مجلس الأمن الذي لا يرى إلا بعين واحدة
مجلس الأمن الذي لا يرى إلا بعين واحدة!!
محمد فاروق الإمام
[email protected]
أثارني خبرين تناقلتهما وكالات الأنباء ووسائل الإعلام، الأول: تقديم إسرائيل شكوى
ضد لبنان لخرقها اتفاقيات الهدنة بإطلاق صاروخي كاتيوشا من أراضيها باتجاه الأراضي
الفلسطينية المحتلة، وتحميل الحكومة اللبنانية عواقب هذا الاعتداء، على حد قولها.
والخبر الثاني: عدم تنفيذ إيران لقرارين صدرا عن مجلس الأمن يدعوان إلى وقف أنشطتها
النووية وتخصيب اليورانيوم.
بداية أريد أن أعلق على الخبر الثاني حول عدم التزام إيران بقرارين صدرا عن مجلس
الأمن حول وقف أنشطتها النووية وتخصيب اليورانيوم.. فباعتقادي أن القرارين اللذين
صدرا عن مجلس الأمن ليس فيهما إلزام لإيران كي توقف أنشطتها النووية، أو أنهما
يعتمدان على أدلة تشير إلى تورط إيران باستخدام هذه الأنشطة بهدف امتلاك سلاح نووي،
وقد أكد على ذلك المفتشون الدوليون الذين زاروا مواقع هذه الأنشطة النووية، وأكدت
وكالة الطاقة الذرية على لسان رئيسها البرادعي أن أنشطة إيران هي أنشطة سلمية حتى
الآن، وليس هناك ما يشير عن نوايا بامتلاك السلاح النووي.. وهذا لا يعني أنني راض
عما تقوم به إيران، أو مسلم بما تفعل، وأنشطتها النووية هاجس وكابوس يؤرق حياتنا
نحن دول الجوار والمنطقة.
المثير للضحك أن مجلس الأمن الذي يهيمن عليه الغرب بقيادة الولايات المتحدة هو صاحب
المعيار في إصدار هذه القرارات وتنفيذها أو عدم تنفيذها، والغرب بقيادة الولايات
المتحدة بعد أن أصبحت القطب الوحيد في العالم بعد انفراط عقد الاتحاد السوفييتي هي
من يقرر وهي من ينفذ وهي من يشن الحروب، وقد شنت حرباً ظالمة على العراق واستباحت
أرضه وإنسانه وفضاءه وشجره وحجره ومياهه بأكذوبة هي من اخترعها وروج لها في مجلس
الأمن والمحافل الدولية بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل يهدد بها السلم العالمي،
في الوقت الذي تملك فيه إسرائيل مئتي رأس نووي، ويعرف ذلك القاصي والداني أن الغرب
والولايات المتحدة هي من شجعت ومولت الكيان الصهيوني لامتلاك هذه القدرة النووية،
وهي من تهدد السلم في المنطقة والعالم، والغرب والولايات المتحدة تقف وراء إسرائيل
في رفضها للعشرات من قرارات مجلس الأمن التي تنتهكها، ومن هذه القرارات التي
انتهكتها إسرائيل على سبيل المثال لا الحصر:
* قرار
101/1953 الذي استنكر بلهجة شديدة الهجوم الإسرائيلي على قرية قبية الفلسطينية
وقتل وجرح 141 من النساء والأطفال.
*
القرار رقم 106/1955 الذي يدين إسرائيل بسبب غاراتها الوحشية على غزة، ثم فعلت نفس
الشيء في بداية عام 2009.
*
القرار رقم 162/1961 الذي يحث إسرائيل على الإذعان لقرارات الأمم المتحدة.
*
القرار رقم 242/1967 الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية والعربية
المحتلة وعدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
*
القرار قرار رقم 237/1967 الذي حث إسرائيل على إعادة اللاجئين.
*
القرار رقم 276/1969 الذي استنكر ما تقوم به إسرائيل من أعمال لتغيير الوضع في
القدس.
*
القرار رقم 271/1969 الذي أدان إسرائيل لعدم امتثالها لقرارات الأمم المتحدة حول
القدس..
*
القرار رقم 298/1971 في نفس السياق وحول القدس.
*
القرار رقم 338/1973 الذي يحث إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام
1967 بما فيها القدس.
*
القرار رقم 471/1980 الذي يدين إسرائيل لعدم التقيد باتفاقية جنيف الرابعة.
*
القرار رقم 607/1988 الذي يطالب إسرائيل بالتقيد باتفاقية جنيف الرابعة وعدم إبعاد
الفلسطينيين عن أراضيهم.
إن هذه
الاتفاقية بالإضافة إلى اتفاقيات أخرى مثل اتفاقية لاهاي لعام 1954 لحماية
الممتلكات واتفاقية عام 1972 بشأن الأسلحة البيولوجية واتفاقية عام 1993 بشان
الأسلحة الكيميائية ومعاهدة اوتاوا لعام 1997 بشأن الألغام المضادة للأفراد تلزم
الدول المتعاقدة بما فيها دولة إسرائيل في حال قيام نزاع مسلح أو حرب - كما حدث في
غزة - أن تجنب المدنيين, والأطفال, والعجز والمرضى والجرحى ويلات الحرب. وحتى
المقاتلين الذين ألقوا أسلحتهم, كما وتلزمها بمعاملتهم معاملة حسنة ومعاملة إنسانية
وأن هذه الاتفاقية تمنع الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية والتشويه والقتل
والتعذيب وأخذ الرهائن من المدنيين، وأن تجنب دور العبادة والمساجد والمستشفيات من
أي اعتداء كان، وأن تتيح المجال للصليب الأحمر بالقيام بواجبه وتقديم المساعدات
اللازمة والمطلوبة للمدنيين والجرحى.
إن هذه
الاتفاقية تنطبق على جميع حالات الاحتلال سواء كان احتلالاً كلياً أو جزئيا لمنطقة
أو إقليم ما، حتى وإن واجه هذا الاحتلال مقاومة مسلحه.
وكل
هذه الاتفاقيات الدولية لا تكترث إسرائيل بمحتواها أو تنضبط ببنودها، وهي بعكس ذلك
فإن أفعالها الوحشية والإرهابية تناقض كل ما جاء بهذه الاتفاقيات الدولية رغم
توقيعها عليها.
وهناك
أكثر من عشرة قرارات من مجلس الأمن بالنسبة إلى القدس تدعو إسرائيل بعدم المساس
بمدينة القدس أو تغيير معالمها، وقد ضربت إسرائيل عرض الحائط بكل هذه القرارات، وقد
وصلت في تحديها لمجلس الأمن إلى تغيير معالم المسجد الأقصى، وطرد الفلسطينيين من
بيوتهم واحتلال مساكنهم، ولم يتحرك مجلس الأمن لوقف تعدياتها أو حتى مطالبتها
بالالتزام بقراراته السابقة!!
أما عن
شكوى إسرائيل على لبنان إلى مجلس الأمن، فهذا لا يستحق أي تعليق، لأن من يشتكي لا
يعتدي، كما تفعل إسرائيل صباح مساء منذ ولادتها غير الشرعية عام 1948.
مجلس
الأمن والدول الكبرى المهيمنة عليه ترى القذى في عيون من تريد من الدول ولا ترى
الخشبة في عيون من تريد من الدول، وتقيس أفعال الدول التي تريد بالتيرمومتر في حين
تقيس أفعال البعض بالمتر، فتباً لهذا المجلس الذي يكيل بمكيالين ويزن بميزانين!!