يتشابه العرب في حل قضاياهم
حكاما وشعوبا في الزمان والمكان
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
عندما كنا في الثانوية وفرضت علينا المدرسة حضور فيلم عراقي اسمه المنبوذون .
ملخص الفيلم رجل فلسطيني تعرض للتعذيب من قبل الصهاينه ليكون نتيجة التعذيب خصي الرجل وبقي بدون فعل .
واشتغل بعدها سائق صهريج ينقل النفط من دوله نفطية إلى غير نفطية , وعند العودة للبلد النفطي اتفق معه ثلاث شبان لتهريبهم إلى تلك البلد وكانت الخطة : أن يضعهم في الصهريج لمدة نصف ساعة حتى يعبر الحدود ولا يمكن تحملهم للمكان أكثر من ذلك .
وتركهم السائق في الصهريج عدة ساعات , وبعد أن عبر الحدود تذكرهم ليفتح الصهريج وقد ماتوا خنقا ووضعهم على كومة من تراب ويد أحدهم مضمومة ومرفوعة للأعلى لتدل على الجريمة العامة (فكل العرب خذلوا أمام اسرائيل ويقولون عن نفسهم رجال , فكيف سيكون حال رجل مخصي ؟).
الحكام العرب مختلفون مع بعضهم, تنعقد القمم العربية ليصدر منها نفس القرارات التي سبقتها من قمه , ويذكرني بخطيب الجمعة في قريتي رحمه الله , كان بعد أن ينتهي من خطبة الجمعة , يحطم الورقة في يده ويرميها في جيبه لكي يقول للناس أنني سآتي بخطبة جديدة ويملك كتاب فيه عدد من الخطب .لتدور معه مع الأيام يقبل على خطبة جديدة منه .
ولا أظن أن القمم العربية اتفقوا مع بعضهم ضد عدو وإنما اتفقوا ضد بعضهم فقط. مع أنهم لم يختلفوا يوما إلا حول ولاء الطاعة للعدو وأيهم أشد على ذلك في تنفيذ مخططات العدو الرابص والمتربص بالأمة العربية والإسلاميه.
اتفقوا على احتلاال العراق ووضعوها بيد عدوين لهم هم الصهيونية العالمية ورأسها الغرب والدولة الصفوية الخمينية .
والآن الكثير منهم يبحث عن المخرج , ولم يجدوا لذلك سبيلا وينطبق عليهم قول الله عز وجل (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون) .
وانقسم العرب إلى معتدلين وممانعين ودارت المعركة بينهم لكي يجدوا شيئا مختلفا عن دعم المقاومة في العراق وفلسطين .لتظهر دولة أخرى غيرهم تدافع عن فلسطين , فهو جميل بحق أن نجد من يناصرنا وليس جميل أن أرى أرضي ووطني وشعبي مهدد من جميع الجهات ليدافع عني من له علاقات قوية مع العدو .وأنا بعيد عن الأمر . والمساومات والإتهامات تكال , والشعب العربي في سلة من المهملات. لك فقط أن تركع وتسجد للقائد الهمام بطل الأيام والزمان ويقول قولة المتنبي :
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فالخيل عندهم الأمن والليل تحطيم القلوب البريئة في زنازين النظام والبيداء سجون القبور , والسيف لمن يقول لا, أريد الحياة كما يحياها الأحرار , والرمح لطعن الحقائق كلها والقرطاس والقلم للتمجيد والتهليل لك ياقائد المكان والزمان ولو أصبح ترابا في عمق الزمان .
نفتخر بخالد بن الوليد وصلاح الدين وقطز وعمر بن العاص , قدموا الخير الكثير . ومجدالشعراء والكتاب العرب بعض الحكام يعلو على أبطالنا العظام وعمر بن الخطاب رضي الله عنه لايمثل لهم شيئا .
وكانت النتيجة ذهاب الأرض وهتك العرض والذل والقهر والعدو الوحيد لهم هو الشعب .فأنت عبد للحاكم وعليك تأليهه وكل مايفعله القائد صحيح وكل من يناقش أو يعترض فمصيره الجحيم .
هذا عن الحكام أما نحن من نكون؟ كشعب يعيش في هذه الأرض
فما نحن إلا العبيد وبذلك نحن رضينا وتم شراؤنا من سوخ النخاسين وعليك الإطاعة فأينما هربت فنحن وراءك .
منذ شهر ومعركة تدور في الجمعية العربية الثقافية واتا بين معارض وموال للنظام السوري وكانت المعركة حامية جدا حتى أثخن الطرفين من شدة المعارك والإعياء والتعب وكانت الحصيلة جرحى وقتلى من الطرفين حتى تعب الفريق الآخر عندما رأى طرحا معقولا من قبل المعارضة . وأصبح الوضع تماما كما لم نبدأ من قبل .
واللوم لايقع عليهم فهم في كفة ميزان القوة القرطاسية والسيف والخيل والليل والقلم , فعليهم أن يخرجوا هم أولا من الطغيان حتى يساعدوا غيرهم , وهل من يغرق في الماء له القدرة أن ينقذ آخرا يقع في حفرة على اليابسة ؟
نتائج معركتنا والتي ضمت فيها الآلاف من المثقفين كمعركة التغريبيين والسلفيين , وكمعارك القمم العربية لن يكون فيها نتيجة , والنتيجة الوحيدة مزارع من أنواع شتى وبنوك عالمية أشهرت إفلاسها بعد التخمة من أموال انتهبت لشعب بيد حكامها ومن لف حولهم من السماسرة المتجولين , فقلبي عليهم ملؤه الأسى في ضياع شقاء عمرهم في تلك البلاد وأسفي على مالنا الذي سيؤخذ وينهب منا بشراسة قوية ومسرعة لتعويض تلك الخسائر .
فحكامنا ونحن على شاكلة مشكاة خارجة من إناء زيت واحد لن نصل إلى نتيجة مرضية والنتيجة كما بدأنا انتهينا وفيها يحمل البعض جرحا من الشتائم . هي النتيجة القطعية كالذي حصل في مؤتمرات القمم العربية.