أَطبقَ الطَبقةُ على أسدٍ فطَبَقَه

سيد السباعي

منذ فترة وأنا مبتعد عن الكتابة لإعتقادي أنه لا صوت للكتابة مع ضجيج المعركة ولكن مادعاني لذلك الآن هو ماسمعته من بعض زملاء وأصدقاء الثورة من تباكيهم على مجرمي مطار الطبقة العسكري من ميليشيات بشار لإعتبارات وأسباب مختلفة ، لذلك وجدت أن من واجبي الأخلاقي ومن منطلق فكري ومنطقي وخلفية قانونية أن يتم توضيح الأمر وتفنيده بالعقل والمنطق ، ليس دفاعاً عن داعش أو سواها وإنما كي لا يأخذنا البعض إلى تفسيرات خاطئة تضر ثورتنا ..

وللحكم على ماحدث علينا أولا ًتصنيف هؤلاء: فهل هم مجرمون ، أم أسرى حرب لا يجوز قتلهم ؟؟  وهل ما حصل كان حرباً بين طرفين أم أنهم قتلة  تم إلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم وتنفيذ حكم الإعدام فيهم؟

إن الحرب تكون بأن يختلف فريقان ( لأي سبب كان ) فيُعدُ كل فريق منهم العدة ، ويلتقون في موقعة  يتقاتلون فيما بينهم ، فيغلب أحدهم ، وقد يأسر بعض الأسرى .. وفي هذه الحالة يكون المُحتَجزون ( أسرى ) ويسري عليهم قوانين أسرى الحرب ، ولا يجوز قانونياً ولا أخلاقاً أو دينياً قتلهم ..

أما تعريف الحرب في ويكيبيديا فهو: الحرب هي نزاع مسلح تبادلي بين دولتين أو أكثر من الكيانات غير المنسجمة، حيث الهدف منها هو إعادة تنظيم الجغرافية السياسية للحصول على نتائج مرجوة ومصممة بشكل ذاتي.http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B1%D8%A8

وهذا مالم يحدث على الإطلاق في هذه الحالة ، وإنما حقيقة الحال أن مجموعة من القتلة دأبوا على قتل الأبرياء من المدنيين عن سبق إصرار وترصد بإلقاء براميل الموت عليهم وقذفهم بالصواريخ ، فقام عليهم البعض ( بغض النظر عن رأينا فيهم ) فداهموا موقع الجريمة ( المطار العسكري ) الذي يتحصن فيه القتلة وألقوا القبض عليهم بعد إشتباكات نتج عنها قتلى من الفريقين ، ثم تم محاكمة القتلة بتهمة القتل العمد وشهد شهود عُدول أن القتلة فعلوا ذلك عن سابق إصرار وتخطيط ، وصدر الحكم من هيئة تحكيمية بإعدامهم رمياً بالرصاص ، وبالفعل نُفذ حكم الإعدام بهم ، وتم تصويره ونشره حتى يتعظ غيرهم من القتلة.

فأين أسرى الحرب في هذا ؟؟!!! خاصة أنهم كانوا يعيثون في الارض فسادا ويقتلون الأبرياء قبل حصول أي اشتباك مما يسميه البعض حرباً أو يذهب البعض لإعتبار داعش هي المعتدي ( إلا إن كنا نريد تصديق رواية بشار أنه يقاتل الجماعات المسلحة ) !!!

إن عقوبة الإعدام موجودة حتى في بعض الولايات الأمريكية وتختلف طريق تنفيذه من بلد لآخر فإما يكون بالإعدام شنقاً حتى الموت أو بالغاز السام أو الحقنة القاتلة أو رمياً بالرصاص والأخير الذي نفذته داعش هو أخف أنواع الإعدام أذى وألماً على المحكوم عليه.

قد يقول البعض أنه لا يُعتد بشهادة شهود داعش مهما بلغوا ، والحق أن جُرم القتل مُثبتٌ أصلا ً بشهادة أهل المنطقة ومقاطع الفيديو التي تصور خروج الطائرات من هذا المطار لقتل الأبرياء.

كما قد يقول البعض أن المحاكمة لم تمنحهم حقهم في الدفاع عن أنفسهم ، أو أنها لم تكن علانية مما يطعن في نزاهتها ، وأنها سريعة رُتبت على عجل ، أو أن حكم الإعدام ينبغي أن يصدر عن محكمة ذات إختصاص ، وبناء على قانون ساري وواضح .. وهذا كلام مرسل فقد تم إثبات الجُرم عليهم بعدة طرق ، وأُعطوا مُهلة للدفاع عن أنفسهم فلم يكن قتلهم فور إلقاء القبض عليهم ، كما أن المحاكمة كانت علانية بحضور جمع غفير ، ولا يُشترط وقت محدد لإنقضاء المحاكمة فقد تمتد أشهراً أو أسابيعاً أو مجرد ساعات ، ولا يشترط فيها درجات التقاضي المعروفة او شكلها الحالي بل على العكس فإن الأحكام والقوانين تُشدد وقت الأزمات لأن من يخرقها يستغل الظرف الطارئ.

وبما أن داعش شكلت لهم محكمة وقضت عليهم بقانون يجري تطبيقه في الكثير من الدول المستقرة ناهيكم عن أنه قانون سماوي فما تم صحيح ولا تجريم له.

أما القول بأنهم مجندون سوريون مُجبرون على أداء خدمتهم فلا يُعقل أن نبرئ أو نلتمس العذر لمن ظل يخدم السفاح ويُساهم في قتل أهله إلى الآن ، ولا يُعذر من يقول أنه لم يستطع الإنشقاق والهرب من صفوف القتلة بالرغم من مضي أكثر من ثلاث سنوات على الثورة.. !!!

وحتى إن كانوا أبناءنا وإخواننا ولا زالوا في صفوف القتلة فذلك لا يُعفيهم من العقاب فرسول الله الكريم قال: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .. وهذا في حد السرقة فما بالنا بحد القتل العمد والحرابة .

والبعض قال: أن منهم مواطنون ومدنيون لا يقومون بأعمال عسكرية كمهندسي الطائرات والأطباء والممرضين في المستشفى والطباخين وعمال النظافة ، ومع ذلك فهذا لا يُعفيهم من إقامة الحد عليهم فكل من ساعد القاتل في جريمته وسهلها له فهو شريك في الجريمة وهذا في وقت السلم فما بالنا في زمن الأزمات.. !!!! أما من يقول أن منهم سجناء أبرياء فهذا لم يثبت.

وعن قول البعض أن داعش غُزاة لا يحق لهم محاكمة أحدٍ أو أن يقوموا مقام القضاء والشرطة حتى لو سيطروا على جزء من الأرض فأجيب: لنعتبرهم غُزاة فهل نُجرمهم إن حققوا العدل في جزئية ونُبرئ القتلة ؟!! على الرغم أن كل من سيطر على أرض فهو القاضي والحكم والمشرع والشرطة فيها حتى يأتي غيره ويسيطر عليها ، فهذا مبدأ الخليقة منذ بدأت الحياة على الأرض وإلى الآن .. وأنا هنا لا أدافع عن أعمال داعش المختلفة وإنما أحقق فقط في جزئية إعدامهم لمجرمي مطار الطبقة العسكري .

كما قد يتحجج البعض بأن الواجب أن يتم مبادلة هؤلاء بالمعتقلين السوريين في سجون بشار ، وخبرتنا جميعاً تؤكد أنه لايُلقي لجماعته بالاً ، بل يُضحي بهم ولا يهتم لحياتهم ، وهذا ماحصل حين إستبدل المعتقلين السوريين بإيرانيين ، ولم يلتفت لأفراد عصابته ولا حتى لشبيحته من أبناء طائفته ، فهل نطلب من داعش أن تحافظ على حياتهم وهم لا قيمة لهم عند سيدهم .. !!!!

ولإيصال المعني بشكلٍ أفضل للمُجادل العنيد أقول: تخيل أن لديك جاراً مؤذياً ألقى بالعمد على منزلك قنبلة فقتلت بعضاً من أهلك ، فهَبّ نفرٌ لمساعدتك وألقيتم القبض عليه ولم يكن لديكم في الجوار محكمة أو شرطة فاخترتم من بينكم أعلمكم بالقانون والشريعة ، والذي إستمع لك كمشتكي وللمتهم والشهود اللذين رأوه راي  العين يُلقي بالقنبلة عليكم ، وتم إثبات الجُرم وحُكم عليه بالإعدام رَمياً بالرصاص فهل ستقبل أن يقول البعض أن هذا أسير ولا يجوز تنفيذ الحكم فيه ؟!!!

ومهما أصرّ البعض على أنهم أسرى ولا يجوز قتلهم ، فإن كثيراً من العلماء أجاز قتل الأسرى إن كان في ذلك مصلحة عامة ودليل ذلك أن ما جلبه قتلهم من كسر لشوكة أسد وعصابته وموجة الغليان التي نشهدها لأول مرة أدى إلى قلب مؤيديه إلى ناقمين ، وتنذر بإنقلابهم عليه ، كما أن خروج زعيم حزب الله يُحدثنا حديث المكسور ، يرجونا مساعدته في الوقوف ضد داعش ، وحديث التقارير عن تفكيرهم جدياً بجدوى تدخلهم في سورية لهو خير عميم جلبه قتل هؤلاء لم تحققه الثورة منذ بدايتها ...

https://www.facebook.com/video.php?v=689177657835390&set=vb.105670596186102&type=2&theater

إن جنود بشار خرجوا فداءً بالروح والدم لقائدهم المُفدى وهم يطلبون الموت في سبيله (وهذا مايرددونه دائماً ) ، وكلُ ما فعلته داعش أنها ساعدتهم في تنفيذ أمانيهم وأهدافهم بفداء سيدهم بأرواحهم ..

فلا ينبغي أن نكون ملوكاً أكثر من الملك ..!!!