فتح الحدود السورية التركية
خطوة شجاعة نتمنى أن تتبعها خطوات
محمد فاروق الإمام
أثلجت صدورنا ما قامت به الحكومة السورية عندما فتحت الحدود مع الشقيقة والجارة تركيا بعد ما يزيد على إغلاقها لنحو خمس وستين سنة، كانت العلاقات بين الدولتين المسلمتين الجارتين علاقة تقوم على العداء المستمر والتحالفات العدوانية، وكان كل من البلدين يسعى لزعزعة الأمن في البلد الآخر وضرب اقتصاده والتضييق عليه إقليمياً وعالمياً، وكان آخرها تبني سورية لقضية أوجلان وحزب العمال الكردستاني المناهض لتركيا، والتهديدات التركية بالحرب على سورية.
وقد أعمل أولي الأمر في العاصمتين العقل في نزع فتيل مثل هذه المجابهة، وبدأت تتحسن العلاقات بين البلدين تدريجاً حتى وصلت إلى العلاقات الإستراتجية بينهما، ووصل التبادل التجاري بينهما لأكثر من ملياري دولار، ثم فتحت الحدود التي تمتد نحو ألف كيلو متر، ورفعت الحواجز، ونزعت الألغام، وألغيت التأشيرة لكل من المواطنين الأتراك والسوريين، بحيث أصبح السوري يذهب إلى تركيا وكأنه متنقل بين دمشق وحلب ونفس الشيء بالنسبة للتركي.
أقول لقد أثلجت هذه التطورات من العلاقات الممتازة بين البلدين صدورنا، ورحنا نتمنى أن تحذو سورية حذو تركيا من حيث التعددية السياسية والحزبية، وأن نرى حراكاً سياسياً في سورية شبيهاً لما يجري في اسطنبول وأنقرة وباقي المدن التركية، وإطلاق حرية الصحافة وتنوعها دون رقيب أو قانون استثنائي يمنعها أو يحجبها، وإغلاق ملف الاعتقالات السياسية ووقف ملاحقة دعاة حقوق الإنسان ونشطاء منظمات المجتمع المدني، كما هو الحال في تركيا، وسن قانون حضاري يتناغم ومتطلبات القرن الواحد والعشرين، وإلغاء الأحكام العرفية وقانون الطوارئ، وكل القوانين الاستثنائية التي لا تقرها كل الشرائع السماوية والإنسانية، وفي مقدمتها قانون (49) لعام 1981م، وفتح أبواب الوطن لعودة المنفيين، ليشاركوا بكل خبراتهم وأموالهم في رفع شان البلد وتمتين عرى لحمته ووحدته الوطنية واقتصاده، في مواجهة التحديات الكبيرة التي يتعرض لها.
نعم هذا ما يريده المواطن السوري من أولي الأمر في دمشق، كونه لا يقل ذكاء ونشاطاً وحيوية وإبداعاً وعلماً وإلهاماً ووطنية عن نظيره في تركيا وكل بلدان العالم المتقدم والمتحضر.. فهل سنجد في قابل الأيام عند أولي الأمر في دمشق ما يتمم فرحتنا بفتح الحدود مع الجارة والشقيقة المسلمة تركيا، بالحذو حذوها في الميادين السياسية وحقوق الإنسان؟!