في ذكرى إحراقه... هل هو في خطر

صلاح حميدة

[email protected]

تمر هذه الأيام ذكرى إحراق المسجد الأقصى على يد عنصري يهودي، وبالرغم من إخماد لهيب النار التي التهمت أجزاء مهمة من المسجد، بما فيها منبر صلاح الدين الأيوبي محرر القدس من الفرنجة، إلا أن ناراً أخرى لا زالت تلتهم الأقصى والقدس والمقدسيين حتى الآن.

لم يتوقف استهدا ف القدس والأقصى - ومن فيهما من الفلسطينيين -  بكل الوسائل، ولا زالت حرب المصادرة والتهويد والتطهير العنصري مستمرة، ولا زال المقدسيون يعانون، ولا زال الأقصى يعاني من  كل محاولات عزله عن أهله، ومنعهم من الصلاة فيه، فتدريجياً فقد الأقصى الكثير ممن كانوا يستطيعون الوصول والصلاة بين جنباته، وبالرغم من أن كل أساليب الاحتلال التي تتعرض للأقصى وتهدف لهدمه وتهويده خطيرة، إلا أن أخطر هذه الوسائل هو منع المسلمين من الصلاة فيه.

استهداف الأقصى على مدار الساعة لم يمنع المسلمين من الدفاع عنه، وشهدت ساحاته والساحات المحيطة بالقدس مذابح قدم فيها الشعب الفلسطيني خيرة أبنائه دفاعاً عن القدس والأقصى، وكلما تم تحجيم وتقليل المسموح لهم بالدخول والصلاة في الأقصى، كلما يسر الله له من يذود عنه ويرابط فيه ويدافع عن حياضه، وفي هذا المقام لا بد من إكبار الجهود الصادقة، التي تقدمها باقة من الشخصيات والأفراد والعائلات والحركات والمؤسسات الأهلية في هذا السياق، ولا بد أيضاً أن يذكر رجل الأقصى الشيخ رائد صلاح ومن معه، الذين لا ينامون الليل في سبيل الدفاع عن الأقصى وإبقاء ساحاته مليئة بالمسلمين والمصلين، والأسواق المحيطة به مليئة بالمتسوقين، عبر ما يطلق عليه مسيرة البيارق.

بالرغم من ذلك، الأقصى لا زال في خطر، كل يوم نسمع أخباراً عن انهيارات ارضية نتيجة للحفريات أسفل الأقصى، فشجرة معمرة تنهار هنا فجأة، ومدرسة تسقط أرضيتها في سلوان بطلابها نتيجة للحفريات، وتشققات في ساحات الأقصى ناتجة عن عمليات الحفر المجنونة تحت بلاط الأقصى، يقول أحد خبراء الآثار الفلسطينيين، أفقنا يوماً، ولم نجد أي ماء في أحد آبار المسجد الأقصى، وحضروا إلي وسألوني عن السبب؟ فنزلنا في البئر لنعرف السبب، فوجدنا عدداً من المتدينين اليهود يقومون بأعمال حفريات داخل البئر وقد وصلوا له من الأسفل!

ومن المهم أن يعرف جمهور المسلمين أن أسفل الأقصى يتعرض لحفريات كبيرة، ليل نهار، وما يتم الآن من هذه الحفريات، جعل أسفل المسجد عبارة عن منطقة فارغة في أغلب مناطقها، وهذا الفراغ وما ينتج عنه من انهيارات وتشققات وغيرها لا يمر أسبوع أو شهر حتى نسمع عنها، يجعل جميع الاحتمالات واردة الحدوث، فماذا لو تم العبث بأساسات المسجد من الذين يقومون بالحفريات، وافتعلوا انفجاراً أو هزة ما؟ ما الذي من الممكن أن يحدث؟ وماذا لو جرت هزة أرضية بفعل الطبيعة؟ ما الذي سيجري حينها؟.

بموازاة الحفريات هناك شيء ما يجري نصفه في العلن، والنصف الآخر  في الخفاء، يتم التخطيط لبناء جسر، ولعله بدء بالعمل به يستطيع حمل شاحنات تدخل من باب المغاربة، فيا ترى لماذا يعد هذا الجسر، وما الذي ستحمله تلك الشاحنات التي يخطط لإدخالها للأقصى؟.

تم بالأمس إحباط مخطط لتغيير أقفال ومفاتيح أحد أبواب المسجد الأقصى من قبل مجموعة من المستوطنين الذين يعملون على اقتحام المسجد بشكل شبه اسبوعي، فلماذا يريدون تغيير أقفال ومفاتيح المسجد الأقصى؟.

يتم تداول مشاريع وأحاديث عن سعي رسمي من الدولة العبرية والجمعيات الاستيطانية،  لتقسيم المسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين، ويتم تداول هذا الموضوع بشكل علني هذه الأيام وبتواتر وتسارع غريب! فما الذي يجري في الخفاء فيما يخص المسجد؟ وهل لهذا علاقة بما يعرف بجعل مكان المسجد قبلة لكل أصحاب الأديان؟.

يتم الإعلان اليوم أيضاً عن تدريبات للقوات الخاصة الاسرائيلية لتسلق جدران المسجد الأقصى واقتحامه؟ لماذا يتدربون على ذلك؟ وهم لهم مركز شرطة في وسط ساحة الأقصى، وشرطتهم على الأبواب؟ ويدخلون ويتجولون في ساحاته يومياً؟ إذا لماذا  يتدربون على اقتحام المسجد عبر تسلق الأسوار؟ وهل ستستجد أحداث قريبة تستلزم تسلق الأسوار واقتحام المسجد؟ وهل الحدث القادم الذي يخطط له سيجبر المسلمين على إغلاق أبواب المسجد والاعتصام فيه، ولهذا تمت محاولات تغيير الأقفال؟.

أسئلة كثيرة، لا تشير إلا أن المسجد الأقصى على أبواب خطر كبير، خطر داهم، خطر قد يكون استراتيجياً ومؤثراً على المسلمين في العالم أجمع، فهذه التسريبات الإعلامية كلها تشير إلى ما يعده أقطاب الدولة العبرية والمستوطنون العنصريون للمسجد، فما الذي أعده ويعده المسلمون لليوم الذي قد تقع فيها فاجعة لا يمكن أو يمكن تخيّل ماهيتها حتى الآن.