من هو الرجل الذي أنشأ مخيماً فاخراً لأطفال سوريا في الأردن؟!
من هو الرجل الذي أنشأ مخيماً فاخراً
لأطفال سوريا في الأردن؟!
لؤي أبازيد
مخيم الأيتام
حدثني الرجل الستيني الفلسطيني البدوي سائق التكسي أثناء ركوبي معه في عمّان عن حادثة أشبه بقصص الخيال تخص السوريين شرق محافظة مأدبة الأردنية ، أخبرني أنه وعشيرته يعيشون في بيوت شعر متمسكين بحياة البداوة التي ورثوها عن أجدادهم في صحراء النقب جنوب فلسطين . إلا أن رجلاً غريب الأطوار في الثمانينات من عمره ، إشترى مزرعة كبيرة وقطعة أرض لا بأس بها في جوار خيمهم عكر صفو حياتهم حيث أن هذا الرجل يرتدي "الشورت " والقبعة ويلعب الرياضة كل صباح ، ويقول البدوي أن أقربائه قاطعوا هذا الرجل ولم يختلطوا به البتة بادئ الأمر .
وبعيد شهور، أنزل هذا الرجل عدداً من"الكرفانات" ووزّعها في أرضه وبدى الأمر وكما أن شركة مقاولات تعمل لإنشاء مشروع ما على هذه الأرض ، ثم مضت الأيام وبدى على المشروع علامات توحي بأن العمل قد انتهى، وإذ بعدد كبير من الأطفال يسكنون تلك"الكرفانات".
يقول البدوي إستغربت وأقربائي ما رأيناه ، ما دفعني للذهاب إلى الرجل الغريب وعند سؤالي له عن هذه الأطفال قال لي : هذا " يتيم " مثل أنا ، وصار يبكي !!
وبدأ سائق التكسي يشرح لي ما دار بينهم من حديث، فقال: اكتشفت من خلال حديثي مع الرجل أن لغته العربية ضعيفة للغاية مع أنه فلسطيني الأصل من مدينة يافا إلا أنه حين كان في السادسة من عمره قتل اليهود كامل أسرته، ونجى بحياته وهرب من إحدى خالاته إلى لبنان ومن لبنان هاجر وعاش في أمريكا ودرس وتزوج وعمل فيها حتى صار لديه مشاريع تضخ له مئات الآلاف من الدولارات كل شهر، وأخبرني البدوي القاسي الملاوح مستهزءً من شدة إنسانية الرجل الغريب وشدة تواضعه وطيبته وأخبرني بأنه لطيف للغاية تماماً كـطفل ، وعن الأطفال أخبرني أنهم أيتام"سوريون ".
وعن تلك"الكرفانات" قال لي:هي أشبه بمخيم صغير فيه ما لا يقل عن الـ100 طفل سوري يتيم ، وفيه أيضاً جزء للنساء الأرامل والثكالى، يقدم فيه خدمات بمستوى عالٍ من حيث النظافة والرتابة والطبابة والدقة في نظام مواعيد الإفطار والغداء والعشاء والفاكهة، وأخبرني عن تولع هذا الرجل بالأطفال وعن عيشه معهم وعن الساعات التي يقضيها مع زوجته في تشجيع الأطفال أثناء لعبهم لكرة القدم في ملعب صغير أنشأه لهم، قال لي أن هذا المخيم يكلّف الرجل ما يزيد عن 18 ألف دينار أردني أي ما يقارب الـ20 ألف يورو كل شهر ، ما عدى رواتب الموظفين في إدارة المخيم وفي المطعم وفي الخدمات كالنظافة وغيرها وما عدى أيضاً حالات العلاج الطارئة التي تستوجب خروج المريض إلى المستشفيات في بعض الأحيان.
وعدني سائق التكسي بأن يوصلني برقم هاتف مدير المخيم لعلي أحظى في إجراء مقابلة صحفية حيّة مع هذا الرجل، مع أنه قال لي بأن الرجل لا يحب الصحافة ولم ينجح عدد من الصحفيين في إجراء مقابلة معه، وهذا ما دعاني للكتابة وتوثيق قصة"بكر"الرجل الثمانيني غريب الأطوار ، لعل قرائتها تثير شيء من الغيرة لدى مئات لا بل آلاف رجال الأعمال"السوريين" المنتشرين في دول الخليج خاصة وفي دول العالم عامة ؛ هذا " يتيم " مثل أنا .. فتخيّل يا رعاك الله!