التأجيل مقرونة بعجز القوى السائدة، وحضور نوعي لقوى حاضنة وداعمة، وحاجات تاريخية تحتضن من يتقدم لانجازها..
هنا جهادية إسلامية تنافس وتشق طريقها وتتقدم على أترابها لا بأس إن كانوا يساريين أو قوميين سوريين أو قوميين عرب، فالتجاوز قانون الحياة يخسر فيه من يتخلف، وهناك مقاومة تريد تلقين من ورط وتخلى درسا، وتسعى لتحرير الأمة مادام إسقاط الاتحاد السوفيتي وإنهاء ظاهرة الشيوعية أمر ممكن وميسور بالجهادية الإسلامية..
تقدمت الجهادية الإسلامية الشيعية في لبنان وحققت فتحا استراتيجيا في الصراع العربي الصهيوني وغيرت من قواعد التوازنات في لبنان، وفي الصراع العربي الصهيوني، وفي فلسطين تشكلت حماس والجهاد وفي الصومال القاعدة والشباب المجاهد، والمحاكم الشرعية، وفي افغانستان تقدمت القاعدة والطالبان، ، وصممت على تلقين الأمريكيين درسا وإنذارا بإشارات سقوط الإمبراطورية وانهياراها بدء بانهيار رموز سيطرتها وتفوقها: البنتاغون، وبرجي التجارة العالمية. هنا تجربة في العمل الجهادي ارتقى إلى عمليات استشهادية نوعية فردية، وصار الشهيد يرتفع لا يسقط وتقام له حلقات التبريك، لا المأتم وهناك عمليات استشهادية نوعية جماعية بالطائرات لا بالسيارات والدراجات في سباق إلى بيت المقدس بين الجهاديتين ومازال الماراتون لم يبلغ نهايته ولم يكتب لإحداهما خطف قصب السبق فمن يقطفه؟؟
بين الجهادية السنية والجهادية الشيعية تقاطعات واختلافات
بعد نحو عشرون سنة على تأسيس القاعدة، وإحدى عشر سنة على إعلان الجبهة العالمية الإسلامية لمقاتلة الصهيونية والصليبية" 1998"، وأربعة وعشرون سنة على إعلان تأسيس امة حزب الله يمكن ضبط التقاطعات والاختلافات بين الجهاديتين ونرصد بعضها على النحو الأتي:
- تتفقان على الله عز وجل، وعلى كتابه العزيز، وعلى آيات الجهاد، والتضحية في سبيله.
- تتفقان على العدو، الصهيونية ورأسها إسرائيل والغرب العدواني الانكلو- ساكسو- صهيوني ومقاتلته لتحرير الأمة وتوحيدها تحت راية الاسلام..
- تسعيان إلى بيت المقدس وفلسطين من البحر إلى النهر ولو طال الزمن، وترفضان المهادنة والمصافحة والاعتراف والتفاوض.
- تعتمدان الجهادية بكل أشكالها وأهمها وافعلها الجهادية المسلحة.
- تدعوان الأمة وشعوبها إلى التضحية والجهاد والنهوض في وجه الظلم والياته، والاحتلالات وعملائها وتسعيان لتعميم ثقافة الجهاد والمناصرة .
أما أوجه الاختلاف فباينه وأكثرها واقعي عملي وضعي لا سماوي ولا الهي، ما خلا التباينات العبادية بين المذاهب والشيع وبحثها في مكان آخر :
- الجهادية السنية لا حدود لها، ولا ساحات مقيدة، ولا أهداف مرحلية أو شعارات تكتيكية، لا تعترف بالكيانية ولا تقيم لها وزنا، ولا تحترم لها شأن، تقاتل في جهات الأرض الأربعة وساحة عملياتها الكرة الأرضية وحيث ملكت أيمانها واستطاع جهادها ومجاهدوها، تضرب في نيويورك وتقاتل في أفغانستان، وباكستان، والصومال، والعراق، والسودان، واليمن، وتحاول في الأردن والسعودية وتبني قواعد في غزة والضفة وعينها على لبنان تؤسس على قواعد ترسخت، وتصر على انه ارض جهاد لا نصرة فحسب..
- الجهادية الشيعية حدودها وساحاتها محددة، تعتمد خطاب تكتي، ومرحلي، وتعتمد سياسات واقعية في ممارساتها وعلاقاتها، أولوياتها: نهضة إيران، وتحولها إلى قوة إقليمية مرهوبة، فضائية ونووية، ومهادنة ومفاوضة أمريكا وحلفها مبرر، وجائز في حدود تحقيق الأولوية، وجهدها تحرير لبنان وجنوبه، وحفظه، وحمايته وتأمين مصالح الشيعية بالتوازن، والوفاق، وصد الحروب والحملة على المقاومة بكل طريق ووسيلة، وتثبيت نموذجها لتعميمه ومناصرة فلسطين ومقاومتها بالموفور والممكن من النصح والإمكانات، وملامسة مناصرة المقاومة العراقية بحذر وبما لا يمس مصالح الشيعة وأحزابهم وزعاماتهم والمصالح الإيرانية .
والجهاديتين تحاذران الاشتباك والاختلاف فيما بينهما بقدر محاذرتهم لتهمة التعاون والتنسيق والتكامل وان حصل فعن بعد بقوة الواقع وتقاطع المصالح والعدو المشترك والهدف المشترك لا أكثر ولا اقل..
الجهادية الشيعية تميزت وتقدمت أشواطا، فحققت انتصارات ملموسة، تكرست وقائع معاشة بتحرير لبنان وطرد المحتل تحت النار دون قيد أو شرط ودون مفاوضات، وحققت نصرا بائنا على إسرائيل وحلفها الكوني في حرب تموز وتردداتها في الحرب الكونية للتدويل، وللفتنة، وحسمت في وجه حكومة القرارات الظلامية، أما السنية فمازالت تسعى لانتصارات إن تحققت ستكون أثمن وأكثر أثرا واستنهاضا تبدو ملامحها في الصومال، وأفغانستان وباكستان، وتستعجل حضورا وازنا في العراق، واليمن، والسودان، وغرب ووسط إفريقيا وعينها على مكة ونفط السعودية وملكها....
على غير ما هي عليه الصورة والحالة في الإعلام والوعي، فالجهادية السنية تقاتل في سبعة جبهات حرب مفتوحة بين العرب والمسلمين والغرب الانكلو- ساكسو- صهيوني، فلسطين، الصومال، السودان، العراق، أفغانستان، باكستان، غرب ووسط إفريقيا، وأبلت بلاء حسنا ناهيك عن الحرب الإعلامية، والأمنية، وقدرتها الضرب في قلب الولايات المتحدة وأوروبا" مسألة الأهداف المدنية، والناس الأبرياء، وهل يجوز الرد بالمثل على ارتكابات إسرائيل وأمريكا والأطلسي وموقف الإسلام منها تبحث في منزلة أخرى" وخوضها الحرب العالمية باتجاهات رياح الكرة الأرضية الأربعة، وحققت انجازات تأسيسه اما الجهادية الشيعية فقد قاتلت وتقاتل حصرا في جبهة لبنان وجنوبه، وميزتها التي قدمتها نوعيا عن الجهادية السنية أنها على خط مباشر في الصراع العربي الصهيوني، واشتباك واضح مع إسرائيل حتى أن الجهادية السنية- الجهاد وحماس- اتهمت بالتشيع لتأثرها بنموذج المقاومة الإسلامية في لبنان الأمر الذي لم يتحقق للجهادية السنية وحط من قيمتها، وسمعتها التي ظلت موضع التباس لعدم الاشتباك مع إسرائيل مباشرة" فاحتلت الشيعية دورا محوريا، وصارت قبلة الأمة وعنوانها الأكثر وضوحا، عدتها وعتادها ونموذجها في حربها التحريرية بينما الجهادية السنية مازالت في موقع المتهم، والصورة السائدة أن السنة في حالة تخلف وكمون وولاء للغرب صورة تطبعها وتعكسها سياسات النظم السنية "شكلا"، بينما الجهادية الشيعية، ونموذجها دولتها إيران المتصادمة مع الغرب قدمت نفسها وتعامل معها الجميع على أنها رافعة الأمة في حقبة التحرر، وزاد في طين الابتلاء السني الحالة اللبنانية التي قدمتهم عمليا في الساحة المشتركة مع الجهادية الشيعية على أنهم في خط الدفاع عن إسرائيل وأمريكا في وجه الجهادية الشيعية التي هزمت إسرائيل وأذلت أمريكا إدارة بوش في حروبها الكونية في تموز والتدويل، وفي حربها المشغولة من قبل أجهزة أمنية عربية نظمتها وقادتها كونداليزا رايس وديك تشيني تحت مسمى حلف الاعتدال العربي، لإشعال نار فتنة سنية- شيعية لا تبقي و لا تذر ثأرا مما حققته الجهادية الشيعية من مشروع حفز على الانتفاضة وساعدت عملياِ المقاومة السنية في فلسطين، وحفزت على المقاومة في العراق نموذجا وان اختلفت مع طائفتها وكادت أن تكون في الموقع المضاد لولا الدور النوعي لجيش المهدي وتضحياته التي انتقصها ضبطه تحت سقف المصلحة الشيعية في وراثة الحكم والاستثمار في الاحتلال الأمريكي.
هكذا يمكن ضبط تباينات واختلافات أصلها في الواقع ومعطياته، وخاصيات الساحات، واحتياجاتها، وجذرها في تشكل الفرق والمذاهب في الإسلام والتوازن بينها، ومصالح الأمم وخاصياتها القومية واحتياجاتها..
الجهادية السنية على ما تقدم تتقدم الجهادية الشيعية في سعة ساحاتها، ومساحات اشتباكها، ودورها في إلحاق الهزائم بالغرب الأطلسي وغزواته واستراتيجياته العدوانية، وتأزيم الاقتصاد وإسقاط العسكرة الانكلو- ساكسو- صهيونية، وفي عالميتها، وتمثيلها لأكثرية الأمة أكانت عربية أم إسلامية و"الخلافات فيها ليس هنا مجال بحثها"..
وتبقى الإجابة على سؤال ملح لماذا تقدمت الجهادية الشيعية وصورت على أنها طليعة الأمة في جهادها للتحرير والتوحيد برغم انضباطها عمليا في علبة كيانية، ومذهبية، واحتجابها عن مهمة تحرير الأمة، وتوحيدها وتحرير بيت المقدس، واستعادة فلسطين من البحر للنهر..
لماذا نجت الجهادية الشيعية من محاولات الاختراق وقدمت نفسها منضبطة متماسكة لا يمكن خرقها أو الإساءة إليها أو تشويهها، بلصق التهمة فيها أو ارتكاب الأعمال المشينة باسمها، بينما ابتليت الجهادية السنية بكل ما نجحت الشيعية في تجاوزه..
والجواب يبدو عمليا مقنعا، لان الجهادية الشيعية قاتلت في ساحة واحدة محدودة المساحة الجغرافية، والبشرية، وكان لها دولة قائدة قاعدة، وقدرة على الحركة، وامتلاك الإعلام، والعناوين الواضحة، والدفاع عن نفسها وتفسير سياساتها وممارساتها، حتى أنها نجحت في ضبط المذهب بكل تفاصيله، وفرت له أسباب العزة، والحضور والشراكة، والقوة الوازنة، بينما الجهادية السنية قاتلت على مساحات وفي ساحات لا يمكن ضبطها أو لجمها وتنظيمها، وعملت في واقع خسرت فيه دولتها القائدة القاعدة ولم تجد ملاذا أمنا، ولا توفرت لها وسائل إعلام، وحضور وقدرة على الربط والضبط، والتعريف بنفسها، والدفاع عن مشروعها، ما فتحها على إمكانية الاختراقات الواسعة، ووفر بيئة لأجهزة أمنية تتقن اختراق الحالات الإسلامية ولها فيها مفاتيح كثيرة وساحاتها مفتوحة وإمكاناتها وافرة لارتكاب أفعال مشينه بهدف تشويه الجهادية السنية وأهدافها وكانت الساحة العراقية نموذجية على هذا الصعيد، فالقاعدة والمقاومة السنية الطابع من البعثين والجيش العراقي السابق ومجاميع المقاومة وفرقها غير المعروفة والمستحدثة، قوة طارئة بعد سقوط نظام صدام، واختراقات الأمن الأردني والسعودي والإسرائيلي والأمريكي كبيرة لحالة مفتوحة، في معمعة حرب أهلية، أثنية وطائفية، وأزمة وطنية، وحرب ضد المحتل، فقدرة الضبط وبيئتها غير متوفرة في مرحلة المقاومة المفتوحة قبل إعادة التشكيل والتنظيم على النحو الناجز والمطلوب، ما أعطى صورة مشوهة عن الجهادية السنية وزاد فيها تذررها وطفوليتها، واستعجال بعضها نصرا في غير أوانه واستعداء القوى الأخرى في المقاومة واستعداء الجمهور الحاضن نفسه بإجراءات صبيانية وعنترية كادت أن تبتلي بها الجهادية الشيعية في لبنان في مرحلة طفولتها، ورطتها بحرب أهلية شيعية- شيعية" حرب إقليم التفاح" وخلقت حالة عداء وطنية لها لم تتخلص منها إلا بعد تغييرات في بنيتها وقيادتها وثقافتها دفعت زمنا طويلا لمعالجة اثارها ومضارها...
وتوصيف الجهادية الشيعية ممكن ودقيق, بكونها متركزة في لبنان وإيران ولها عنوان واضح حزب الله وتاليا يمكن التعرف عليها بدقة ووضع العلامات الايجابية والسلبية على أدائها، لكن في أفغانستان والعراق واليمن فدورها وعناوينها مازالت ملتبسة، وغير واضحة المعالم والحدود، أما الحديث عن الجهادية السنية فملتبس من أصله، وفي آليات تشكلها، وحاضناتها الأولى، وعلاقاتها بالتمويل النفطي، والتسليح والتأهيل الأمريكي وامتداداته البريطانية والإسرائيلية، حقائق، وأفعال، وعناوين لا يمكن ضبطها بدقة, فأسمائها كثيرة، ومنظماتها لا تعد ولا تحصى، والعلاقة فيما بينها غير معروفة ولا واضحة الحدود، ولا الأبعاد، تعمل تحت رايتها الدينية والمذهبية قوى وجماعات تقترب من الجهادية الشيعية وطبيعتها كالحالة في فلسطين، فلا يمكن حصر صفة الجهادية السنية بمنظمة القاعدة وبالجبهة العالمية الإسلامية لمقاتلة "اليهود والصليبين" وان كانت أبرزها وزنا ودورا في ساحات الجهاد السنية الطابع..
القاعدة في لبنان عودة مختلفة والهدف بيت المقدس فكيف تعامل؟؟
منظمة القاعدة في لبنان ليست لقيطا، ولاهي عنصرا طارئا على الحالة من خارجها كما يحاول البعض تصويرها، ولاهي نبته في بيئة لا تناسبها.... قول صحيح ولو رفضه الكارهون..
للقاعدة في لبنان قواعد ارتكاز وحضور، ومنصات متينة مؤسسة منذ زمن طويل، فقد كانت وبدأ عملها منذ التسعينات، وظهر دورها في جرود الضنية في اليوم الفاصل بين انتهاء عام 1999 وبداية عام 2000 يوم داهم الجيش اللبناني معسكرات التدريب واشتبك مع عناصرها واعتقلهم بعد قتال مرير وخسائر وتضحيات، ثم في حملات المطاردة وتفكيك الخلايا التي يربوا عدد المعتقلين فيها عن المئات، وللقاعدة في لبنان بصمات فواحد من أصل السبعة عشر الذين نفذوا عملية 11 أيلول 2001 لبناني من ال الجراح من البقاع الأوسط، ونجحت القاعدة في استقطاب وتدريب المئات من اللبنانيين السنة الذين لبوا نداء الواجب في العراق لمواجهة الغزو الأمريكي ومنهم من عاد يحمل روح القاعدة وثقافتها وفكرها ولم يتخل أو يبدل تبديلا، ثم خاضت مواجهات دامية مع الجيش اللبناني في نهر البارد في معركة تبدو أنها جرت في غير مكانها وزمانها ومبتغاها عندما استدرجت لها من غير هدف أو قصد، ودفعت ثمنا باهظا لما لم تطلبه، فتعلمت الدرس، وأعادت إعداد قوتها، وتنظيمها، وضبطها كي لا تقع في ذات الجحر مرة ثانية، وعادت تحشد قوتها وكادراتها على ما تقوله تقارير الأجهزة الأمنية وما تعج به الصحافة وأجهزة الإعلام من تقارير، وبعضها يفيد أنها أحكمت السيطرة على المخيمات الفلسطينية وعاصمة اللجوء الفلسطيني في الخارج مخيم عين الحلوة إلى مخيمات الشمال ومناطق تجمع السنة الفقراء في الشمال وإقليم الخروب والبقاع الأوسط والغربي، وتعد عدتها لتلبية نداء الشيخ أيمن الظواهري باعتماد لبنان ارض جهاد لا ارض نصرة فحسب, وهدفها بحسب المعلن اليونفيل، والجيش اللبناني وإسرائيل،" يقتصر نقدها لحزب الله على قبوله 1701، والتعاون مع اليونفيل، وتجميد العمليات العسكرية" وأوضح دليل على عودتها صواريخ القليلة والإعلان باسم قوات الشيخ عبد الله عزام مجموعة الجراح في دليل فاقع على ما تنويه وما تسعى إليه. والسؤال هل من بيئة حاضنة، وهل من اختلاف بين المجموعات السلفية، وقاعدة فتح الإسلام، ومجاميع بندر بن سلطان، التي تسمى في أوساط عديدة بقاعدة بندر تفريقا عن قاعدة أسامة وأيمن، فالقاعدة العائدة إلى لبنان مرتكزة على منصاتها المتينة والمعدة بإتقان هذه المرة..
الجواب في قراءة المعطيات والوقائع والحال اللبنانية والفلسطينية في "المهاجر" ما يفيد أن القاعدة آتية، وقصدها قطف قصب السبق إلى بيت المقدس ومنافسة الجهادية الشيعية في أرضها فهل تنجح؟؟:
القاعدة في لبنان ليست لقيطا وقد تعلمت من دروس إخفاقاتها وأخطائها السابقة والسنة في لبنان اخذوا إلى غير حقيقتهم، والى غير ما هم عليه السنة في المنطقة من قيم وجهادية يتصدرون ويقودون الأمة في المواجهة مع أعدائها في جميع الساحات.
الجهادية الشيعية قاتلت دفاعيا، وحصرت نفسها في الكيانية، واقتصر دورها على دعم المقاومة في فلسطين لا القتال معها بفتح جبهتها لتخفيف الضغط عنها في غزة واستنهاض ناسها في الضفة وفي فلسطين الـ1948.
في العراق, لم يكن للجهادية لشيعية أثرا برغم حدة الاشتباك وأهميته التاريخية, ناهيك عن عدم وجود اثر لها في الجبهات الأخرى المفتوحة على اشتباك مستدام، وتتقاطر مؤشراتها دلالة على إمكانية هزائم درامية للمشروع الغربي قد تكون ذروته انسحاب دراماتيكي من أفغانستان وباكستان والصومال أمر إذ حصل يطلق مدا سنيا عارما تحلق به الجهادية السنية ويطلق يدها في مختلف الساحات على أنها انتزعت انتصارات باهرة وثمينة واضحة كالشمس، أسوة بما أطلقته الجهادية الشيعية في انتصاراتها الواضحة، وما كانت قد أطلقته المقاومات العالمية عندما انتصرت ونماذجها الأوضح فيتنام والصين وكوبا..
تحرير بيت المقدس, وتحقيق شعار يا قدس إنا قادمون لا يتحقق بنصرة حماس والجهاد وكتائب الأقصى وتسليحها وتمويلها فحسب بل بالقتال معها والى جانبها فالمهمة على عاتق الأمة وليست موجب فلسطيني فقط، المهمة التي ترددت " بحسب أراء" عنها الجهادية الشيعية بعد تحرير الجنوب وحرب تموز والتزامها قرار 1701 وحمايتها لليونفيل
السنة في لبنان اخذوا على حين غرة إلى ما ليس لهم فيه شأن فلا هم مع الليبرالية المتوحشة، ولا هم مع مشروعات خدمة إسرائيل وأمريكا في سعيهم لإسقاط الأمة وجهاديتها، والسنية خاصة منها، ولم يتقدم قائد أو حزب سني ينسجم مع طبيعة السنة ودورهم وتاريخيتهم وحقيقتهم، ولا نجحت الجهادية الشيعية وحزبها في احتواء وتخليق بيئات لمشاركة السنة وتحقيق دورهم في العملية الجهادية التاريخية المفتوحة من بوابات لبنان على فلسطين بغية تحرير القدس الشريف..
وفي لبنان, بناتج الانتخابات النيابية وارتهاب المقاومة وحلفها من اخذ السلطة وإعادة هيكلة النظام، ووظائف الكيان بما يخدم المصلحة الوطنية والقومية العليا حالة توازن وفراغ، وتعبئة مذهبية توفر البيئات المناسبة لنمو الظاهرات الجديدة فكيف بالقديمة الراسخة والناظرة لظرف ملائم ويبدو لها قد تحقق، ما يوفر للقاعدة" ارض جهاد لا نصرة" بيئة حاضنة .
وفي لبنان, فجور في التحالفات وإخلاء تاريخ وسبيل قتلة السنة وزعمائهم، وتطرف يستفز ولا يغفر لمن ارتكب ولو تحالف مع زعامة مالية فرضتها ظروف طارئة وعناصر عابرة، يستفز القاعدة الفقيرة ويضعها طوعا أو عنوة في منافذ التطرف ودعاته فكيف وان كانوا من صنف المجاهدين في سبيل الله وإعلاء كلمته في مواجهة "الصليبين، واليهود" وأتباعهم .
وفي الساحة الفلسطينية, مشكلات مستعصية على الحل، خلافات فصائلية لا تسوى، وغزة محاصرة وجائعة، وقيادتها تتلكأ في الكفاح مشغولة بسلطة على الأنقاض، وتنشد تسوية وهدنة مديدة مقدمة للتخلي عن القدس والحق التاريخي في "ارض وقف" ممنوع التفاوض عليها والتفريط بحبة تراب منها، وحق العودة بيت قصيد مبادرات اوباما واشتراطات نتنياهو ومحط تنازلات أبو مازن وحكومة فياض ومن يناصرهم, والحق بالعودة هو فلسطين وقضيتها والمقاومة في الداخل وقبلها في الخارج كانت بيئتها ومدادها اللاجئون, فكيف الان, وما دورهم إن تخلى عنهم أهل الحل والربط, تستوي في ذلك حماس مع الجهاد المستفردة والمأزومة ماليا، وسياسيا, وفتح المتحولة إلى حزب سلطة إدارة السجون في معازل تسمى السلطة الفلسطينية، وعين الحلوة ومخيمات لبنان عاصمة اللجوء الفلسطيني في زمن يستوجب عودتهم قوة محركة وناشطة في النضال الوطني التحرري من جديد فمحور التفاوض والمبادرات والتسويات التخلي عن حق العودة، وحق الفلسطينيين بالعودة ثابت وموجب بدفع من تجربة عودة اليهود الصهاينة إلى ارض يدعون أن أجدادهم سكنوها قبل أكثر من ألفي سنة فكيف بمن مازال يعرف أرضه وبيته ويملك مفاتيحه وصكوك ملكيته..
هي البيئة مؤاتية، والقرار معلن بتحويل لبنان ارض جهاد لا نصرة، والسعي دؤوب منذ زمن, وقد توفرت بيئاته وعناصره الدافعة لامتلاك جبهة اتصال برية مع فلسطين والاشتباك المباشر مع العدو الصهيوني بعد أن أوقف الآخرون الاشتباك وجمدوا التزامهم بتحرير بيت المقدس اقله في ترداد الشعار واستحضاره في المناسبات على ما كانت عليه العادة والالتزامات..
إنها الظروف والشروط والبيئات النموذجية لعودة القاعدة إلى لبنان، أو ولادة شبيهات في البيئتين السنية والفلسطينية، والإشارة في إعلان المسؤولية عن صواريخ القليلة, وباسم الشيخ عبدالله عزام والجراح، واضحة لمن يقرأ في السطور وبينها..
لمن يكتب السبق؟ من يقطف قصبه؟ وبيت المقدس الهدف والمبتغى ..
القاعدة آتية، أو مثيلاتها تتهيأ، والجهاديات السنية تقاتل في كل الجبهات لن تخلو ولن تدخر جهدا لتكون في صدارة الجبهة الأكثر تأثيرا، قد تكون الأردن قبلتها، وان عجزت في الأردن بسبب قوة الدولة وحضورها وما لها من دعم امني وعسكري ومالي دولي وإسرائيلي وأمريكي وعربي فلبنان العاجز عن تشكيل حكومة، وتوحيد إرادة ناسه، وتعزيز جيشه وقواته المسلحة وتقرير خياراته الوطنية في دعم المقاومة، حالة إن طالت تؤهل البلاد لتكون ساحة ملاذ امن والجهادية السنية صاعدة والسبق لمن أكمل الجولة والهدف بيت المقدس ..
فهل يمكن التعامل مع القاعدة والجهاديات السنية إذا وضعت على جدول أعمالها والوياتها القتال ضد إسرائيل ونصرة فلسطين ورفض التوطين ومشاريعه، لا القتال في الداخل، ولا الانخراط بالفتنة السنية الشيعية، وألاعيب السياسة اللبنانية، وتشعباتها، كما حصل التعامل مع فتح الإسلام في نهر البارد ومع معسكرات جرود الضنية؟؟
ماذا عن خطط الدولة، وعن خطط الجهادية الشيعية، وعن مستقبل اليونفيل، وعن دور الجيش، وعن الاستقرار في الداخل وعلى الحدود مع فلسطين، في مواجهة قوة عائدة، أو مجموعات صاعدة، تحاذر الانخراط باشتباكات محلية على حساب هدفها بيت المقدس في لحظة تتجمع إشارات كثيرة عن قرب انفجار دامي إن لم يقع في لبنان فالأرجح انه في فلسطين وعلى تخوم الأقصى المهدد بالتطرف، وبالأنفاق, والقدس المهددة بالتهويد وطرد الفلسطينيين تحت سمع وبصر القوى السائدة دون حراك يمتص ويحتوي النار السارية في الهشيم..
ماذا لو عادت القاعدة، أو نشأت مثيلات لها في لبنان المفتوح على أزمة مستدامة بسبب عجز الطبقة السياسية بضفتيها الاذاريتين عن ادارك عمق الأزمة والإحاطة بها والسعي لمعالجتها، فحضور قوة جديدة من شأنه أن يربك الجميع، لأنها تأتي من خارج النص والسياق السائد، ومن خارج تأثيرات القوى الإقليمية والدولية المتدخلة في الأزمة اللبنانية بقياس مصالحها ومفاوضاتها، تتحرك بأجندتها الخاصة دون احتساب التأثيرات، والنتائج على ما هو قائم من تفاهمات سورية سعودية أو حوار إيراني أمريكي، واعتراضات مصرية..
الزمن يعمل بسرعته، والجروح المفتوحة تغزوها التقيحات، وخنادق الطوائف والمناطق تتشكل بيئات مرتع للمصطادين، يحتمون بها لأهدافهم هم لا لخدمة من عمق الشروخ وأقام المتاريس المذهبية والطائفية والمناطقية..
ماذا لو عادت القاعدة، أو صعدت جهادية سنية تسعى للاشتباك مع إسرائيل والحضور كطرف فاعل في توازنات لبنان؟؟ هل تتسع الساحة للجهاديتين الشيعية والسنية ، هل تحتربان أم تديران الأمور بالحسنى، وبالتناصح؟؟ أسئلة لن يطول زمن طرحها، تطلب إجابات سنحاول فيها أن أمكن.