الحرب على غزة انعكست على مدبّري العدوان
نجاح المقاومة فرض معادلات وقواعد وخريطة سياسية جديدة
ياسر قدورة/ بيروت
لم يكن العدوان الإسرائيلي على غزة مفاجئاً، وإن كانت لحظة البداية هي المباغتة.. فهناك جملة من المعطيات التي كانت تؤشر على تدبير عمل ما من قبل الإسرائيليين، لمحاولة القضاء على حماس في غزة أو على أقل تقدير عزلها وتقويض حكمها هناك.. فمن تصريحات بعض القادة الأمنيين في السلطة الفلسطينية بأن عودتهم إلى غزة –مع عدم استبعادهم للخيار العسكري– قد باتت وشيكة، والتهديدات الجدية التي أطلقها قادة الكيان الصهيوني بشن حملة عسكرية مع انتهاء فترة التهدئة، إضافة إلى
اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية وحاجة القادة الإسرائيليين إلى إنجاز أمني أو عسكري لحملاتهم الانتخابية، وكذلك تشديد جيش الاحتلال الحصارَ على غزة وإغلاق شبه تام لمعبر رفح من قبل النظام المصري بعد استياء من حركة حماس لعدم قبولها الورقة المصرية للحوار الفلسطيني الداخلي، أو فلنقل لعدم استجابتها لطلب التمديد لمحمود عباس في موقع رئاسة السلطة الفلسطينية.. كل تلك المقدمات، وصولاً إلى إعلان وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني من القاهرة بحضور وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، بأن الواقع السياسي في غزة سيتغير، دون أن يرد أبو الغيط على هذه التصريحات أو يستنكرها، كانت مؤشرات حقيقية على عدوان وشيك على غزة، وإن كان من الصعب معرفة توقيت العدوان المرتقب وشكله وحجمه.
خيارات المقاومة
في ظل هذه المعطيات، ومع انتهاء فترة التهدئة، كانت حماس والفصائل الفلسطينية أمام خيارين: إما أن ترضخ للواقع الذي فرضه الإسرائيليون وتسعى وراء تهدئة جديدة خلاصتُها لقمة العيش مقابل المقاومة، وإما أن تمضي نحو خيار المواجهة الصعبة انطلاقاً من حق الشعب الفلسطيني في لقمة العيش ومقاومة الاحتلال معاً.. وبإجماع من الفصائل الفلسطينية التي وافقت على التهدئة خلال الأشهر الستة التي سبقت العدوان، تم الإعلان عن انتهاء التهدئة رسمياً في 19/12/2008، خاصة أن أي طرف عربي أو دولي لم يسعَ جدياً إلى إبرام تهدئة جديدة بشروط موضوعية مقبولة للفلسطينيين.