أين هو التغيير في السياسة الإيرانية؟
أين هو التغيير في السياسة الإيرانية؟
محمود أحمد الأحوازي
مع أن بعد انتخاب حسن روحاني حاول النظام الحاكم في ايران يبين تغييرا في سياسته الداخلية والإقليمية والدولية وثبت غير ذلك، لكن عادت في الأسابيع الأخيرة أبواق ايران واشتغلت دعايتها بكثافة اكثر لما تدعيه تغيير في سياستها مدعية أنها تسير باتجاه المصالحة مع الداخل ومع محيطها العربي والإسلامي، ومع المجتمع الدولي مستندة هذه الأبواق على ما تدلو به بعض قيادات إجرام نظام ولي الفقيه في هذا السياق وعلى المحادثات الجارية بين ايران والمجتمع الدولي في ما يخص مشروعها النووي، حتى اصبحنا هذه الأيام نسمع أن ايران بدأت تتحدث عن جرائم بشار الأسد و وافقت بالنهاية على تغيير المالكي وأن سياستها في لبنان ايضا حصل فيها انفراج حتى عاد سعد الحريري المهدد بالقتل الى لبنان و ايران اخيرا اوقفت بعض القنوات الشيعية عن البث بسبب برامجها المهينة للخلفاء ولعائلة النبوية ومن جانب آخر اوقفت تخصيب اليورانيوم بحدود 5%، كما وهناك أبواغ اخرى في الداخل ايضا تتكلم عن تغييرات في سياسة النظام تجاه القوميات والأقليات حيث يبالغون أنها بدأت باعطاء بعض الحريات في ما يخص التجمعات المعترضة حول نهر كارون و السماح بتدريس اللغة العربية في أحد معاهد اللغات الأجنبية في الأحواز وغير ذلك من الخطوات، وهذه الأبواق تنطلق من قاعدتين للسلطة، الإعلام الرسمي للسلطة من جهة والإستفادة من عناصرالسلطة في اوساط الشارع من جهة اخرى.
أما في الواقع، فكل ما شاهدناه وسمعناه هي تغيرات في الخطاب لذر الرماد في العيون اخذها البعض على محمل الجد وكتب عنها البعض الآخر متصورا أن ايران بدت تغير سياستها مستندا على أن بعد توقلها وتوسعها كثيرا ومشاركتها بعدة حروب الى جانب ازلامها وحلفاءها ضد شعوبهم في المنطقة شلت حركة اقتصادها واصبحت غير قادرة على تسيير كل هذه الحروب والتوسعات التي تسببت لفقدانها كثير من انصارها وحلفاءها بالإضافة لتضرر اقتصادها وهذه اسباب كافية لتراجعها عن سياستها السابقة، لكن المتابعين والمعايشين للسياسة الإيرانية مثلنا نحن الأحوازيين ومن خلال تجربة عقود طويلة من التعايش الجبري، نعرف جيدا استراتيجيات نظام ولي الفقيه ونواياه ونعرف مدى مصداقية هذه السياسة المعلنة، ونعرف جيدا أن ايران كل ما حشرت بشكل جدي في زاوية خطيرة تهدد كيانها السياسي وحكمها، تراجعت خطوات محسوبة للوراء تكتيكيا من اجل العبور من المرحلة الخطرة هذه مثل ما عملت عام 1988 بعد ثمان سنوات من التمسك بالحل العسكري مع العراق، لكنها تعود مثل ما حصل في فترة حكم محمد خاتمي ايضا حيث عادت بقوة وبعدوانية مرة أخرى بعد مرور الطوفان وعبوره.
والنظام الفارسي معروف بطبيعته العدائية للعالمين العربي والإسلامي بطائفتيه السنية والشيعية مع أنه يناور كاذبا ويناصر محايلا الشيعة بهدف ضمهم لصفوف تشيعه الصفوي والنظام اليوم يعتبر كل الطوائف الإسلامية غير السنية هي شيعية، بهدف ضمهم الى صفوفه بالإضافة الى تعاونه مع بعض القوى المتطرفة والإرهابية السنية لتشكيل منظمات ارهابية منهم، مثل ما صنع عدد كبير من المنظمات الإرهابية المليشياوية الشيعية في العراق والبحرين و...ايضا من اجل التخريب في الإسلام عموما. ومن لا يعرف ان عدد من قيادات قاعدة افغانستان موجودون في ايران؟ ومن لا يعرف ان قوات بدر و الوية أبو الفضل والعباس وعصائب أهل الحق وحزب الله العراق وحزب الله لبنان والحوثيين هم مدربين في معكسرات داخل ايران؟ فهل أوقفت ايران تعاونها مع هذه المليشيات الإرهابية حتى نصدق تراجعها؟ وهل لامت ايران نفسها على قتل الآلاف المؤلفة من العراقيين بواسطة مليشياتها التي يقودها قاسم سليماني؟ اليس هذه هي المليشيات التي تبطش بالشعب بالشعب السوري اليوم الإضافة للحرس ألا ثوري الإيراني؟ اليس الحوثيين والحراك الجنوبي الذين تمدهم ايران بالسلاح والمال افسدا على اليمن ثورته اليوم و اصبح الحوثيين يهددون العاصمة ومستمرين بحروبهم لإيجاد عدم الإستقرار في اليمن؟ اليس ايران هي التي تدافع اليوم علنا عن المخربين في البحرين وتدربهم على التخريب في داخل ايران؟ أليس فيلق القدس الإرهابي الإيراني مازال يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في الدول العربية؟ الم ينتقل قبل أيام شمخاني بالإضافة الى قاسم سليماني الى العراق لتحميل حلول على الشعب العراقي لصالحه؟ وهل اعلنت ايران حل فيلق القدس؟ وهل اعلنت حل مليشياتها في العراق واليمن؟ وهل تعهدت بعدم تدخلها في شؤون الدول العربية؟ إذا كيف نصدق ابواق ايران واقلامه المرتزقة عن التغيير في سياسة ايران؟ الواقع أن ايران كما اسرائيل هي تنفذ سياسة عدوانية بالتعاون مع الغرب ضد منافع الدول العربية وضد استقرارها.
من جانب آخر في ما يخص التغيير في سياسة ايران الداخلية، اليس سياسة القمع والقتل والتفريس والحرمان والتعذيب والإعدامات التي تنفذها بحق ابناء الشعوب وبحق السنة في ايران مستمرة؟ أليست ايران هي البلد الإسلامي الوحيد الذي يمنع بناء مساجد للسنة في ايران؟ أليست ايران هي التي تقمع القوميات غير الفارسية في الداخل وتمنعهم حتى من التحدث بلغة الأم لهم؟ اليست ايران هي ثاني اكثر دولة اعداما في العالم؟ اليس الحكم الحالي حتى بعد مجيء حسن روحاني للرئاسة، مازال حكما دكتاتوريا امبراطوريا بامتياز، يقتل ويعذب ويسجن بدون محاكم ؟ اليس الأمن الإيراني هو الأكثر تدخلا في حياة الناس قياسا بالأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي كله؟ أليس ولي الفقيه هو الحاحكم المطلق و لديه مجلس صيانة الدستور الذي يسير الأمور القانونية والشرعية من خلاله فقط ولا قيمة لممثل في البرلمان ولا لرأي جماعي فيه بدون تأييد الخاامنئي له؟ وماذا عن القمع والمجازر التي مازالت ترتكب بحق المصلين لصلاة العيد والتراويح الذين يقمعون ويسجنون بسبب الصلاة؟ وماذا عن مسبة الخلفاء علنا على قنواته وعلى منابره في مساجدهم؟ وماذا عن مجازات الأحوازيين وسجنهم بسبب لبس الكوفية وبسبب معايداتهم وتجمعاتهم الدينية والثقافية؟ وماذا عن رفض النظام قبول هلال العيد للأحوازيين بعد رؤيته واجبارهم على الإفطار مع طهران الذي يبعد عن الأحواز اكثر من 1050 كيلومتر؟
ونؤكد في نهاية هذه السطور مرة أخرى أن السياسة الإيرانية، مخطط لها ولها اهداف استراتيجية يقودها ويديرها المرشد الأعلى بسلطة رجعية متخلفة وبحكم دكتاتوري توسعي متعجرف، ومثل ما استمرت سياسة النظام طوال العقود الماضية، ستبقى مبنية على التوسع في المنطقة العربية وسيبقى هذذا النظام خطرا يهدد العالم العربي القريب والبعيد مادام العالم العربي فاقد لأي خطة استراتيجية لدرء هذا الخطر، اما في الداخل فالقتل والإعدامات والسجون والتعذيب وفقدان الحريات العامة والفردية مستمرة دون أي تغيير وكل ما نشاهده هو تغيير في الخطاب وليس بالممارسة.
فكفى للأقزام أن يتراقصون على جثة المارد!!