بثينة شعبان ومصير الدكتورة جرثومة!
بثينة شعبان ومصير الدكتورة جرثومة!
أحمد الجارالله
مناقشة الوزيرة السورية الدكتورة بثينة شعبان تهدف الى استنهاض الجوانب العلمية المفترضة فيها, وتشغيل عقلها بالنقد والبحث والتأويل, وتأهيلها كمحتوى ثقافي من اجل الادراك ان الارض تدور, والازمنة تتغير, والمفاهيم تتقدم, والثقافات تتسع, والمسافات تختصر, والامم تختلط وتتعارف, والتعليم قفز فوق الحروف اللغوية, واللغات المغلقة, وتوسل للتعبير بلاغة الكمبيوتر ودقة الادوات الرقمية.
ربط المناقشة بهذه المعاني المعاصرة قصدنا منه القول بأننا لا نتولى الرد عليها, وعلى ما تكتب, بل نتولى تنظيف العقل العربي مما تنشره فيه من فيروسات, لان الوارد من افكارها يعرف بها لوحدها كطراز قديم موميائي ومتحطب, ولا يستحق الرد منا كوننا على مسافة أعلى, وعلى صلة بحراك الزمن وما يفرضه من متغيرات.
الدكتورة شعبان اشارت الينا بلقبنا ووظيفتنا, وتوجهت الينا بالاتهامات الارتجالية المنصوص عنها في كتب الاستظهار الحزبية, ورغم ذلك سنتجاوز عن كل شيء,وأوله عدم الرد, وسنذهب مباشرة الى الفكر الميكروبي الذي مازال يلوث العقل العربي بالفيروسات المسببة لامراض التخلف, والجهل, والفقر, والتوقف عن النمو, ومغادرة ركب التقدم العالمي.
أولا: ان الحديث عن العروبة بقصد استثارة النخوة, وادعاء الطهرانية, حديث ملتبس, كون ان هذه العروبة غير معرفة حتى الآن حتى يتم الاتفاق على أنها من القيم العالية أم لا. واذا كان القصد من هذا الاستنهاض العروبوي هو لفت النظر الى عروبة »البعث« الذي كان يحكم في العراق, ويحكم في سورية, والى عروبة معمر القذافي, والى عروبة الناصرية, فان هذه العروبة تقدم نفسها بشكل متوحش, وظهرت على الناس بأفعال أكدت أن لها انيابا ومخالب, تنهش وتخدش, وبالتالي, في المعيار القيمي, هي واقع ينافي الانسانية ويتصادم مع التحضر.
بهذا المعيار السياسي الواقعي فان العروبة التي تنتمي اليها الوزيرة السورية هي عروبة غير اخلاقية لا تستدعي التفاخر بها, وهي غير نبيلة, ولا تمتلك آفاقا حتى نقو ل ان آفاقها رحبة.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه الوزيرة السورية العروبوية أخصامها من العرب المستعربة, فانها تنسب اليهم سجايا عروبتها التي هي جزء من قوامها الفكري والسلوكي, وتقول إنهم من الذين ينتشون في سيرهم على إيقاع مزمار الديمقراطية (هي لا ديمقراطية ونظامها الذي تعمل في خدمته غير ديمقراطي) الذي تنفخ فيه في منطقتنا أجهزة المخابرات المعروفة (نظامها نظام أمني مخابراتي بالكامل) التي تهدف اولا واخيرا الى كبح نهضة العرب واحتلال ارضهم وهضم حقوقهم, وسرقة ثرواتهم, وتشويه تاريخهم, ونهب إرثهم, واغتيال علمائهم والمؤمنين بأمتهم في فلسطين والعراق ولبنان على مرأى ومسمع العالم.
ما نعرفه ان عرب شعبان المستعربة ليسوا هم من ارتكبوا هذه الفظائع بل عروبتها المتوحشة التي أقامت انظمة الاستبداد في مصر عبد الناصر, وفي عراق صدام حسين, وسورية الاسد الاب والابن.. هي التي قتلت, وشردت, وخطفت, وسجنت, وسلبت , وسرقت, وأفسدت, وجعلت من شعوبها آخر همها, حرمتها كرامة العيش, وساقتها الى خدمة الرفاق الأسياد كما تساق العبيد.
عروبة الوزيرة السورية هي التي أقامت سلطات الاستعمار الداخلي, ورجال هذا الاستعمار هم الذين تلوثوا بالفساد, وبالدولارات, وأشاوسهم هم الذين انتهكوا مقدسات شعوبهم, وأعراضهم, وحرماتهم ومصالحهم وحقوقهم, وحتى اراضيهم ومواطنهم في الجولان التي اصبحت في بطن الحوت الاسرائيلي, والذين لا يقرر عنا ساعة المعركة وتوقيتها, ويقولون هذا الكلام كلما ضربوا من هذا العدو ونالت جباههم قضبان العار والذل.
عروبويو الدكتورة شعبان هم الذين افترسوا الحكم وسطوا على السلطة, واعتبروا العروبة عروبتهم وهويتهم بينما كانوا هم الخوارج وهم الضالون, وهم الذين انتهزوا فرصة غياب نصال السيوف عن رقابهم الى حين..
لننظر الى عروبة شعبان المتوحشة ماذا فعلت في لبنان, وكيف اندحرت منه وخرجت, لننظر الى عروبة صدام حسين ماذا فعلت بالكويت وكيف اندحرت منها وخرجت.. لننظر الى هذه العروبة ماذا فعلت بالشعب العراقي وبأي طغيان حكمته به, وبالشعب السوري وبأي رعب وخوف وزنازين ومخابرات خنقته بها. بالنظر الى هذه العروبة نراها واحدة من القيم اللا أخلاقية, ومن سمات التوحش, حيث أنها أباحت القتل والذبح والقمع وتسلط المخابرات, وقتلت الحريري وسمير قصير وجورج حاوي, ومن قبلهم اغتالت العلماء والمفكرين والصحافيين الدكتور صبحي الصالح, المفتي حسن خالد, الصحافي رياض طه, الصحافي سليم اللوزي, الرئيس بشير الجميل, الرئيس رينيه معوض, والقائمة تطول ومعها أسماء الضحايا.
هذه هي عروبة الوزيرة شعبان, والذي لا ينتمي اليها تراه مستعربا, وكأنها بذلك تؤسس لقبائل الغزو والاحتلال, وتروج لقوانين الغابة, ولا تعتبر مما جرى لعروبة صدام حسين, ولطليعة هذه العروبة هدى عماش الملقبة بالدكتورة جرثومة, والتي لا نتمنى للدكتورة شعبان ان تنال نهايتها وتبلغ مصيرها, اي وجه مطلوب على ورق اللعب, ومجرمة تقبع خلف القضبان.
دعونا الآن نتكلم بالمنطق, فعالم اليوم المعاصر لا يفهم الاهازيج, ولا التفاخر بالماضي المشرق, بينما الواقع حالك شديد السواد, ولا الهتافات, ولا قرع الدفوف على أنغام أمجاد ياعرب أمجاد..العصر ليست هذه هي لغته, والغارقون في الحوار الذاتي غير مسموعين منه, او منتمين لركبه المتحرك, لقد حان الوقت لنفهم أنه من المستحيل علينا ان نعيش على اجترار الماضي بينما في واقعنا نكتب اسوأ انواع التاريخ, ونتجاهل ان حاضرنا بالغ السوء, ومستقبلنا بالغ الغموض وغير معروف.
وكما قلنا فان رغبتنا في الرد على الوزيرة السورية لم تكن واردة, ونقاشنا معها لم يستقم لو لم تكن وزيرة, ومسؤولة, وقادرة على نشر الفيروسات العروبوية في العقل العام السوري والعربي, ولصفة الشخصية العامة المتوافرة فيها أردنا مخاطبة المجموع العام حتى يتقي العروبة البعثية المتوحشة, ويتفادى أنيابها, ويبعد عنه تأثيراتها, ودعاويها لمخاصمة التطور وقوانين الارتقاء ومحاربة الآخر المتحضر بسيوف الخشب وسير عنترة بن شداد وأبي زيد الهلالي.