نرحب بقافلة (خط الحياة من أجل غزة) ولكن

فيصل الشيخ محمد

عندما تتوجه قافلة بريطانية لإغاثة غزة فهذا دليل على أن الشعب البريطاني يشعر بالمرارة والأسى والحزن لما ارتكبته الحكومات البريطانية المتعاقبة، من ظلم بحق فلسطين والشعب الفلسطيني، والذي كانت رسالة بلفور التي وعد فيها اليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين رأس حربة هذا الظلم، الذي ما زال الفلسطينيون والعرب والمسلمون يدفعون ثمنه منذ ما يقرب من قرن، من دمائهم وتنميتهم واقتصادهم.. ويتجرعون العذابات تلو العذابات من تداعيات زرع بريطانيا لهذا السرطان (الكيان الصهيوني) في جسد الأمة العربية والإسلامية وفي أعز مقدساتها (القدس وبيت المقدس).

لقد ادعى الغرب الصليبي عندما شن حملاته المتلاحقة على بلاد الشام، أن هدفه تخليص القدس وبيت لحم وكنيسة القيامة حيث ولد المسيح عليه السلام من يد المسلمين المتوحشين، وارتكب في سبيل الوصول إلى القدس واحتلالها مجازر وحشية بحق أهلها (ومن بينهم مسيحيين عرب) فذبح في صحن المسجد العمري في القدس نحو 70 ألفاً من الأطفال والنساء والشيوخ الذين لجأوا إليه كونه بيت عبادة.. ولكن أولئك القتلة المتوحشون لم يثنهم حقدهم وجهلهم وغباءهم عن ارتكاب جريمتهم في بيت الله.

واليوم يرتكب الصهاينة في القدس وبيت لحم وكنيسة القيامة (وهي أماكن مقدسة عند المسيحيين) كل الفواحش والمنكرات التي تحرمها الأديان السماوية والشرائع والقوانين الأرضية، جهاراً نهاراً ولم نسمع أن هناك في بريطانيا أو الغرب المسيحي من نادى بتحرير هذه المقدسات من رجس يهود، الذين اشترط بطرك القدس، عند تسليم مفاتيح المدينة المقدسة للخليفة الفاروق أن لا يدخلها يهود!

قافلة (خط الحياة من أجل غزة) التي يقودها النائب في مجلس العموم البريطاني جورج غالوي إلى غزة المحاصرة، ستظل في أذهان العرب والمسلمين بقعة ضوء تشع في ظلمة الفعل الذي ارتكبته بريطانيا قبل ما يقرب من قرن من الزمن. فبريطانيا ما تزال تقف نفس الموقف تجاه القضية الفلسطينية العادلة، وتحول – في كل المحافل الدولية – دون إنصاف المظلوم والأخذ على يد الظالم.

نحن نرحب بقافلة (خط الحياة من أجل غزة) الرمزية، لأنها تعبر عن رفض الشعب البريطاني لفعل حكومته وتوجهاتها العدوانية تجاه غزة وفلسطين والعرب، الذين لا يزال وطنهم الواحد ممزق الجسد والبنيان، بفعل اتفاقية (سايكس – بيكو) سيئة السمعة، التي كافأت بريطانيا بها العرب على تعاونهم معها في حربها التي شنتها في بلاد الشام ، لإخراج الاتحاديين الأتراك منها، وقد لعقت بعد انتصارها مداد تواقيعها على كل الاتفاقيات والعهود التي قطعتها وأبرمتها مع القادة العرب، وضمنتها وعود بمنح العرب فرصة إقامة دولة عربية واحدة من طوروس حتى عدن.. ولم تكتف بهذا الظلم، بل زرعت السرطان الصهيوني في قلب ومهفى حبهم وتقديرهم وقدسيتهم (فلسطين).

نرحب بهذه القافلة البريطانية الإنسانية.. ولكن نتمنى على الشعب البريطاني - إذا أراد أن يكفّر عن ذنب ارتكبته حكوماته السابقة المتلاحقة – أن يضغط على حكومته الحالية لتقف موقفاً محايداً وعلى مسافة واحدة بين الفلسطينيين المظلومين والكيان الصهيوني الظالم!!