أركان النظام السوري بدأوا يجرون حساباتهم توقعاً

أركان النظام السوري بدأوا يجرون حساباتهم توقعاً

للرحيل وأبناء الأسد الأب يتصارعون على التركة

خدام والشهابي لقيادة مرحلة الانتقال في سورية

تشييع اللبناني خالد البريدي (40 عاماً) الذي قتل برصاص

الهجانة السوريين في بلدته عرسال الحدودية

أفادت المصادر المقربة وشديدة الخصوصية »السياسة« أمس ان أركان النظام السوري أصبحوا الآن أسرى الخوف والقلق بعد ان تصاعدت عليهم الضغوط من الداخل والخارج على حد سواء, وانهم أصبحوا في وضع من احترقت جميع أوراقه, ولم يعودوا قادرين على أي حركة تمكنهم من تعويم النظام الحاكم والدفاع عنه, وبالتالي دخلوا في مرحلة عد عكسي لا يعرفون متى تبلغ درجة الصفر.

وأكثر ما يخيف أركان النظام السوري هذه الأيام تحركات نائب الرئيس السابق عبدالحليم خدام في باريس, ومعه رئيس الأركان السابق حكمت الشهابي. ولتبديد هذه المخاوف بدأ النظام السوري يقدم الوعود لخدام من أجل العودة الى دمشق, خشية أن يشكل تنظيماً سورياً معارضاً في الخارج, خصوصا وانه يعلم من قتل الحريري, ولديه كل التفاصيل المتعلقة بالجريمة. ويخشى النظام كذلك أن يكون خدام قد تقدم بما لديه من معلومات الى الرئيس الفرنسي جاك شيراك.

وأضافت المصادر ان ما يضاعف مخاوف أركان النظام هو معرفتهم بأن التقرير النهائي لرئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريري, القاضي الألماني ديتليف ميليس, سيصدر ضدهم, وهو الأمر الذي جعل ظهورهم كلهم على الجدار, ومكنهم من تفسير رفض خدام لاغراءاتهم بالعودة الى العاصمة السورية.

وأكدت المصادر ان خدام عرض الأمر على الرئيس الفرنسي الذي نصحه بعدم العودة »لأنهم هناك سيسحبون جواز سفره, وسيضعونه في الإقامة الجبرية, ويشلون حركته«. ولوحظ في هذا الإطار ان خدام بدأ يتردد على سعد الحريري في مكان اقامته في باريس, والذي تلقى هو الآخر نصيحة من شيراك بعدم العودة الى بيروت قبل نهاية هذا العام. وعندما يسأل خدام, من قبل مجالسيه, عن أسباب مغادرته دمشق والاقامة في العاصمة الفرنسية, يجيب بأنه نصح رئيس النظام السوري بشار الأسد بعدم تمديد ولاية لحود في الرئاسة, ونصحه بعدم اغتيال الحريري, لكنه لم يرد عليه وعلى نصائحه, وركب رأسه, ونفذ ما يريد.

ويجري أركان النظام السوري حساباتهم كما يشتهون, ويربطون بين تردد خدام على سعد الحريري, وزيارات زوجته (أم جمال) الدائمة لنازك الحريري, بترتيبات يجري التحضير لها الآن, ومنها الاتيان بخدام رئيساً للجمهورية, وبحكمت الشهابي رئيساً للحكومة, لقيادة فترة انتقالية تجري خلالها كل عمليات الإصلاح السياسي, بما في ذلك كتابة دستور جديد ينص على نظام ديمقراطي تعددي, ويكفل الحريات العامة ويحيل الأمر الى الشعب كمصدر للسلطات.

على هذا الصعيد المتصل قالت المصادر المقربة ان خلافاً نشب بين الاخوة بشار وماهر وبشرى الأسد حول تركة والدهم الراحل حافظ الأسد, وقد بدأ كل واحد منهم يطالب بحصته من التركة, الأمر الذي يستوجب حصر الارث, واجراءات قانونية اخرى, قد تترك رواسب في النفوس تؤدي الى الشتات العائلي, الى جانب أن رئيس النظام شرع باتخاذ ترتيبات عدة لضمان حياته وحياة أسرته في الخارج في حال أصبح خارج السلطة.

وفي سبيل ذلك قام رامي مخلوف, ابن خال الاسد وشريكه, ووكيل أعماله بشراء عمارتين في باريس وعمارتين في لندن, سجلها جميعها باسم زوجة الأسد وأولاده, كما نقل أعماله الى دبي, ويحاول الآن ان يفتح مكتبين له في العاصمتين الفرنسية والبريطانية.

وفي جانب آخر ذي صلة أكدت المصادر ان القاضي ميليس لقي معاملة سيئة عندما بدأ تحقيقاته في دمشق, ففي حين مثول رستم غزالي أمامه (رئيس الاستخبارات العسكرية السورية السابق في لبنان) لوحظ وجود عشرة رجال برفقته, وكلهم ضباط في المخابرات ادعوا صفة المترجمين, والمستشارين القانونيين, الأمر الذي أشعر ميليس انه موضوع تحت الرقابة, وداخل حالة سافرة من عدم التعاون.

الى ذلك, اشارت المصادر الى ان غازي كنعان, وزير الداخلية السوري, ورستم غزالي ومعاونيه محمد خلوف وجامع جامع, بدأوا يشعرون بأنهم قد يتحولون الى كبش محرقة في قضية اغتيال الحريري, فعمدوا الى تسجيل ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة بأسماء زوجاتهم وأبنائهم وأشقائهم, وأبرموا معهم وكالات غير قابلة للعزل الى آخرين, تحسباً من المصير, وخشية مصادرة هذه الممتلكات والأموال في حال تسليمهم الى سلطات العدل الدولية.

على صعيد آخر ذي صلة أدت محاولة اغتيال القاضي اللبناني ناظم خوري, الممسك بملف بنك المدينة الى تمحور التحقيق حول علاقة هذا البنك والفضائح التي فاحت منه بجريمة اغتيال الحريري, وأكدت المصادر ان خيوطاً بدأت تتكشف يوماً بعد يوم حول علاقة المنتفعين من البنك المذكور بجريمة الاغتيال, ومن هنا جاءت محاولة اغتيال القاضي خوري لردعه عن الاستمرار في فتح المزيد من الملفات.

وكشفت المصادر ان رئيس مجلس ادارة بنك المدينة ابراهيم أبو عياش رفع دعوى لدى النيابة العامة التمييزية ضد رستم غزالي, وعلى كل من شقيقيه ناظم وبرهان بتهمة الاستيلاء على 200 مليون دولار من أرصدة البنك عبر سلسلة من عمليات التزوير والتزييف لعدد من المستندات بمساعدة الموظفة السابقة رنا قليلات.

وأضافت المصادر ان ملفات البنك التي يجري الكشف عنها الآن باشراف الضابطة العدلية في بيروت أسفرت عن حقائق مذهلة تتعلق بتورط عدد من السياسيين والإعلاميين في الحصول على مبالغ ضخمة بغير سند قانوني سوى انتمائهم للنظام الأمني السوري اللبناني الذي كان يتحكم بمقاليد السلطة في لبنان, وأوردت المصادر عدداً من الأسماء والأرقام على النحو التالي:

1- النائب (ن.ق) حصل على 3 ملايين دولار أميركي.

2- العميد (ر.ع) حصل على 10 ملايين دولار, كما تم اعطاؤه فيلا كان بنك المدينة يمتلكها.

3- الوزير والنائب السابق (أ.ف) حصل على 6 ملايين دولار.

4- الوزير والنائب السابق (ع.م) حصل على 5 ملايين دولار.

5- الوزير السابق والمدعي العام (ع.ع) حصل على 10 ملايين دولار.

6- الوزير السابق (و.و) حصل على مليوني دولار.

7- الصحافي ورئيس التحرير (ش.أ) كان يتقاضى 100 ألف دولار شهرياً من البنك من دون اي مستند قانوني.