وقفـة مع الرئيـس بشــار

وقفـة مع الرئيـس بشــار

خالد الأحمـد*

جميل جداً أن يطلب الرئيس بشار دراسـة مسـحية تبين اتجاهات البعثيين المدنيين في حزب البعث العربي الاشتراكي السوري ، وجميل أيضاً ، أن تستخدم الدراسـة أحدث تكنولوجيا الحاسـوب والمعلوماتيـة ، وجميل أيضاً نشر هذه البيانات ، وهذا يجري للمرة الأولى في سوريا ، وربما في العالم العربي كله ، مع أن هذه الدراسات تجري في الغرب منذ أكثر من خمسين سنة ، ومعظم قرارات الحكومات الغربية تستند لمثل هذه الدراسات .

ولكن الأجمل من ذلك كلـه أن نستفيد من هذه النتائج التي توصلت لها الدراسة ، ونخطط ونتخذ القرارات على ضوئها ...

النتـائج المذهـلـة :

ومن النتائج التي تخصنا في هذا الموضوع أن ( 4ر53  % ) سيصوتون لمرشحين ذوي اتجاه قومي اسلامي ، وأن ( 3ر24   % ) سيصوتون لقائمة جماعة الإخوان المسلمين . وهذه الأرقام تبين مدى تجذر الفكر السياسي الإسلامي لدى الشعب السوري ، كما تبين الدراسة أن  ( 3 ر 63   % ) يرفضون مبدأ فصل الدين عن الدولة وهو أهم مطالب الإخوان المسلمين .

  ثم يعتقل منتدى الأتاسـي :

لكن ممايؤسف لـه أن القرارات والسياسات ترسـم الآن خلافاً لهذه النتائج المشار إليها ، فقد قامت الدنيا ثم قعدت لأن منتدى الأتاسي قرأ رسالة وصلت في البريد الالكتروني من جماعة الإخوان المسلمين ،  وقد أجمعت المعارضة السورية على قراءة هذه الرسالة ، كما لاقت هذه الرسالة استحساناً كبيراً لدى المعارضة السورية ، هذه الجماعة التي دلت نتائج الدراسة على مدى تجذرها في الشعب السوري ، وآمل من كل سوري غيور على بلده أن يقرأ هذه الرسالة أو مضمونها وقد نشرت في موقع كلنا شركاء ، ومركز الشرق العربي ،وغيرهما . فقد كانت قمـة في الدعوة إلى التلاحم الوطني وعدم الاستقواء بالأجنبي ، وعدم إقصاء أحد ، والتركيز على الحكومة المدنية التي يطلبها الإخوان ، وليس الثيوقراطية كما يتوهم الكثيرون .

 لمـاذا كانت الدراسـة إذن !!؟

ماالفائدة إذن من هذه الدراسـة التي أوفد من أجلها ثلاثة مهندسين ضباط لليابان للتدرب على البرنامج الحاسوبي الذي عولجت به هذه الدراسة !!؟ مادام هذه النسب المشار لها موجودة في صفوف البعثيين أنفسهم ، فكم تكون النسـب في صفوف الآخرين غير البعثيين !!؟ وكم تكون النسب في صفوف المتدينين وهم السواد الأعظم من الشعب السوري .

تغير إيجابي في موقف الشعب من الإخوان المسلمين :

ولابد من القول أن وسائل إعلام النظام السوري نشـرت التهم الباطلة ضـد جماعة الإخوان المسلمين ، وحاولت إقناع الشعب السوري أن الإخوان مسؤولون عن عقد الثمانينات الذي خّرب سوريا ، وزهق عشرات الألوف من أرواح المواطنين الأبرياء ، وشـرد مئات الألوف الأخرى ، مـر عليهم ربع قرن في محنة الغربـة . ثم قيض الله عزوجل هذا التغير الإعلامي الكبير في العالم ، والذي استفاد منه الإخوان المسلمون في الدفاع عن أنفسهم ، ونشر الحقيقة لماجرى في سوريا ، وخلاصته أن النظام هو المسبب في تلك المحن ، وأن الشباب المسلم ( الطليعة وليس تنظيم الإخوان ) حمل السلاح للدفاع عن دينه ودمـه وعرضـه ، بعد أن أجبره النظام على ذلك [ اقرأ مقالاتي في مركز الشرق العربي عن مسجد السلطان ، ووحدات الأمن تجبر الشباب المسلم على الدفاع عن أنفسهم ، وغيرهما ] .

ننتظر من الرئيس بشار أن يستند إلى هذه الدراسـة ، ويتأكد أن معظم الشعب السوري بات يؤيد حركة الإخوان المسلمين ، بعد أن قيض الله عزوجل الفضائيات ، والانترنت ، فتمكن الإخوان المسلمون ـ وللمرة الأولى في تاريخهم ـ أن يخاطبوا الجماهير ، وأن يسمع الناس ماذا يريد الإخوان المسلمون ، وقد نشرت موضوعاً بهذا العنوان منذ شهور في عدة مواقع سورية  ، خلاصته أن الإخوان المسلمين لايريدون سوى أن يسمح لهم بحرية الكلمة ، حرية الكلمة المعاصرة ، بالإذاعة والتلفزة والفضائيات والانترنت ، والمخاطبة الشفوية في الأنديـة والمقاهي وأماكن تواجد المواطنين ، بعد حرم الإخوان المسلمين من حرية الكلمة لمدة تزذد على نصف قرن . وقد كان أعداؤهم يحرمونهم حرية الكلمة لأنهم يعرفون مدى استجابة الشعب العربي لفكر الإخوان المسلمين وحركتهم السياسية ، لكن رحمة الله عزوجل كسرت تلك القيود التي ذبح فيها عشرات الألوف من المواطنين الأبرياء في حماة (1982م) دون أن يسمع  عنهم أحد ، وخاصة عندما أمرت المخابرات الأمريكية جميع وسائل الإعلام بالصمت فصمت الجميع .

 أمريكا تغازل الإخوان المسلمين :

وقرأت منذ سنتين دراسات بحثية تمت في الولايات المتحدة بعد (11 سبتمبر ) تنصح بالتعامل مع الحركات الإسلامية المعتدلة ، لسحب البساط من تحت الحركات الأصولية المتطرفة كالقاعدة .

و هاهي أمريكا التي تتخذ قراراتها وفقاً للدراسات المسحية والميدانية ، ولمراكز البحوث فيها مكانة مرموقة من أجل صنع القرار ، هاهي أمريكا اليوم تصل إلى قناعة مؤداها أنها ستضطر لقبول وصول الإخوان المسلمين للمشاركة في الحكم . بعد أن عجزت كل الوسائل التي جربتها ونفذها عملاؤها في المنطقة ، عجزت عن القضاء على هذه الجماعة .

 انتهى مفعول الدعاية المغرضـة ضـد الإخوان :

وقد كرس أعداء الإخوان خلال نصف قرن مضى جهودهم لرمي التهم الباطلة على الإخوان المسلمين ، ومنها أنهم عملاء للانجليز ، ثم عملاء للامبريالية ، ثم عملاء للصهيونية ، وظل النظام السوري يجبر طلاب المدارس على ترديد هذا الهتاف في الصباح : تسقط الامبريالية والصهيونية وعميلتهم عصابة الإخوان المسلمين .. .

ثم وقف النظام السوري بجيشـه العقائدي يقاتل جنباً إلى جنب مع الامبريالية ضـد العرب البعثيين في العراق الشقيق ( 1991م) ، كما أعلن مسؤول سوري قبل أيام قليلة عن توقف وتجميد العلاقات مع وكالة المخابرات الأمريكية  ، والجيش الأمريكي .   

 فقد عرف الشعب اليوم من هم عملاء المخابرات الأمريكية !!؟ ومن هم عملاء الامبريالية !! وسيعرف الشعب المزيد من الحقائق المذهلة في القريب العاجل . والعاقل من تلاحم مع الشعب ، فلا تفوتك الفرصة أيها الرئيس بشـار ، ليس لك سوى الشعب ، سنداً حقيقاً بعد الله عزوجل ، فإذا أردت أن تكون رئيساً ليس أمامك سوى الشعب ، الشعب الذي يريد أن تكون جماعة الإخوان المسلمين حركة سياسية مشاركة في حماية الوطن ونـهضته والدفاع عنـه .

           

* كاتب سوري في المنفى