في ذكرى مجزرة الكيماوي في غوطة دمشق
بيان حزب الجمهورية
دفعنا ثمنه، قتلنا به، سلّمه ليبقى
لقد مرّت على مجزرة الغوطة سنة كاملة لم تنسنا شيئاً مما حدث فيها، ما زالت صور الضحايا ماثلة أمامنا، استيقظوا بعد منتصف الليل بقليل على أصوات الانفجارات، لم تكن الانفجارات جديدة عليهم، ولكن صوتها كان أقوى هذه المرة، هرعوا إلى الطبقات السفلى والمهاجع، كما يفعلون عادة ليحموا أنفسهم، لم يتخيلوا ما كان ينتظرهم هناك، لم يتخيلوا أن الغاز السام بانتظارهم. بدؤوا يشعرون بوخز في عيونهم وأنوفهم ورئاتهم، بعضهم بدأ يعاني من الاختناق، منهم من وصل إلى غياب الوعي وحتى الموت، أدركوا عندها أن المواد السامة تحاصرهم في كل مكان، حاولوا نقل مصابيهم إلى المشافي، لم يكن هناك سيارات كافية لذلك، النقاط الطبية كانت مكتظة، لم يكن هناك أدوية كافية، مات الكثيرون، وصل عدد المصابين إلى أكثر من عشرة آلاف شخص، وعدد الشهداء إلى أكثر من 1500 شهيد. أنكر المجرم فعلته وكأن شيئاً لم يكن، ونام قرير العين بلا أي وخز في الضمير.
على الرغم من فداحة الجريمة، حاول حلفاء النظام الدوليين حمايته، بتقديم صور أقمار صناعية مزورة للإيحاء بأن هذه الجريمة قامت بها إحدى الفصائل المسلحة المعارضة للنظام!، لكن تقرير الأمم المتحدة جاء ليكذب هذه الادعاءات، فبيّن بوضوح أن الصواريخ المستخدمة في الهجوم ومنصات إطلاقها، لا يملكها أي فصيل معارض، بل النظام. وبعد دراسة المسار الذي اتخذته هذه الصواريخ، وزوايا اصطدامها على الأرض، أوضح التقرير أن المكان الذي انطلقت منه الصواريخ على الأرجح هو جبل قاسيون. علاوة على ذلك، فإن كمية المواد الكيماوية التي أُطلقت، لا يمكن أن تملكها إلا جهة قادرة على تصنيع هذه المواد، أي النظام السوري. وعلى الرغم من كل هذه الدلائل الدامغة، وأخرى غيرها، لم يقم المجتمع الدولي بمعاقبة القاتل وفقاً للقانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان، بل اكتفى بنزع سلاحه الكيماوي الأكثر فتكاً، ولم يكن من النظام إلا أن قام بتسليمه ليبقى في الحكم، وليعود فيطربنا بأنشودة "الممانعة" و"انتصاراته" التي لا تنتهي ضد الإمبريالية العالمية!
بعد ذلك، لم يتوقف النظام عن القتل، فاستخدم سلاح القتل العشوائي، البراميل المتفجرة، وهو اختراع جديد يُضاف إلى إبداعاته المستمرة في خلق طرق جديدة للموت. فالموت، على ما يبدو، هو الشيء الوحيد القادر على إنجازه. متحدياً بذلك قرار مجلس الأمن رقم 2139 الصادر في 22 شباط / فبراير 2014 الذي طالب جميع الأطراف بـ "الكف فـوراً عــن جميع الهجمات التي تشنها ضد المدنيين، فضلاً عن الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان، بما في ذلك عمليات القصف المدفعي والقصف الجوي، كاستخدام البراميل المتفجرة".
لم يكتف النظام السوري ببراميل الموت، بل عاد ثانية إلى السلاح الكيماوي، متحدياً المجتمع الدولي وكل صيحات الضمير، فاستخدم الغاز الذي لم يستطع المجتمع الدولي انتزاعه منه، الكلورين، بحكم أن له استخدامات أخرى غير القتل، ولكن يبدو أن النظام لم يعد يستخدمه إلا لهذا الغرض الأخير، وكل هذا يأتي في سياق توكيد شعاره الأول الذي أطلقه قبل ثلاث سنوات ونيف "الأسد أو نحرق البلد"!.
لقد عرف السوريون هذا النظام واختبروه جيداً، وأدركوا أن رسالته الأساسية تقوم على اختراع أساليب جديدة لإنتاج الموت في كل مكان، وأنه مستعدٌ للقيام بأي عمل في سبيل البقاء في الحكم. لكن في مقابل هذا الموت الذي ينشره النظام، والجماعات المتطرفة من كل لون، تبقى إرادة الحياة عند السوريين أقوى، فهي مادتهم الأساسية لإنتاج الفرح وإعادة بناء سورية الجديدة، الموحدة والحرة والديمقراطية، التي يشعر فيها جميع أبنائها بأن الدولة دولتهم وأن الوطن وطنهم.
طوبى لأهل الغوطة، طوبى لأهلنا في جوبر وزملكا وعربين وحرستا ودوما ومسرابا وعين ترما وحزة وحمورية وبيت سوا وسقبا وكفر بطنا وداريا والمعضمية، فشهداؤكم هم شهداء سورية كلها، وهم أبناء وآباء وأمهات وأخوة جميع السوريين، الرحمة للشهداء .. والمجد لسورية والسوريين.
الأمانة العامة لحزب الجمهورية
21 آب / أغسطس 2014