الجعفري البطل، وتابعه الدليمي

 أمير أوغلو / الدانمارك

[email protected]

 ظهر الليث الجعفري على شاشات الفضائيات مزمجرا مرعدا مغضبا وهو يتوعد أهله العراقيين في تلعفر بحرب شرسة لا تبقي ولاتذر، فذكرني بإعلانه الحرب على الفلوجة منذ سنة تقريبا عندما شرد أهلها ودمر بيوتها التي ما تزال إلى يومنا هذا شاهدة على شجاعته وإقدامه وشجاعة الأمريكيين المزودين بأحدث أنواع الأسلحة ضد شعب أعزل من النساء والأطفال والشيوخ.

 في نفس الوقت ظهر تابعه الجديد الدليمي وهو يتوعد المدن السنية الأخرى بحرب ضروس ويشهد العالم كله على جرأته وشجاعته وبطولته مع سيده الجعفري وأسياده الأمريكان. وقد قال الدليمي إن القوات العراقية ستهاجم تلعفر بستة أفواج مسلحة ومدعومة بطائرات الأباتشي والصواريخ الموجهة من كل الأنواع والأشكال المجربة وغير المجربة وربما يضطر الدليمي لاستخدام اليورانيوم المخصب وغير المخصب، فالأمر جد، والعدو شرس، وعندما يتعلق الأمر بالحرب بين أهل البلد الواحد وفي سبيل البقاء في السلطة، فلا يجوز التهاون ولا التوفير في التدمير والقتل واستخدام أفتك الأسلحة.

 في الناحية المقابلة وبنفس التوقيت وبالمصادفة البحتة، أعلن ماما طالباني أنه ليس هناك عداوة أو مشكلة بين العراق وإسرائيل، وأن العداوات في العراق هي فقط مع الجيران ومع أهل العراق المخالفين، لذلك يجب أن يبقى الأمريكان ليخيفوا الجيران ويرهبوا المخالفين من العراقيين، وإذا لزم الأمر فلا مانع من تأديبهم ببعض القنابل والصواريخ التي تهدم مستشفياتهم ومدارسهم وبيوتهم فوق رؤوس الأطفال والنساء، فالديمقراطية والحرية والرأي الآخر تحتاج إلى تدريب وتعليم وتثقيف وهذا يجب أن يتم في بعض الأحيان بشيء من القسوة والعنف لأن الطلاب المشاغبين لا يفهمون إلا بالقسوة.

 الجعفري وتابعه الدليمي لم يجدا تبريرا لهذه الحرب الطائفية القذرة سوى ما ذكروه سابقا عندما دمروا الفلوجة فقالوا إن أهل تلعفر طلبوا منهم حمايتهم وتدخلهم لإنقاذهم من الإرهابيين. لا تضحكوا فهذا والله هو ما قالوه والدليل على ذلك أن حاكم تلعفر استقال احتجاجا على الحرب. هكذا: حاكم وأهل مدينة يطلبون النجدة من الجعفري البطل وتابعه وعندما تأتي جيوش الجعفري يستقيل الحاكم ويهرب أهالي المدينة من وجه جيش الإنقاذ!

 لقد دمر الجعفري الفلوجة قبل الإنتخابات بشهر تقريبا وهو الآن يدمر تلعفر قبل الإستفتاء على الدستور فهل يمكن أن تكون هذه إشارات سياسية إلى الفئات التي عارضت الإنتخابات وقتها والتي تعارض الدستور الآن؟ ربما. ونترك هذا لذكاء القارئ والمتابع للأخبار. ومن عجائب المصادفات ألا يطلب أهالي البلدان السنية النجدة إلا قبل الإنتخابات أو الإستفتاءات. لقد كان مصير أهل الفلوجة قبل الإنتخابات أنهم لم يسمح لهم بالعودة إليها لينتخبوا فهل سيكون مصير أهالي تلعفر ألا يسمح لهم بالعودة إليها ليستفتوا؟ أم أنهم سيدمرونها تماما بحيث لا يرجع إليها أحد؟

 الجعفري يتدرب الآن بأهل العراق لكي يهاجم بعد هذا مع إيران العدو الأكبر إسرائيل والشيطان الأكبر أمريكا، ولكنهم الآن لا يعلنون عن هذا لأنهم أذكياء جدا ويريدون أن يستغلوا أمريكا لتحضر لهم الأسلحة وتدربهم ثم عندما تحين الفرصة سينقضوا عليها كالأبطال وينتقموا منها ويعلنوا الدولة الصفوية الجديدة الممتدة من خليج فارس إلى حدود كردستان، فلا تستغربوا ما يحصل فكل شيء مخطط له بدقة في قم وسترون العجب العجاب في قادمات الأيام.

 صرح الجعفري أيضا بأن حكومته ستهيء المساعدات الإنسانية لأهالي المدن المستباحة وستسعى لتعويض المتضررين بكل جدية وإنصاف. هل أراكم تبتسمون أم تضحكون أم تبكون؟ نعم بلغ الهبل والسخف والإحتقار والإهانة بحكامنا أن يطمئنوننا بأنهم سيساعدوننا على البقاء أحياء بعد أن يدمروا بيوتنا ويقتلوا من عوائلنا من يقتلون، يطمئننا حكامنا الأشاوس أنهم سيعوضوننا عن أبناءنا الذين سيقتلونهم تعويضات جدية ومنصفة, ربما كانت ألفي دولار للشاب البالغ وألف دولار للطفل وألف دولار للمرأة, سيمكننا فيما بعد أن نشتري بهذه المبالغ السخية أطفالا من إثيوبيا أو النيجر أو الصومال، أطفالا لا يعادون أمريكا ويطيعون ملوكهم وحكامهم حتى لو كانوا من الفرس أو الأمريكان ولا يرفعون أصواتهم ولا نظرهم حتى في وجه المحتل طالما أنه جاء بناء على طلب الحكام.

 علماء المسلمين الذين اجتمعوا في شرم الشيخ لإدانة الإرهاب في الشهر الماضي، ليس لديهم الوقت ولا التمويل الكافي ولا الممول المناسب ليجتمعوا مرة  أخرى لإدانة إرهاب الجعفري والدليمي، ربما لأنه بتوصية أمريكية، أو لأن جميع الممولين لمثل هذه الإجتماعات لا يحبون إزعاج أمريكا وحلفائها فهي التي تسيطر على أموالهم وتستطيع بجرة قلم أن تضع أي واحد منهم على قائمة الإرهاب وممولي الإرهاب فيخسر كل ماله في يوم واحد، وهذا ما لا يفعله التاجر المحنك فخير له أن يسكت على الباطل وأن يدين الحق من أن يخسر كل ماله الذي يسخره لخدمة ما تبقى من الإسلام.

 مهرجانات الصيف الغنائية والفنية في العالم العربي من المحيط الأمريكي إلى الخليج الفارمريكي تشغل بال المواطن العربي ولا يحب أن يعكر صفوه بسماع أخبار تلعفر وغيرها من مدن العراق المستباحة وخاصة بعد أن حلت مشكلة فلسطين وانسحب اليهود من غزة ووضعوا المصريين لمراقبة حدودها، لذلك نستميح أهالي تلعفر عذرا فلن يمكننا أن نقدم لهم أية مساعدات ولا حتى إعلامية، ربما سندعو لهم في رمضان المقبل إذا بقي منهم أحياء، ففي رمضان كما تعلمون ترتفع وتيرة الإيمان في قلوبنا ويزداد حماسنا للقضايا الإسلامية ومنها قضية العراق طبعا فقد سمعنا أنه سيبقى منه جزء إسلامي في الوسط بفضل الدستور الجديد فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، وكل عراق وأنتم بخير.