شمس الاشراق أم بوتقة الانغلاق؟؟
شمس الاشراق أم بوتقة الانغلاق؟؟
د.محمد إياد العكاري
منذ اطلاق الرئيس بشار الأسد تصريحاته في خطابه الأخير في مجلس الشعب السوري لتبرير الانسحاب السوري من لبنان بعد التهديدات الجدية التي تعالت صيحاتها من التحالف الأمريكي الفرنسي بعد اغتيال الرئيس الحريري حيث أشار الرئيس بشار الأسد أيضاً باقتضابٍ في خطابه للوضع الداخلي وقال بأنه سيشهد نقلة نوعيةً دون التطرق إلى شيء منه منتظرين بذلك المؤتمر القطري القادم الذي سيعقد في أوائل شهر حزيران من هذا العام .
والحقيقة أن هذا الأمر هو محط آمال وتطلعات شعبنا في سورية بمختلف توجهاته وانتماءاته من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مروراً بالحزب الحاكم وإن كان البعض لا يعول عليه الكثير الكثير ولكن الغالبية العظمى من الشعب السوري ترقب هذا المؤتمر بترقُّبٍ وتلهُّفٍ لخطورة الوضع الرَّاهن فسورية على مفترق طرق ولامنجى لأزمتها إلا بالعودة للشعب وتوثيق العرى بين مختلف قطاعاته منتظرين ما سيسفر عنه المؤتمر من قرارات، وما سيصدره من توجيهات، وماسيحكمه من توجُّهات تحكمُ وتقرِّر ُمصيرَ الشعب السوري وسورية في الفترة القادمة حيث لايخفى على الجميع الوضع الذي تعيشه سورية اليوم هذا الوضع الذي هي أحوج ما تكون فيه إلى التغييرالحقيقي، وصدق التوجهات ،وجدية القرارات ،وإلى وحدة الكلمة والصف والحوار الهادف البناء، وتكاتف الأيدي ،وصلابة الموقف للوقوف في وجه المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة.
وللحق أقول فإن ما جرى لهذا المؤتمر من إعداداتٍ وانتخاباتٍ واهتمامٍ وتركيزٍ لم يجر لغيره بعد الزلزال الذي هزَّ المنطقة برمَّتها من جراء اغتيال الرئيس الحريري ليطلَّ علينا في المؤتمر القطري القادم أكثر من ألف ومائتين من المنتمين للحزب الحاكم ليعقد عليهم الرَّجاء ،ويكونوا محطَّ الآمال في إنقاذ سورية من واقعها الراهن والشِّراك والفخِّ الرَّهيب الذي وضعتها فيه الأحداث المتتالية ،والمواقف الدولية والغربية حيالها، وكذلك مواقف الحكومة السورية التي ارتكبت أخطاءً عديدةً سواءً على الصعيد الداخلي أو الاقليمي أو الخارجي !!
فهل يا ترى تنجح هذه النخبة المنتخبة من فصائل الحزب المختلفة من أعضاء الحزب الحاكم عسكريين ومدنيين،رفاقاً وقيادة في طرحٍ جديدٍ لمشروعٍ حضاريٍ لسورية يتنفس فيه المواطن الحرية والكرامة، ويحترم فيه الإنسان الإنسان، وتحيا فيه الديمقراطية والتعددية ،ويعيش الجميع من أبناء المجتمع تحت سلطة العدالة والقانون.
أجل إن ما نحتاجه اليوم أكثر من أي يوم مضى هو إعادة اللحمة إلى أبناء الشعب السوري، والتكاتف فيما بينهم، ورص البنيان والتعاضد بعد القطيعة الظالمة التي كانت في العقود الماضية.
فهل يا ترى يخرج المؤتمر القطري بقراراتٍ حكيمةٍ؟؟ سواء ًعلى صعيد الحزب نفسه بعدم تفرده واستئثاره بالحياة السياسية وإلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تفوضه ذلك، ليكون الجميع مشاركاً في القرارات التي تحكم مصير سورية في هذا الظَّرف العصيب متعاضدين في خندق واحد لإنقاذ سورية من ورطتها وأزمتها الراهنة التي تعيشها.
وهل يقوم ياترى هذا المؤتمر المشهود بتأدية واجبه وتحمل مسؤولياته والانعتاق بقراراته من ربقة الأجهزة الأمنية وهو الذي عليه أن يحمل هم أبناء الشعب السوري عموماً والانفتاح عليهم بمختلف توجهاتهم وتركيباتهم؟؟
حيث أن الوضع وصل إلى حد من السوء والفساد لم يعد دونه شيءٌ أبداً على جميع الأصعدة كلُّ ذلك حصل في ظلَّ غياب سلطة العدالة والقانون وعدم تطبيقهاعلى الجميع ثم اطلاق أيدي رجال الأمن والاستخبارات المتنفذين وسلطات أذناب البقر ليعيثوا فساداً ويعبثوا بأمن البلاد والعباد قهراً وتنكيلاً، وبطشاً وإرهاباً بدل أن يوفِّروا الأمن والأمان للمجتمع ويحفظوا لأبنائه حريتهم وكرامتهم ليتجرَّع الشعب السوري الويلات لعقودٍ خلت، ويقتات القهر والفقر ،ويتجرع المهانة والذل، ويفقد الأمن والأمان، وتسلب منه الحرية، وتضيع منه الكرامة، في ظلِّ هذا الطاغوت المقيت، والكابوس الرَّهيب لأجهزة المخابرات المختلفة ليعاني أبناء الشعب السوري الأمرَّين ثم َّلتصبح الدولة سلبا ًونهباً للمتنفذين والمحسوبيات وأرباب السلطة والقرابات ليستأسد أصحاب النفوذ بمناصبهم خشية أن تضيع منهم الكعكة ،ويخرجوا من المولد بلا حمص.
لتصبح صورة سورية الحضارة والتاريخ شوهاء وياللأسف الجميع يتحدث عن الفساد بالمليارات من الدولارات لبعض رموز السلطة والقرابات،والاشتراكية التي ينادون بها أصبحت رأسمالية المقربين والمتنفذين ليتراكم غبار التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني عليهاويغطي أرضها ويكدر سماءها من جراء تسلط أجهزة الاستخبارات على مقدرات الدولة كلها بمختلف قطاعاتها بله عن تدخلهم في حياة الناس ومختلف شؤونهم حتى في أفراحهم وأعراسهم وكذلك في أمواتهم وكتابة أوراق نعواتهم !!!
أجل لا تستغربوا هذا في ظل حكم أجهزة الأمن للحياة كاملة في سورية واستيلائها على مقدراتها وقراراتها، وأجهزتها ووزاراتها.
أقول آن الأوان للقرارات الجريئة في المؤتمر القطري المنشود أن ترى النور وتتنفس الصُّعداء في سبيل مصلحة الوطن ولتكف أيدي أجهزة الأمن وسلطات أذناب البقرعن الناس وترفع وصايتها عن الشعب السوري لينعم بحريته وكرامته ويشارك بفعالية وإيجابية في بناء مستقبل سورية التاريخ ،سورية الحضارة، سورية المستقبل .
ولنتتأمَّل من حكماء المؤتمر القطري الذين ينظرون لمصلحة الوطن والمواطن ورفعة البلاد والعباد مايحقق طموحات الشرفاء من أبناء هذا الوطن الغالي وقد قال الشاعر اليعربي قديماً:
لا يُصلحُ النَّاسَ فوضى لا سراةَ لهم | ولا سراةَ إذا جُهَّالـُـهم | ســادوا
ولكن الذي يصلح أمر الناس هو عزيمة الاصلاح والتغيير،والشورى، وتبادل الرأي، والحلم، والمبادرة،دون وجلٍ أوتردد وهذا مانرجوه من المؤتمر القطري المأمول وهذا مانترقبه منهم فكفانا ..كفانا...
آن الأوان ليخرج الحكماء من أبناء سورية من جميع الاتجاهات بما فيهم الحزب الحاكم في المؤتمر القطري ويتحمَّلوا مسؤوليَّاتهم فهم الآن أصحاب الكلمة والقرار قبل أن يكون لاقرار ليتكلموا باسم السوريين كل السوريين ويتحدثوا باستشرافٍ لآفاق المستقبل بنظراتٍ عادلةٍ وتوجُّهاتٍ حكيمة لانتشال الوضع من الحال الرَّاهن يتعاونون مع جميع أبناء الشعب السوري من مختلف التوجهات دون تعصبٍ حزبيٍ ولا طائفي ولامذهبي من أجل سورية المستقبل ...سورية التاريخ ....سورية الحضارة....سورية الشَّام..... لتشرق في الآفاق أنوار الحرية والكرامة .....وينجلي قاسيون شمماً وعزَّاً بأبنائه كل أبنائه ....وتسطع في سماء سورية شمس الديمقراطية بأبهى حللها وأحلى تفاهماتها حيث يكون الحوار الوطني البناء لغة التفاهم بين أبناء الشعب السوري لانتشال سورية من وهدتها، والمضيِّ في درب عزَّتهاوكرامتها،والسَّعي من أجل رفعتها وتقدمها .
فهل نرقب شمس الاشراق؟؟أم نبقى في بوتقة الانغلاق؟؟!! فسورية على مفترق طرقٍ ،والمنطقة برمَّتها تحت تأثير تسونامي جديد، وسورية في قلب الاعصاركما قال باتريك سيل، والعاقل من اتعظ بغيره .