مؤتمر صحفي لهيئة العلماء المسلمين في لبنان حول انتخاب المفتي الجديد

هيئة العلماء المسلمين

مؤتمر صحفي لهيئة العلماء المسلمين في لبنان

حول انتخاب المفتي الجديد

أهم نقاط الخبر:

1.     طرح مبادرة جديدة وأخيرة من قبل العلماء تقوم على نقطتين، الأولى تعتمد على التوافق حول مرشح من بيروت، والثانية تأجيل الانتخابات ستة أشهر.

2.    يرفض العلماء رفضًا قاطعًا أن يكون للمسلمين في لبنان مفتيان اثنان أو أن يُفرض عليهم مفتٍ جديد للجمهورية؛ لا يتصف بالصفات المقررة.

3.    نتوجه إلى الحكماء والعقلاء من رؤساء الحكومات والسياسيين والمسؤولين أن يقدموا مصلحة الطائفة على المصالح الشخصيّة والآنية الضيقة، كما ندعو إلى لجم المتهورين دعاة اقتحام دار الفتوى، وسنحمي دارنا ولن نبخل عليها بدمائنا.

الخبر:

عقدت هيئة علماء المسلمين في لبنان مؤتمراً طارئاً ظهر يوم الأحد في 20-7-2014 بحضور ثلاثمائة من أعضائها العلماء والائمة والقضاة وذلك تحت عنوان:

"(دور العلماء في اختيار رئيسهم الديني)"

وبعد مداولات عديدة من الأعضاء وكلمات لرئيس الهيئة الشيخ مالك جديدة وللرؤساء السابقين الشيخ أحمد العمري والشيخ سالم الرافعي والشيخ عدنان أمامة ولرئيس المكتب التنفيذي فيها الشيخ خالد عارفي وغيرهم صدر عنهم بيان حول أزمة دار الفتوى، بعدها انتقل وفد منهم ضم أكثر من مائة عالم إلى دائرة رئيس الحكومة الأستاذ تمام سلام والتقوا مطولاً به وسلموه نسخة من البيان الختامي، وقد وعدهم دولة الرئيس بالسعي الحثيث إلى الحفاظ على دار الفتوى والعمل على لحمة الطائفة وعدم القيام بخطوات هامة دون استشارة العلماء والوقوف على رأيهم، هذا وستتم زيارة رؤساء الحكومات السابقين وتسليمهم البيان الذي يتضمن مبادرة هامة للخروج من مأزق الإفتاء تقوم على خطوتين هامتين، كما يتضمن البيان رفضاً صريحاً للاعتراف بشرعية مفتيين اثنين أو مفتٍ لا يتوافق والصفات التي أعلنتها الهيئة.

وإليكم البيان الختامي مرفقاً.

بسم الله الرحمٰن الرحيم

بيان صادر عن هيئة علماء المسلمين في لبنان

دور العلماء في اختيار رئيسهم الديني (مفتي الجمهورية)

عقدت هيئة علماء المسلمين في لبنان مؤتمرها المخصص لدراسة دور العلماء في اختيارهم رئيسهم الديني "مفتي الجمهورية اللبنانية"، وصدر عن المجتمعين البيان التالي:

قال تعالى:﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [النساء من الآية 83]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمين، وبعد...

أ‌-         إنّ منصب مفتي الجمهورية هو منصب ديني بامتياز، فهو الرئيس الديني للمسلمين (المادة 2 من المرسوم الاشتراعي 18/1955) والرئيس المباشر لجميع علماء الدين المسلمين، وهو الذي يُعين أرباب الوظائف الدينية من أئمة وخطباء ومدرسين وقراء ومؤذنين(المادة 3)، ويعتبر من الناحية الشرعية من مناصب الولايات العامة للمسلمين، إذ هو المرجع الأعلى لإدارة أوقافهم وتنظيم الشؤون الدينية للمسلمين طبقًا لأحكام الشريعة الغراء(المادة 1).

ب‌-      ويشترط في مواصفات المفتي ليقوم دور المرجع الجامع لأبناء الطائفة الإسلامية -نظرًا للخصوصية اللبنانية-أن يكون متصفًا بالصلاح والسيرة الحميدة (المادة 5)، وأن يكون قويًا عالمًا مأمونًا على دين المسلمين وأموالهم وحقوقهم، عدلًا مزكى من العلماء غير مرتهن لحزب أو تيار سياسي.

ت‌-      وإنه بعد اغتيال مفتي الجمهورية الشهيد الشيخ حسن خالد وبدعوى الضرورة وخلافًا لنصوص المرسوم 18، تم تعديل الهيئة الناخبة للمفتي بإقصاء غالب الجسم العلمائي، وجعله بشكل شبه حصري مقصورًا على أرباب الوظائف الرسمية المرتبطين رسميًا برئاسة الوزراء. ثم إثر الخلاف بين مفتي الجمهورية ورؤساء الحكومة، تم التمديد للمجلس الشرعي خلافًا للأصول ودون مراعاة الشروط القانونية، بدعوى الضرورة كذلك. ثم تفاقم الأمر فذهب أعضاء المجلس إلى الطلب من رئيس الحكومة الدعوة إلى انتخاب مفت للجمهورية دون مراعاة الأصول الشكلية المنصوص عليها في البند ب من (المادة 12)، بمواجهة قرار مفتي الجمهورية ومجلسه الثاني في اعتبار التعديل القديم للهيئة الناخبة باطلًا، بدون مراعاة مهل وأصول الطعن بالبطلان.

ث‌-      وإزاء تعنت كل طرفي السعي لانتخاب مفت حسب نظامه المعيب قانونًا، قامت هيئة علماء المسلمين والعديد من أهل الخير بطرح مبادرات على مفتي الجمهورية والسياسيين لمنع الوصول إلى مفتيين اثنين أو مفت مسيّس غير متصف بالشرائط المطلوبة؛ لكن دون جدوى، أما الهيئة فتوخت في مبادراتها فضلًا عن ذلك: ضمان إجراء إصلاحات حقيقية في دار الفتوى ومؤسساتها تؤمن تمثيلًا صحيحًا للعلماء ومحاسبة حقيقية للعاملين فيها واستقلالية قانونية لها تمنع رضوخها للنفوذ السياسي أو تكرار التجاوزات السابقة التي عطلت انتخابات المفتين والمجالس الإدارية وجعلت كل وظائف العلماء بالتكليف.

ج‌-       ولما كان أحد أهم أهداف هيئة علماء المسلمين في لبنان هو الدفاع عن قضايا الأمة وحقوق العلماء، وملاحقة التعديات على مؤسساتهم الدينية والوقفية ومجابهة المشاريع المشبوهة التي ترمي إلى السيطرة عليها. وقد بذلت الهيئة لهذا الأمر الغالي من دماء علمائها وحرياتهم وتعرض علماؤها لمحاولات الاغتيال وللاضطهاد السياسي؛ فلم يهنوا ولم ييأسوا من روح الله.

ح‌-       ولما كانت هيئة علماء المسلمين تعتبر أن من واجباتها مواجهة الانحراف الجارف الذي يحصل في إدارة ملف المؤسسة الدينية في ظل السعي الحثيث من كل الأطراف المتنازعة لإيصال مفتٍ يكون لفريقٍ معين، يفتقر إلى أدنى الصفات المطلوبة، وقد زعم بعضهم أن الإجماع قد انعقد عليه من جميع الأطراف؛ حتى من قبل النظام المجرم في سوريا؛ الأمر الذي بدأ يولد غليانًا لدى العلماء يوشك أن ينفجر.

لذلك واستنادًا إلى ما سبق، اتفق العلماء المجتمعون على ما يلي:

1.          يؤكد العلماء بأنهم أصحاب الكلمة الوازنة باختيار مفتي الجمهورية اللبنانية الجديد، باعتباره وفق الأنظمة والقوانين هو رئيسهم الديني المباشر، ويحمّلون المعنيين من السياسيين والمسؤولين تبعات خطف المنصب الرئيسي للعلماء وطلاب العلم الشرعي لمن هو ليس أهلًا لهمما قد يدفعهم إلى إيجاد مرجعيات بديلة مع ما في ذلك من محاذير وأخطاء.

2.          يرفض العلماء رفضًا قاطعًا أن يكون للمسلمين في لبنان مفتيان اثنان.

3.          يرفض العلماء أن يُفرض عليهم مفتٍ جديد للجمهورية؛ لا يتصف بالصفات المقررة، مشكوك بدينه وأمانته، وهم يعلنون صراحة أن محاولة كهذه ستضطرهم إلى التمرد على قراراته وما سيصدر عنه من تعليمات أو توجيهات، بالإضافة إلى مجابهته بكافة الوسائل المشروعة حتى إسقاطه.

4.           إن أي مرشحٍ للإفتاء يقدم أوراق اعتماده إرضاء للأطراف الخارجية دون أن يبذل جهده لإرضاء رب العالمين لهو مفتٍ مقطوع بارتهانه لحسابات ليست في مصلحة المسلمين.

5.          إن أي مرشحٍ للإفتاء يدافع عن تواصله مع النظام السوري المجرم ويبرر زيارته بهدف نيل بركته لمنصب الافتاء لهو مرشح قد بدأ مسيرته بالاستخفاف بدماء المسلمين وباع مبادئه، وهو لذلك فقد صفة الصلاح والسلوك الحميد، بالإضافة إلى أنه قد استعدى الشريحة العظمى من المسلمين السنة الذين يؤيدون الثورة السورية المجيدة.

6.           إن تصوير بعض السياسيين بأن الاجماع قد انعقد على أحد المرشحين، لهو تصوير باطل يدحضه هذا الاجتماع وهذا البيان.

7.          إنّ دعوة دار الفتوى لانتخابات افتاء تحت إشراف مجلس مطعون بشرعيته ستؤدي إلى زيادة الانقسام وعرقلة مساعي التوافق المنشود.

8.           إن العلماء يرون أن توافق كل الأطراف على انتخاب مفتٍ جديد للجمهورية يكون مقبولًا من جميع مكونات الطائفة الإسلامية السنية لهو ضمان توحدها واصطفافها خلف قيادتها الدينية؛ خاصة وأن المرحلة المقبلة ستكون حساسة لجهة تعديل بعض أنظمة ومواد المرسوم 18/1955 على المستوى الخاص، ولجهة مصير لبنان والمنطقة على المستوى العام والخاص.

9.          يرى العلماء أن من واجبهم فضح كل من يثبت تورطه في رفض مبادرتهم وإحداث شرخ في الطائفة الإسلامية السنيّة، أو تفريغ دار الفتوى من دورها الديني والوطني.

10.     إننا نتوجه إلى الحكماء والعقلاء من رؤساء الحكومات والسياسيين والمسؤولين أن يقدموا مصلحة الطائفة على المصالح الشخصيّة والآنية الضيقة، كما ندعو إلى لجم المتهورين دعاة اقتحام دار الفتوى بواسطة القوى الامنية أو ملاحقة مخالفيهم جزائيًا. فحرمة الدار والعلماء أشد من حرمة سرايا الحكومة التي قمنا بحمايتها بعمائمنا، وسنحمي دارنا  ولن نبخل عليها بدمائنا.

11.     إنّ غياب مفتً قويٍّ جامعٍ للطائفة مدافع عن مظلوميتها في وجه الفريق السياسي المتغلب قد جرأ الظالمين على الاستخفاف بأبسط حقوق المواطنة، كما حصل مع الشيخ الدكتور المجاهد حسين عطوي الذي يكافأ على غيرته ومقاومته للعدو الصهيوني بالاعتقال بدل أن توجه له التحية والتقدير في تفريق طائفي بغيض، عداك عن اضطهاد عشرات الشباب المسلم الناشط لمجرد دعمه للثورة السورية والذين نذكر منهم على سبيل المثال: الشيخ عمر الأطرش، والشيخ عمر جوانيّه، وقبلهم الشيخ المختطف عرفان المعربوني لدى النظام السوري منذ ما يزيد عن 500 يوم، وآخر هذه الانتهاكات الظالمة اعتقال الحاج المجاهد حسام الصباغ الذي كان له الدور الأبرز في حقن الدماء في طرابلس مقابل تهريب قاتلي الأطفال ومفجري المساجد آل عيد وزمرتهم.

﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ[القصص 17]

هيئة علماء المسلمين في لبنان

بيروت الأحد 22 رمضان 1435هـ

الموافق له 20 تموز 2014م