عمرو موسى يحاول إنقاذ الأسد

عمرو موسى يحاول إنقاذ الأسد

أمير أوغلو / الدانمارك

[email protected]

وصل  عمرو موسى إلى سوريا , ومعه ثلاث رسائل على  ما يبدو للرئيس بشار, الأولى من إسرائيل وأمريكا, فهما في هذه الأيام واحد, والثانية من جامعة الدول العربية وخصوصا السعودية, والثالثة من الرئيس الحكيم مبارك طبعا.

 

الرسالة الأولى واضحة وضوح الشمس وتقول باختصار إن الذي سمح لك أو لأبيك بدخول لبنان يطلب منك الآن الخروج من هناك فقد انتهت التمثلية  وأسدل الستار وعليكم الإنصراف إلى بيوتكم خاصة وأن أجوركم وصلتكم بالكامل سلفا.

 

الرسالة الثانية من جامعة الدول العربية تقول نحن مستعدون لمساعدتكم بشرط ألا تغضب أمريكا ومساعدتنا لكم لن تزيد عن مساعدتنا لصدام قبل الإجتياح الأمريكي ولكننا ننصحكم بعدم توريط بلادكم في المزيد من المشاكل .

 

الرسالة الثالثة من مبارك وفيها الكثير من الصراحة لأنه يعتبر الأسد مثل ابن أخيه ويستطيع أن يخاطبه كما يخاطب ابنه, فهو صديق الوالد المرحوم, مبارك يقول للأسد: لقد انتهى دور العنتريات القومية والتمسك بكذبة الصمود والتصدي ودعم المقاومة, التي كانت تسمح بها أمريكا من قبل وحان وقت دفع الإستحقاقات السياسية لوصولكم إلى الحكم بعد السماح لأبيكم البقاء فيه لمدة ثلاثين عاما, فقد دفع الوالد المرحوم الجولان ثمنا للحكم وعليك أنت أن تدفع شيئا مشابها للبقاء في الحكم. الثمن هذه المرة لن يكون فقط الخروج من لبنان بل  أكثر قليلا لآن الحكومة الأمريكية مستعجلة في مشروع السيطرة على المنطقة وتريد بعض التنازلات السريعة والكبيرة على غرار ما حدث في ليبيا وما يحدث كل يوم في مصر ثمنا لتوريث الحكم هناك.

عمرو موسى خرج من اجتماعه بالأسد ليقول أن سوريا مستعدة للخروج من لبنان وهي ترتب أوراقها على هذا الأساس وذلك في محاولة منه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

 

الأسد تصرف كالطفل المدلل الذي لا يستطيع التفريق بين غضب الوالدين الحقيقي وبين المعاتبة والمزاح فأعلن على لسان وزير إعلامه أنه لن يخرج من لبنان, كأنه يمارس نوعا من الدلع للتأكد من نوايا أمريكا. ثم زاد الطين بلة وزير الدفاع اللبناني التابع لسوريا فقال: "لن تنسحب سوريا من لبنان قبل السلام الشامل !" وهو أول من يعرف أنه لن يكون هناك سلام شامل ولا كامل ولا عادل ولا سعيد.

 

التخبط السياسي الواضح للنظام السوري لم يعد بحاجة إلى دليل, ووجود أكثر من قوة حاكمة في سوريا ظهر بوضوح في حادثة اغتيال المرحوم الحريري, ويبدو أن الأمور تسير كما سارت مع بعث العراق الذي لم ينته دوره إلا بعد أن أوصل العراق إلى الهاوية وأدخل المحتل الأمريكي إلى البلاد تمهيدا لتقسيمها إلى دويلات طائفية تناسب الشرق اوسط الجديد. البعث السوري والنظام الحاكم يمارسان اليوم نفس اللعبة ويبدو أن الأمر سينتهي نفس النهاية خاصة أنه لايجد من يرده من الداخل ونتيجة لانعدام المعارضة أو ضعفها الشديد وفقدانها للتكتل وللمخطط الواضح في إخراج سوريا من هذا المأزق ومن يد البعث العابث.

 

مصير سوريا قاتم جدا وهي تسير بخطى ثابتة نحو الهاوية, باصرار وتخطيط من النظام الحاكم, وبتجاهل كامل للشعب, وبرضوخ كامل من هذا الشعب الذي أُضعِفت قواه الوطنية كلها وأصابها الشلل القمعي, وبفشل ذريع في الأسلوب وفي التخطيط من المعارضة في الخارج والداخل, فهل سنصحو بعد الزلزال القادم أم سندفن تحت أنقاضه؟

 23 شباط - فبراير 2005