لماذا الوقفات والمسيرات ..؟
لماذا الوقفات والمسيرات ..؟
بوعلام دخيسي /المغرب
كلما حل بطرف من أطراف أمتنا بأس و شدة وخرجت الشعوب للنصرة من تلقاء نفسها أو بدعوة من داع إلا و رُفعت لافتاتٌ على هامش المسيرات و حَوالي الوقفات تقول : ما تفيد الوقفات.. – النصرة يجب أن تكون بالسلاح و التجنيد.. – كلام و ماذا بعد.... إلى غير ذلك من الشعارات التي لا أقول تحبيطية
و إنما أقـَلّ ُ ما يُمكن أن يقال عنها أنها يائسة و قد نعذر أهلها قليلا إذا ما توسمنا صدق النية في قلوبهم و جذوة الغيرة في صدورهم . لكن لنتمعن في الأمر قليلا لنعلم أن الأمر ليس بهذه البساطة ، و لنبدأ بالشاهد الأول في القضية : و هو من أهلها فأصحاب القضية لطالما استبشروا خيرا بل و دعوا لذلك جهارا نهارا ، من قادة المقاومة و الجهاد و النضال إلى أصغر طفل أذِن له أن يُبلغ رسالة في الموضوع فالكل يثمن خروج الشعوب العربية و الإسلامية بل و العالمية و يأسف إذا رأى شيئا من التقصير و عدم الاكتراث خاصة من بني جلدته و يكفي أن تشاهد قناة ً ما تنطق بلسان حال الجرح لترى كيف تخصص لذلك حيزا مهما من إعلامها و تحليلاتها.. فلا أظن أن واحدا منا سيحكم على الشعاب كأهلها .
الشاهد الثاني : لنفعل كما يريد البعض و لنقبع في بيوتنا و لتلزم الأنظمة حصونها و قصورها فننظر المعادلة : شعب يذبح ،حرمات تدنس ،بيوت ..أشجار ... و شعوب تفوق المليار تضرب الأرقام القياسية في الإعراض و اللامبالاة فأيهما سيُبكي ذلك الشعب المسكين و ماذا سيدور في ذهن تلك الأرملة و ذلك اليتيم ..
الشاهد الثالث : و لنبق مع الرأي الآخر ، فإذا كان الخروج و الصراخ رسالة فالصمت أيضا رسالة ، سُكُون الشوارع في ساعة العسرة يعني الشيء الكثير ، للأنظمة أولا التي سترى أنها في سعة من أمرها و أن لا أحد يجبرها على التنديد فضلا عن التجنيد ، أما الغرب و مدللته فهما يفهمان جيدا لغة الصمت و ما كان الحديث عن إعادة النظر في بعض الأنظمة و الحديث عن حقوق الإنسان .. إلا دغدغة في صدور الشعوب ، و إن كنتُ لا أرى في ذلك بصيصا من حسن النية أو جدوى في الفعل و إن وقع ، لكن الشاهد عندنا هو أن للشعب سلطة ً و سوطا ليس من الحكمة في شيء أن يتخلى عنهما .
الشاهد الرابع : كلنا يسلم بفاعلية الدعم بالمال و السلاح لفلسطين و غيرها من مواضع الألم في جسم الأمة وهناك من يفعل ذلك و الحمد لله لكن لنفتح صبرا للآراء في صفوف من بذلوا للقضية من أموالهم لتجد أن السبب الرئيس في ذلك كان وقفة أو مسيرة أو خطبة جمعة أو خطابا عاما أو ربما حديثا ثنائيا أو مقالا أو رسالة على الماسنجر ... لنعلم أن النصرة منظومة مركبة بعضها يخدم بعضا فإنفاق جزء من أجزاء المائة من قلم جاف بثمن 1،50 درهم مثلا قد يحشد للقضية ملايين الدولارات و قس على ذلك .
الشاهد الخامس : حتى إذا لم تصل الصرخة إلى ما تتوخاه فلا أقل من أن أذن الصارخ سمعت و تيقنت أنه لا زال في الضمير حياة و في اليابس ماء و أن تعلم و تـُعلِم مَن حولها مِن الجار و الرفيق و الصديق أن ثمَّة َ قضايا أخرى يجب أن تزاحم قضايا القفة و الحوالة و المعاش و الحقيبة المدرسية و ... حتى تخرج الأمة من سلبيتها و غثائيتها فإنه لا يُعلم صلاح هذه الأمة أين هو في شعاب هذه الأمة و ما يُدريك لعله لا زال يقارع الخمرة في مرابض السوء ينتظر لافتة أو كلمة أو همسة تمسح عنه الغبار فكم من علماء جددوا للأمة دينها و سطرهم التاريخ بالذهب كان من ورائهم عبد أو أمة منسيان لم يكتب عنهما التاريخ جملة مفيدة .
......
تطول الشواهد لكن الشاهد عندنا هو أن يعمل كل في حدود طاقته و مسؤوليته للإبداع و العطاء للنصرة إذا تعذرت الهجرة دون الحط من جهود الغير فالعيب كل العيب أن يكون دورنا في القضية مقتصرا على الجرح و التعديل دون رواية ولو حديث صحيح يدعم الموضوع فيصبح المشهد كهذا الرسم التبياني :
*شعب يقاوم و يكابد ---- من خلفه ---- شعوب تغضب و تساند .
*كيان يغصب و يعاند ---- من خلفه ---- غرب يُرهب و يساعد .
*نظام لاه راقد --- على هامشه --- ألسنة تقول : لا طائل في النصرة و لا زائد..