أنا وناطور البناية
أبو الشمقمق
انعقد لساني من الدهشة . وقفت مذهولاً و في نفسي تتلاطم أمواج من
الحيرة والغضب والحقد ..أخذت أسترجع قول الشرطي ( لا تقبل
الجمارك بأقل من مئة مليون في اليوم ....!!) أين يذهب ابناء الزانية
بهذه الأموال ..؟ هل يكدسونها للتحرير.. ؟ احتقرت نفسي وقرفت
حياتي ...لقد تقاعدت بعد خدمة أربعين عامأ في خدمة الدولة وبقيت
نظيف اليد والجيب أيضاً مرتاح الضمير، وخرجت بثلاثة آلاف ليرة
...! تعادل ستين دولاراً في حساب تلك الأيام ، قسم منها يذهب
زوجتي التي فنت عمرها في التعليم إلا فتات الفتات ..
- لست وحدك أبي ! بل هناك الملايين ممن تعاني كما تعاني ، الشعب
كله يعاني أبي ...! قال جاري أبو صياح الحمصاني وهو يعد لي
طبقاً من الفول .
- شددنا الحزام على البطن والظهر وعصرنا الكلاوي فلم ينفع ..أحياناً يا
أبا صياح أحس بندم شديد لأنني لم أمد يدي إلى مال الدولة ..وأنت تعلم
أن الدولة تسرقنا اليوم عينك عينك ...!
- أعوذ بالله ياجار ...لاتفكر بمثل هذه الأفكار ...أبي !
- كل هذا مفهوم ، لكن يا أبا صياح مايغيظني أكثر أن أرى ناطورالبناية
يتقاضى عشرة آلاف ليرة من لجنة البناء ويجني من السكان اضعاف
هذا المبلغ لقاء خدمات عادية فيصل دخله إلى خمسين ألف ليرة...! هذا
غيرمايتقاضاه من المخابرات لقاء رصد حركاتنا وسكناتنا ...
- الله لايجعلنا من الحاسدين أبي ...!
- المسألة ليست حسداً ياجار ، وإنما قهراً ...أنا صاحب المنصب الرفيع
في الدولة ومعي شهادات من كل صنف ولون ، والناطور لايفك الحرف
، وآتي آخر الزمان وأستدين منه ....؟