الثورة السورية الكبرى في تجمع باريس
الثورة السورية الكبرى
في تجمع باريس
علي الكاش
كاتب ومفكر عراقي
كانت القضية السورية إحدى محاور كلمة السيدة مريم رجوي في التجمع الذي جرى في حزيران الماضي في باريس، وسوريا واحدة من الدول التي نُكبت بسيطرة الملالي على نظامها المجرم، شأنها شأن العراق ولبنان واليمن والقائمة مفتوحة في ظل الفم العربي المغلق واليد المشلولة تجاه التوسع الإيراني في المنطقة ومواجهته بقوة تتناسب مع حجمه وغطرسته وصلافته في إستحقار العرب.
إن جزار دمشق بشار الأسد ليس إلا أحد أذرع الأخطبوط الإيراني في المنطفة مثل نوري المالكي وحسن نصر الله وبقية الرهط من العملاء، ويكفي الإطلاع على ما نشرته وكالة أنباء فارس بتأريخ 4/5/2014 ـ سرعان ما حذفته من موقعها بعد الفضيحة الكبرى، حيث جردت الأسد من ورقة التوت الأخيرة أمام شعبه والرأي العام العالمي ـ فقد صرح ( الجنرال همداني) بكل صراحة أن" بشار الاسد يقاتل نيابة عن إيران، وأننا في حالة حرب، لأننا ندافع عن مصالح الثورة الاسلامية في سوريا". مفيدا بأن الحرب الدائرة في سوريا لا تقل أهمية للجمهورية الإسلامية عن الحرب مع العراق، وأن هناك (130) ألف من البسيج سيتوجهون للقتال في سوريا. ويبدو أن الشعار الإيراني السابق (تحرير القدس يمر عبر كربلاء) تحول إلى( تحرير القدس يمر عبر مرقد السيدة زينب). إستغفال وضحك على ذقون الجهلة والسذج.
باركت السيدة رجوي نخوة أبطال الإنتفاضة السورية ونضالهم المطرز بالتضحبات في سبيل التحرر من قوى الشر والطغيان في دمشق" التحية للشعبين المنتفضين في سوريا والعراق ومعركتهما من أجل الحرية والديمقراطية وضد الإرهاب والتطرف الديني". وهنأتهم مع بقية الأبطال المقاومين في إيران وفلسطين وأفغانستان والعراق وليبرتي بمناسبة شهر رمضان الكريم.
أكدت السيدة رجوي على حتمية إنتصار الشعب السوري في إنتفاضته المباركة لأن يقاتل من أجل قضية عادلة، ومن أجل مصيره ومستقبل الأجيال القادمة، وإن إيغال نظام الملالي في الحربين القذرتين ضد الشعبين السوري والعراقي إنما يدل دلالة واضحة على تصدع جدران النظام الآيل إلى السقوط، الذي يحاول صرف الأنظار عن الأوضاع الداخلية المتردية من خلال فزاعة العدو الخارجي. إنها سياسة مكشوفة وليست جديدة غالبا ما تنتهجها الأنظمة الدكتاتورية المستبدة. وناشدت السيدة رجوي الرأي العام لقياس درجة حرارة الغلٌ والحقد في نظام الملالي بقولها" تفضّلوا وادخلوا مضمار الاختبار، حتي نرى ماذا تفعلون بالحرية وبحقوق الإنسان، وبمشروع إنتاج القنبلة النووية، وبالسياسات العدوانية في العراق وسوريا".
إن دعم الخامنئي لجزاري بغداد ودمشق لا علاقة له بالعقيدة ونصرة المذهب البتة، فهو غطاء يستخدمه لأغراض إعلامية لا أكثر، فقد عبر نظام الملالي بصراحة أنه يستفيد" من العراق وسوريا ولبنان بصفتهما يمثلان( العمق الستراتيجي) للنظام". معنى ذلك أن سوريا والعراق يعتبران مصدان الدفاع عن النظام وحمايتة دون أن يتكبد خسائر عن إجرامه، ولو سقط هذان المصدان فإن على الملالي أن يدافعوا عن أنفسهم في طهران! هذه هي الحقيقة لا ينكرها مدرك ومتابع للمشهد السياسي، فالعراق وسوريا وإيران أشبه بأضلاع المثلث ما أن يسقط ضلع منها حتى يتهاوى الضلعان الباقيان.
وهذا يفسر إستماتت نظام الملالي في دعم الأسد والمالكي مهما بلغ الأمر. وهذا ما أشار له السيد ستروان ستيفنسون رئيس الرابطة الأوروبية لحرية العراق في بيان جديد منوها بأن" إيران تحاول ما باستطاعتها للإبقاء على نوري المالكي في سدة الحكم، من خلال اتباع تكتيكات مماثلة لتلك التي استخدمت في سوريا المجاورة حيث يتم دعم النظام بشار الأسد المجرم".
ولاشك أن مشاركة الطيران السوري في قصف غرب العراق إنما هو دليل حاسم على أن النظام لا يتحرك من تلقاء نفسه وإنما بخيوط الولي الفقيه. فقد ذكرفالح العيساوي نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار" إن ثلاث مقاتلات سورية قصفت 12 موقعاً مدنياً عراقياً في مدن القائم والرطبة والرمانة، ودمّرت جسراً حيوياً وعدداً من المباني الحكومية والأسواق، واستهدفت سوقاً شعبية وسط المدينة ومبنى (مول سيتي سنتر)، وقرى مجاورة للمدينة، ما أدى إلى مقتل 22 مدنياً وجرح 49 في حصيلة غير نهائية. مضيفا بأن "الطائرات عادت لتغير مرة أخرى على مدينة الرطبة الحدودية مع الأردن الواقعة على بعد 80 كيلومتراً من مدينة القائم، وقصفت محطة للوقود، حيث كانت عشرات السيارات تصطف للتزود بالوقود، كما قصفت مبنى دائرة الجنسية وصيدلية وسوقاً شعبية، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 50 مدنياً وجرح 123 آخرين في حصيلة أولية". وأشار الى أن "المقاتلات السورية دخلت العراق بحريّة وقصفت المدن والمناطق، دون أي رد من الحكومة الاتحادية".
يبدو ان القوة الجوية السورية الجبانة التي لم تتجرأ يوما في الطيران على مقربة من الجولان المحتل او التوغل في أرضها المحتلة من قبل الكيان الصهيوني أبرزت عضلاتها غير المفتولة في قصف شعبها والشعب العراقي، ولكن لا الشعب السوري ولا الشعب العراقي سينسيان هذه الجرائم الحقيرة، وسيكون موعد الحساب قريب بإذن الله.
ناشدت السيد رجوي المجتمع الدولي" لدعم وتأييد الثورة السورية والجيش الحر، وائتلاف المعارضة لقوى الثورة والمعارضة السورية". وحييت الحضور السوري في التجمع الذي كان يهتف بقوة" الشعب يريد إسقاط النظام". الحقيقة ليس الشعب السوري فقط يريد إسقاط النظام السوري المجرم فحسب، بل كل مواطن شريف له وعي وضمير، ويحترم إرادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها.
من المعروف أن سوريا في عهد جزار دمشق بشار الأسد إحتلت المركز الأخير في قائمة الدول الأقل سلاماً في العالم حسب مؤشر السلام العالمي الذي تصدره ايسلندا، وكشف التقرير الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام أن السلام في العالم تراجع بنسبة 4% منذ عام 2008 جراء الإرهاب والنزاعات والإنفاق العسكري. وقال نائب مدير معهد الاقتصاد العالمي( دانييل هيسلوب) " ما تشهده في سوريا يمثل تراجع بليغ للسلام خلال السنوات الثلاث الماضية، مما جعلها في مؤخرة المؤشر، وإذا ما نظرت إلى العوامل الأساسية وراء ذلك تجد أن أكثر من 120 ألف شخص قتلوا وأكثر من 35 في المئة من سكان البلاد هم لاجئون أو نازحون، فالوضع جد متأزم ويبدو أنه قد لا يتحسن لبعض الوقت".
ويضيف الدكتور(حشوة على) من جامعة كولومبس باوهايو " لقد أصبحت في سورية طبقة عسكرية حاكمة وثرية وشعب مستعبد وفقير. وفي كل الادبيات السياسية فان مثل هذا الوضع يؤسس للانفجار الشعبي، فالعسكريون الغوا البرلمانات والاحزاب وأعلنوا الاحكام العرفية لمدة تزيد على 59 عاما من استقلال سورية حتى الان، وقمعوا الحريات وحين انفجر الناس في عام 2011 ولم يفاجئنا ذلك بل توقعناه لأنه تحصيل حاصل ينتظر الشرارة التى انطلقت من درعا وعمت كل سورية بصورة مظاهرات سلمية قمعها عسكر النظام بالرصاص والاعتقال والاعدامات الميدانية، فتحول بعض الناس مكرهين الى حمل السلاح البسيط للدفاع عن أنفسهم ".
ويلاحظ في الآونة الأخيرة تحاول الأبواق المأجورة لنظام الملالي من تسويق إسطوانة معطوبة في عقول الجهلة، بأن هناك تعاون ما بين تنظيم داعش ومنظمة مجاهدي خلق! بالرغم من أن هذا الأمر لم يطرح من قبل أي مؤسسة إستخباراتية في العالم، إنما تناولته وسائل الإعلام المشبوهة في بغداد ودمشق حسب تبعيتهما لولاية الفقيه. فقد ذكرت صحيفة العالم العراقية ـ من واجهات حزب الدعوة العميل ـ بتأريخ 6/ تموز الجاري" يقاتل اعضاء منظمة مجاهدي خلق مع تنظيم داعش في سوريا والعراق منذ 3 أشهر". وأعاد الخبر موقع شبكة خبر الإيراني بأن" نحو 120 من عناصر مجاهدي خلق بزي رسمي يقاتلون مع الإرهابيين البعثيين والداعشيين في الموصل". وعلق جرذان الولي الفقيه في العراق ومنهم العميل السافل عباس البياتي بأن" أجهزة عراقية معنية إطلعت على معلومات عن تورط عناصر من منظمة مجاهدي خلق كانوا قادمين من بلدان أوروبية والتحقاهم في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، وفي حال ثبوت تورط هؤلاء في الأعمال الارهابية ضد القوات الأمنية في محافظة نينوى فان الحكومة العراقية ستتخذ ردا حاسما ضدهم".
لاحظ إن الخبر مصده مجهول وهو غير مؤكد! ولا نفهم كيف سيقوم (جيش الدشاديش) بردُ حاسم؟ اللهم إلا بتوجيه ضربة جبانة إلى مجاهدي ليبرتي، وهذا ديدين السفلة والجبناء. في حين أن البوق الدعوجي عواد العوادي، لم يصف الخبر( لم يؤكد) بل أجزم بدخول " اعضاء منظمة مجاهدي خلق الى الموصل بهدف التحاقهم في صفوف داعش". لاحظ إن الخبر مصدره إيران، والذي يروجه هم عملاء النظام الإيراني في العراق. والغرض منه الطعن بثورتي العراق وسوريا وكذلك منظمة مجاهدي خلق.
لاشك إن هذا الأمر لم يأتِ إعتباطا وإنما يكشف عن نوايا خبيثة لدى حكومة المالكي والميليشيات المرتبطة به لتوجيه ضربة قادمة للأشرفيين تحت هذه الذريعة. مما يستدعي تنبيه الرأي العام العالمي إلى المخطط الخبيث الذي يقف وراء ترويج مثل هذه الأباطيل.
للردٌ على مثل تلك الإفتراءات التي يفبركها نظام الملالي حول داعش نشير إلى ما ذكره( مايكل دوران) زميل مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينغز وماكس بوت زميل مجلس العلاقات الخارجية. في تقرير نشرته واشنطن بوست بعنوان (على واشنطن ألا تتعاون مع إيران بشأن العراق) بأنه " في عام 2012، صنفت وزارة الخزانة الأميركية إيران على أنها داعمة لـداعش، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الصفقات التي تتم مع نظام الأسد على شراء النفط من الآبار الخاضعة لسيطرتها. هذا صحيح. فوفقا لمصادر استخباراتية غربية، يقيم الأسد، أكبر عميل لإيران في المنطقة، شراكة تجارية مع داعش، على الرغم من أن داعش يحارب نظامه (تتنوع أهداف الأسد، ولكن يُعتقد أن من بينها دعم المقاتلين الجهاديين لتشويه صورة المعارضة في عيون الغرب)".
مباركة ثورة العراق الكبرى، ومباركة ثورة سوريا الكبرى، ومباركة ثورة الشعب الإيراني على الطغاة والمجرمين. والخزي والعار لكن من يطعن في هذه الثورات الجماهيرية وأهدافها النبيلة. لا توجد منطقة وسطى بين الحق والباطل، فمن لا ينصف الحق، يقف بالنتيجة مع الباطل.