مبايعة مبارك..ومدرسة المشاغبين
أ.د/
جابر قميحةفي فيلم "مدرسة المشاغبين" وقد كان في الأصل مسرحية بنفس الاسم، وهي مأخوذة من الفيلم العالمي المشهور (To sir with love) رأينا مشهدًا من مشاهده يتمثل في والديْ الطالبين "الخائبين, وكل منهما يحرص على أن يظفر بيد "المدرِّسة" "ميرفت أمين" زوجة لابنه، وبدأت مباراة ـ أو مزايدة بين الأبوين كل منهما يقدم "عرضًا" مغريا: كشبكة ومهر:
ـ أنا أقدم لك عشرين ألف جنيه" شبكة "، وعربية مرسيدس" مهر " .
ـ وأنا بقى أقدم لك عشرين ألف جنيه وعربية مرسيدس" شبكة " ، وعمارة الشاطبي "مهر".
ـ كده؟؟! طب أنا بقى أقدم لك ... و.... و .... الخ.
واستمرأ "الأبوان الأحمقان" التحدي بالإسراف في المزايدة، ولكن "جهيزة" قطعت قول كل مزايد، فأعلنت المدرسة أنها لن تتزوج أيًّا من الطالبين، ولا واحدًا من غيرهما؛ لأنهم جميعًا إخوتها، وأولادها... كما تقول .
تذكرت هذا المشهد؛ لأنني أرى أننا نعيشه مكررًا في هذا الهزيع من ولاية الرئيس مبارك، وإن جاء المشهد في تشكيل أدق صنعًا، وأبهى مظهرًا، وأشد فتنة، على ما فيه من سقوط لا أخلاقي، وإساءة لقيم الكرامة، والاعتزاز بالنفس، واعتبار الذات، وذلك فيما يسمى بمبايعة الرئيس حسني مبارك "لفترة خامسة".
وقد فتح باب المزايدة الدكتور "شرطة" صوان محافظ الدقهلية – من بضعة أشهر- عندما وقف خطيبًا في افتتاح أسبوع شباب الجامعات بالمنصورة (الذي تكلف عشرة ملايين جنيه فقط) وذلك بحضرة الرئيس مبارك والمحافظين الآخرين، وأعلن ـ بحماسة متوقدة - أن سيادته "باسم خمسة ملايين من أبناء الدقهلية يبايعون "مبارك" رئيسًا لفترة خامسة، تبدأ فورًا دون انتظار شهر أو يوم. أو ساعة "يعني الوقتي حالاً!!! مفهوم؟؟ . وعزّ على قادة الطرق الصوفية أن تفلت "العروسة" من يدهم، فأعلن كبيرهم بأن عشرة ملايين من رجال الطرق الصوفية يبايعون مبارك للفترة الخامسة، وعلى ذلك (إجماع) تم بالشورى الشرعية، كما زعم الكبير جدًّا.. الشيخ الشناوي.
انتبه أيها القارئ: إن هذا يعني ـ على افتراض صدق "صوان" والشناوي، أن مبارك حصل على 15 مليون صوت (ولم يعرض نفسه لاستفتاء أو ترشيح).
"الله!! طب أنا رحت فين ؟؟؟ " . هذا ما حدث به السيد راشد رئيس اتحاد العمال ـ نفسه ـ وقال" لأ.. لازم أنزل لهم "بالتقيل" بل "بتقيل التقيل" فأدلى ـ يوم الإثنين 2من مايو2005 ـ لصحيفة قومية بتصريح قال فيه "إن العمال يعيشون عصرهم الذهبي في عهد مبارك، وأن 20 (عشرين) مليون عامل يجددون العهد لاختيار مبارك لقيادة مصر، حيث يرونه خير حارس لمكتسباتهم، وأفضل مدافع عن حقوقهم، كما يعلنون مبايعهم له زعيمًا من أجل مسيرة التنمية..".
وقد أكد هذا المعنى في كلمته التي ألقاها بين يدي الرئيس مبارك في الاحتفال بعيد العمال يوم الثلاثاء الثالث من مايو الماضي.
انتبه أيها القارئ: معنا حتى الآن ـ لصالح الرئيس مبارك ـ 5 ملايين (من صوان) + 10 ملايين (من الشناوي) + 20 مليونًا (من السيد راشد) , والحصيلة النهائية 35 مليونًا من الأصوات للرئيس مبارك، مع أنه أعلن صراحة ـ في حواره مع عماد الدين أديب ـ أنه لم يقرر حتى الآن إن كان سيرشح نفسه أم لا.
ويدور في خاطري بضعة أسئلة أطرحها على الثلاثي المزايد:
الأول: من أعطاكم الحق في تمثيل هذه الملايين؟ وقد رأيت بعضًا منهم ـ في محطات فضائية ـ يصرخ ويقول: كيف يدعي "فلان" أنه يمثلني، وينطق باسمي ، وأنا لم أعطه تفويضًا بذلك؟؟
الثاني: ما موقف هذا "الثلاثي العجيب" إذا قرر مبارك ألا يرشح نفسه، ورشح الحزب الوطني "ابنه جمال" أو "صفوت الشريف" أو الشاذلي؟ أتبقون هذه المبايعة، كما هي، أم تسحبونها؟ وكيف؟
والثالث: أنتم "يا ثلاثي.. يا محترم جدًّا" أسأتم بادعاءاتكم هذه إلى الرئيس مبارك:
أ ـ لأنكم كذبتم عليه، وكذبتم على الواقع، فعدد الأصوات المصرية أقل من 35 مليون صوت بكثير جدًّا.
ب ـ ولو صدقكم الناس، وفاز مبارك بـ (25 مليون صوت) لكان نجاحه بنسبة 70% مثلاً , وهذا طبعًا يعد صدمة للناس اللي فوق.
أما السؤال الرابع والأخير فهو كيف ستتحكمون في هذه الملايين "التي تمثلونها" (!!!) لتوجهوها الوجهة التي أردتموها، وأعلنتموها للرئيس مبارك، مع أن فيهم إعدادًا ضخمة من الإخوان واليساريين والوفديين وأعداء النظام.. الخ؟؟
أيها الثلاثي الغريب العجيب، تذكروا أن الحياء شعبة من الإيمان، وإذا لم تستحي فاصنع ما شئت.