القضية السورية (5 من 6)

القضية السورية (5 من 6)

(قضية الصراع بين السلطة الحاكمة والإسلام)

د.محمد بسام يوسف

[email protected] 

3- المرحلة الثالثة (1983-2000م) : الصراع السياسي والإعلامي والأمني :

شكّلت مأساة حماة التي دمّرتها أجهزة السلطة .. منعطفاً حاداً في تاريخ الحركة الإسلامية وتاريخ الصراع مع النظام، وقد كان هذا المنعطف دافعاً قوياً للمراجعة وإعادة النظر بمواقف الحركة وسياساتها وخطتها، على ضوء المستجدّات الملحّة، وكان لا بد من مراجعةٍ شاملةٍ للوسائل والأدوات التي تحقق الهدف، وهو رفع الظلم عن كاهل الوطن والشعب، وهذه المراجعة هي من النهج الثابت للحركة، فهي تنتقل في صراعها مع النظام من طورٍ إلى طور، ومن موقعٍ إلى آخر، وفي كل مرحلةٍ تعيد تقويم موقفها، وتطوير رؤيتها، داعيةً دائماً إلى وطنٍ حرٍ مستقر، ينعم فيه كل أبنائه بالحرّية والعدالة والمساواة .

من أبرز الأحداث والمنعطفات التي وقعت في هذه المرحلة الطويلة (1983-2000م) التي انتهت بوفاة رئيس النظام (حافظ الأسد) .. ما يلي :

1- استمرار التدهور في الأوضاع الداخلية، الذي كان يظهر على شكل مجازر مستمرةٍ يرتكبها النظام في سجن (تدمر) وفي حماة .. أو على شكل الاستمرار في مصادرة الأملاك والاستيلاء على بيوت المعتقلين والملاحقين .. أو على شكل الاستمرار في التحدي السافر للإسلام وقِيَمِه، كالاستمرار في الاعتداء على حجاب المرأة المسلمة والفتاة المسلمة في المدارس (نزع الحجاب عن رؤوس طالبات المدارس الحمويات بالقوة بتاريخ 9/3/1983م) .

2- الاستمرار في سياسة الإعدامات والتصفيات الجسدية في الجيش السوري، فقد أعدم عشرة ضباطٍ في ضواحي مدينة طرطوس الساحلية في (كانون الثاني 1983م)، وكذلك أعدم (52) ضابطاً في حقل الرمي بعرطوز في (شباط 1983م)، وتم إطلاق حملة تسريحات واعتقالات في صفوف الجيش في (تموز 1983م)، وإعدام (21) ضابطاً في اللاذقية في (كانون الثاني 1984م)، وقتل ضابطٍ مسرّح في اللاذقية بتاريخ (19/4/1984م)، وإعدام تسعة ضباطٍ طيارين بتاريخ (20/7/1984م)، واعتقال (45) ضابطاً وإعدام عشرة، بعد الزعم بوقوع محاولةٍ انقلابيةٍ في (تموز 1984م)، .. !..

3- استمرار حملات الاعتقال والتعذيب والقتل والمداهمة وتطويق الأحياء وتمشيطها من قبل أجهزة النظام العسكرية والأمنية، فقد استشهد مواطن تحت التعذيب في (فرع الخطيب-251) في (نيسان 1983م)، وقُتِلَت سيدة مسنّة في جبل العرب في (آذار 1983م)، واغتيل طالب سوري في اليونان بتاريخ (28/7/1983م)، وتم تطويق حي الميدان بدمشق وتمشيطه في (تشرين الأول 1983م)، وبدأت حملة اعتقالاتٍ وتمشيطٍ في أحياء حلب بتاريخ (7/5/1983م)، وكذلك حملة اعتقالاتٍ واسعة شملت حمص واللاذقية وجبل العرب ودمشق (25 معتقلاً) وبلدة التل القريبة من دمشق (30 معتقلاً)، وذلك في (آذار 1983م)، وحملة اعتقالاتٍ جديدةٍ في اللاذقية وحماة في (آذار ونيسان 1984م)، ثم تجدد الاعتقالات في حماة وحلب في (حزيران 1984م)، وكذلك حملة اعتقالاتٍ واسعةٍ في إدلب ودير الزور، .. !..

4- إحالة (175) مدرّساً ومدرّسةً في حماة إلى وظائف مدنية، وذلك في مطلع العام الدراسي (1983-1984م) .

5- استمرار النظام في سياساته التآمرية على الساحة العربية (تعطيل مؤتمر القمة العربية الرابع عشر)، وسياساته الطائفية في لبنان، والكيدية التمزيقية لضرب المقاومة الفلسطينية، والتخريبية الإرهابية ضد تركية!..

6- تحالف الحركة الإسلامية مع بعض الأحزاب والفئات والشخصيات المعارضة للنظام، وتشكيل ما سمي بـ (التحالف الوطني لتحرير سورية)، الذي اتخذ فيما بعد لنفسه اسم (الجبهة الوطنية لإنقاذ سورية).. واستمرار العلاقة السياسية الطيبة للحركة، مع عددٍ من الدول العربية الشقيقة، ومع الأحزاب والجماعات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي، وفي بعض الدول الأجنبية التي فيها جاليات إسلامية .

7- خوض الحركة جولتين من المفاوضات مع النظام السوري لحل المشكلة بين الطرفين، وذلك في عام (1984م)، وعام (1987م)، ولم تسفر هذه المفاوضات عن شيءٍ ذي بال، بسبب تعنّت وفد النظام، ورفضه تحقيق مطالب الحركة العادية المشروعة، السياسية والحقوقية الفردية الطبيعية لكل مواطنٍ يطمح إلى العيش في بلده بحريةٍ وأمان، علماً بأن هذه المطالب المشروعة لم تتعدَ ضمان حرية العمل الإسلامي، والإفراج عن المعتقلين، ووقف ملاحقة المطلوبين، وعودة المنفيين والمهجّرين، وإلغاء القانون رقم (49) لعام (1980م) الذي ينص على إعدام كل منتسبٍ إلى جماعة الإخوان المسلمين (مجرد الانتساب)، واحترام قِيَم الإسلام وشعائره، وضمان الحريات العامة والمساواة بين المواطنين!..

8- استمرار الحركة بشرح قضيتها، ومطالبة النظام الحاكم برفع الظلم عن كاهل الشعب السوريّ، وردّ حقوقه المسلوبة في وطنه، وأهمها حق التعبير عن رأيه، وكل الحقوق التي كفلتها شرائع السماء ومبادئ حقوق الإنسان!..

9- دخول الحركة في مرحلة صراعٍ أمنيٍ مريرٍ مع النظام الحاكم وعملائه وأعوانه، الذين كان يحاول دسّهم في صفوفها، لشقّها، ولنشر الإشاعات، وللقيام بمحاولات الابتزاز وإيجاد التناقضات مع الدول المضيفة، والنيل من سمعة رجالات الحركة ومفكريها!.. وقد كشفت الحركة العشرات منهم، وفوّتت عليهم الكثير من الفرص .

10- استمرت الحركة برعاية أسر المنكوبين من سياسات النظام، والشهداء والمعتقلين من ضحاياه، كما قدّمت يد العون لبعض أفرادها في تأمين فرص العمل، وتأمين القبول الدراسي لطلابها في بعض الجامعات العربية .

11- قام النظام بالإفراج عن أعدادٍ من المعتقلين (أكثر من ألفي معتقلٍ وسجينٍ سياسي)، بمجموعاتٍ متعاقبة، وبقي مصير الآلاف من المعتقلين المظلومين مجهولاً!..

12- شنّ حملة اعتقالاتٍ ومداهماتٍ في بعض المحافظات السورية ضد بعض الإسلاميين، لاسيما أعضاء (حزب التحرير الإسلامي)، وقد اعتُقِل مئات الأشخاص وهُجِّرَ عدد آخر منهم إلى خارج البلاد خوفاً من الاعتقال والتعذيب .

13- تجاوبت الحركة الإسلامية مع مبادرة الأستاذ (أمين يكن) رحمه الله، الذي توسط لحل القضية مع النظام السوري، لكن النظام خذله كعادته، ثم اغتيل على أيدي مجهولين داخل البلاد، يظن أنهم ينتمون إلى إحدى الجهات الأمنية، التي تقف حائلاً أمام أي حلٍ للقضية بين الإسلاميين والنظام الحاكم، ويذكَر أنه سبق مبادرة (يكن)، نزول الشيخ (عبد الفتاح أبو غدة) رحمه الله إلى سورية في عام 1996م، للتفاوض مع رئيس النظام (حافظ الأسد) حول حل المشكلة، لكنه أيضاً عاد خائباً، ولم يتمكّن حتى من الاجتماع إلى (حافظ الأسد)!..

14- وفاة رئيس النظام (حافظ الأسد)، وبداية ظهور تصريحاتٍ سياسيةٍ للحركة الإسلامية، توضح استعدادها لحل المشكلة مع النظام، الذي تمت تهيئته لاستلام (بشار بن حافظ الأسد) زمام الأمور في سورية، رئيساً للجمهورية بعد وفاة والده!..

خامساً : انفتاح الحركة الإسلامية على العهد الجديد (2000-0000م)

لقد عانى شعبنا السوريّ الأمرّين -وما يزال- طوال أكثر من ثلث قرن، بسبب الاستبداد والظلم والجور والقهر، على نحوٍ لم يسبق له مثيل، ولقد كان للقوى السياسية الوطنية الحقة الفاعلة في سورية دورها المشرّف، في مقاومة الطغيان ومقارعة الظلم والاستبداد، بكل الوسائل الممكنة، وكان للحركة الإسلامية دورها الطليعيّ الرائد في تلك المقاومة والمنازلة، وما يزال هذا الدور متوهّجاً فاعلاً، وفق نهجٍ قديمٍ-جديدٍ متطوّر، جاء عصارةً لتجارب العقود الماضية في العمل والكفاح، وبدأ هذا النهج بالرسوخ والاستقرار، اقتناعاً بأنه الطريق المجدي المناسب للظروف والمرحلة التاريخية، باتجاه إحقاق الحق وإبطال الباطل، والعودة بالوطن والأمة إلى حقيقة دورهما وأَلَقِهِما، ضمن لُحمةٍ وطنيةٍ راقية، يتسامى فيها أبناؤها على جراح الماضي وآلامه وفجائعه .. فالوطن مستهدَف، والمصير مشترك واحد، والعدوّ على أبوابه وعند أعتابه، يكاد يُطبق عليه من كل الاتجاهات!.. ومن هذا المنطلق، الذي يضع المصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبار، فإن الحركة أعلنت بشكلٍ واضحٍ -على الرغم من اعتراضها على الطريقة التي تم بها تنصيب (بشار حافظ الأسد) رئيساً للجمهورية، ومطالبتها بأن يُردّ الأمر إلى الشعب ليختار من يمثله بشكلٍ حرٍ وحضاري، وأن تُرفع الوصاية العسكرية والأمنية والحزبية عنه- .. على الرغم من ذلك، فقد أعلنت على لسان أعلى سلطةٍ فيها .. أنه ليس لديها مشكلة مع شخص الحاكم الجديد (بشار الأسد)، ولا تحمّله مسؤولية الماضي، وأنّ المهم عندها هو منهاج الحكم والسياسات وبرامج العمل والإصلاح، وموضوع الحرية، وقبول التعددية الفكرية والسياسية، والمساواة بين المواطنين، وتحقيق الوحدة الوطنية وبرامج التنمية، .. وأنّ الحركة الإسلامية تطمح أن تقوم بدورها كاملاً في الساحة الوطنية، من مثل : تدعيم الوحدة الوطنية على أساس أنّ الوطن لجميع أبنائه، والمشاركة في الحياة السياسية بشكلٍ إيجابيّ، ومناهضة المشروع الصهيوني والهجمة التطبيعية بالتعاون مع جميع القوى الوطنية، والمساهمة في برامج التنمية الاقتصادية للخروج من الوضع الاقتصاديّ الذي ينوء تحته المواطن، وإزالة عوامل الفساد والاحتقان السياسي والاجتماعي!..

لقد أعلن النظام على لسان رئيسه الجديد في (خطاب القَسَم) أمام مجلس الشعب في (تموز 2000م)، أنه سيسير في طريق الانفتاح والإصلاح السياسي والاقتصادي والتربوي والاجتماعي والأمني، وقطع على نفسه الوعود، بأنه سيحارب الفساد بكل أشكاله، وسيرسّخ دولة القانون، وسيحفظ للمواطن حقوقه الكاملة .. لكن وبعد مرور أكثر من ثلاث سنواتٍ على الوعود التي قُطِعَت في (خطاب القَسَم)، ما يزال النظام يتخبّط في خطواته، ويُصرّ على نهجه الاستبداديّ الأحاديّ .

من أبرز المنعطفات والأحداث التي وقعت حتى الآن خلال هذا العهد الجديد :

1- قام النظام بعملية (غض نظر) عن بعض مظاهر الحراك السياسي ونشاط المجتمع المدني، الذي أفرز تشكيل بعض المنتديات السياسية والثقافية في المحافظات الكبرى الرئيسية، وقد شهدت الساحة السياسية السورية بعض الحرية في إبداء الرأي غابت عنها عشرات السنين، لكن ذلك كله تم إجهاضه من قبل النظام، وألغيت المنتديات، واعتقل بعض مؤسسيها والمنتمين إليها!..

2- صدور بيان المثقفين، الذي سمي ببيان الـ (99) في عام 2001م، الذي يطالب السلطات السورية بالديمقراطية والانفتاح وإطلاق الحريات العامة، وكذلك صدور بيان الـ (ألف) عن ألف مثقفٍ سوريّ، يطالب بإطلاق الحريات العامة، وقد كان لمثل هذه البيانات غير المعهودة في الساحة السورية، أثرها لدى الشارع السوري المتعطّش للحرية ولرفع كابوس الظلم والاستبداد عن كاهله، لكنها لم تلق أي تجاوبٍ لدى النظام الحاكم، بل هوجم أصحابها على لسان رئيس العهد الجديد أكثر من مرةٍ بمقابلاتٍ أو تصريحاتٍ صحفيةٍ وتلفزيونية .

3- استمرار فرض قوانين الطوارئ والأحكام العرفية، المفروضة أصلاً منذ عام 1963م، واستمرار محنة المعتقلين والمفقودين والمهجّرين من أبناء الوطن، واستمرار حرمان عشرات الألوف من المواطنين الإسلاميين وغيرهم من أبسط حقوق المواطنة .

4- بروز ظاهرة تحدي السلطات الحاكمة، بالمجاهرة في إبداء الآراء المخالفة لرأي النظام والمعارِضة لبعض سياساته، لكن هذه الظاهرة قُمِعَت بقسوة، واعتُقِل أصحابها وحُكِم عليهم بالسجن، كما حصل مع النائِبَيْن في مجلس الشعب (رياض سيف ومأمون الحمصي) ومع زعيم حزب العمل الشيوعي السوري (رياض الترك) في عام 2002م، الخارج لتوّه من غيابة السجن الذي قبع فيه قرابة سبعة عشر عاماً!..

5- قامت الحركة الإسلامية بإطلاق (ميثاق الشرف الوطني) في عام 2002م، الذي اتفقت عليه بعض الأحزاب والشخصيات السياسية المعارضة للنظام، وشُكِّلَت له لجنة باسم (لجنة الميثاق)، وعقد المتعاقدون عليه (مؤتمر الحوار الوطني الأول) خارج سورية، وعرضوا رؤيتهم المشتركة لمستقبل سورية السياسي الذي يجب أن يكون، وتم إصدار بياناتٍ عدة باسم اللجنة المشتركة للميثاق .

6- كما قامت الحركة بإعداد (المشروع الحضاري لسورية المستقبل)، الذي تعرض فيه رؤيتها الإسلامية والسياسية لمستقبل سورية : (الوطن والشعب)، وتأكيدها على إقامة بنيان دولةٍ حديثةٍ، تَستمدّ من الإسلام روحَ العدالة والمساواة والتسامح، وروحَ العقد السياسي الذي يوظَّف الحاكم بموجبه مشرفاً على صيانة العدل وحماية الحق ورعاية الناس، وفيها من الحداثة كل معطياتها الإيجابية، وأساليبها العصرية، بما يحقق الأمل المعقود عليها، والمنصوص عليه في مقاصد الشريعة العامة، في إطارٍ من الرحمة الإسلامية العامة .

7- ما يزال النظام الحاكم يتمسك بثوابته في حكم (الحزب القائد)، وقد نص على ذلك بالمادة رقم (8) في الدستور، وما يزال يُصرّ على النهج الاستبداديّ، على الرغم من أنه أطلق سراح مئات المعتقلين السياسيين، وحاول أن يغزل للناس وعوداً عن ضمان الحرية والأمن والديمقراطية والإصلاح والانفتاح!..

8- توظيف النظام توجّه أميركة والغرب في ما يسمى بـ (مكافحة الإرهاب)، واستغلال ذلك للابتزاز، وللإيقاع بالإسلاميين وأبناء الوطن، بعد تلفيق تهم الإرهاب لهم، وخضوعه خضوعاً تاماً للإرادة الخارجية، مع تصنّعه التزام الوطنية والصمود والثبات على المبادئ في أجهزة إعلامه .

9- استمرار نهج الاعتقال والتوقيف من غير محاكمة، وتزوير إرادة المواطن في الاستفتاءات والانتخابات، والإذلال والاضطهاد .. وقد روى أحد المعتقلين العراقيين في سورية (هلال عبد الرزاق)، من حَمَلَة الجنسية البريطانية .. لجريدة (القدس العربي) الصادرة في لندن، الذي أفرِجَ عنه بعد عامٍ تقريباً، من أحد سجون النظام السوري في العهد الجديد بلا أية تهمة .. روى أموراً رهيبةً مخزيةً شاهدها في السجن وعايشها، عن القمع والبطش والتعذيب والابتزاز واللصوصية والقهر، فقد شرح كيف يُقمَع المواطن السوريّ، وكيف يُحارَب الطفل المسلم، وكيف تُحارَب المرأة المسلمة، وكيف تُنتَهَك الكرامة الإنسانية للسوريين، بغضّ النظر عن انتمائهم السياسيّ والدينيّ، وكيف تُزوَّر إرادة الشعب في الانتخابات، وكيف تُحارَب الجالية الفلسطينية ويُتآمَر عليها، وكيف تنمو عصابات الفساد والمافيات واللصوصية، وكيف ينافق النظام الحاكم ويقدّم صورةً مشرقةً مزوَّرةً خادعةً عن نفسه، وكيف تُحصى على المواطن أنفاسه وتُراقَب حركاته ومكالماته الهاتفية، ثم يُسَلَّط عليه أنذل خَلْقِ الله وأشدّهم انحطاطاً وساديّةً وشذوذاً، وكيف تُمارَس سياسات التمييز بين المواطنين، من قِبَلِ ثلّةٍ انسلخت عن الشعب والوطن، وغدت لا تمثّل إلا نفسها، وتقترف ما تقترف باسم طائفةٍ كاملة!.. وذلك كله، من خلال ما شاهده بنفسه وعايشه في السجن، في الفترة الواقعة ما بين (23/7/2000م) و(22/6/2001م)، أي في العهد الجديد!..

10- استمرار تعامل النظام مع أبناء الشعب بعقليةٍ أمنية، وعقلية القمع والبطش وحمّامات الدم والأحكام العُرفية، وخير دليلٍ على ذلك طريقة تعامله مع شريحة الأكراد السوريين في القامشلي وحلب في (آذار 2004م)، التي بدأت بمباراةٍ رياضيةٍ عادية، وذهب ضحيتها قتلى وجرحى!.. وكذلك طريقة تعامله مع بعض الاعتصامات المدنية السلمية، كالاعتصامات التي قام بها طلاب (جامعة حلب) في (آذار 2004م)، التي قام من خلالها بحملة اعتقالاتٍ تعسفيةٍ في صفوف الطلاب، وقام وكلاؤه في مجلس الجامعة ومجالس الكليات بحملة تطهيرٍ أدت إلى فصل عددٍ من الطلاب من الجامعة، وتجميد الدراسة لعددٍ آخر منهم!.. وكذلك موقفه القمعيّ من الاعتصام الذي قام به أنصار المجتمع المدني وحقوق الإنسان في (آذار 2004م) عند مبنى (مجلس الشعب)، للمطالبة باحترام حقوق الإنسان السوري، وكذلك قمعه الاعتصام السلمي الذي نُفَّذَ عند القصر العدلي بدمشق في آذار 2005م.. كما أنّ الاعتقالات التعسفية والمحاكمات العُرفية خارج إطار القانون.. ما تزال يوميةً مستمرّةً بحق كل مَن يرفع صوته للمطالبة بالحرية ورفع الظلم عن كاهل المواطن السوريّ، ولعل البيانات الرسمية شبه اليومية الحالية لمنظمات حقوق الإنسان السورية، خير دليلٍ على استمرار هذا النهج الثابت الظالم للنظام !..

يتبع إن شاء الله