إسرائيل ونموذج بنغلادش في غزة
نتنياهو وافراد حكومته لم يعلنوا عن برنامج سياسي حتى الان ولن يعلنوا لانهم يشرعوا في تطبيق برنامج سياسي سري للإجهاز على حل الدولتين وتطبيق الحل المؤقت بشكل صامت و هادئ وثم يتعرف العالم على هذا البرنامج من خلال التطبيق على الارض وهذه عادة اسرائيل وما يفهمه الساسة الإسرائيليين من نظريات هو البدء في تطبيق المخططات ثم الاعلان عنها وعندما يعرفها المقابل تكون اسرائيل قد قطعت منتصف الطريق وفرضت وقائع على الارض تخدم مشروعها اليهودي الكبير, هذا السلوك لم يكن من اختراع حكومة نتنياهو الحالية وانما منهاج اسرائيلي معروف منذ عقود واستراتيجية اسرائيلية تتبعها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة في التعامل مع قضايا الصراع , وهنا يبدوا ان الاعلام الفلسطيني لا يأخذ الا بالقشور ولا يصل لمستوي اعمق من دراسة المعطيات والتصريحات التي تبني عليها النظرية الاسرائيلية , وان وصل لا يكترث السياسيون بما تم كشفه ,وما يجري اليوم من تخطيط اسرائيلي للإجهاز على حل الدولتين عبر تنفيذ برامج سياسية واستيطانية وتنفيذ محاولات اسرائيلية للإطاحة بالقيادة الفلسطينية واستبدالها وعقد تفاهمات سرية مع هذه الفئة او الطرف او تلك فأن هذا يجعلنا نؤكد ان حل الدولتين اخذ يتلاشى من على طاولة الحكومة الاسرائيلية وبرامجها السياسية .
حل الدولتين لم يعد مطروحا امام الحكومة الاسرائيلية ولا يفكر فيه المستوي السياسي بقدر ما يفكر في البديل وهذا ما بدا واضحا من خلال تصريحات سلفان شالوم المسؤول عن مفاوضات السلام مع الفلسطينيين وبشكل علني وصريح عندما قال "ان مبادرة السلام العربية التي صاغتها المملكة العربية السعودية وجامعة الدول العربية كمخطط محتمل بين اسرائيل والدول العربية بما في ذلك اقامة الدولة الفلسطينية علي حدود الرابع من حزيران 1967 لم يعد له وجود "وجاءت اقوله في مؤتمر امنى بتل ابيب واضاف "ان المبادرة تحتاج الى ادخال تغيرات على نصها الاصلي واعادة طرحها من جديد ", و اوضح ان هناك ثلاث نقاط في المبادرة غير قابلة للتطبيق واولها الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران بالإضافة لمرتفعات الجولان والتنفيذ الكامل لتحقيق عودة اللاجئين الفلسطينيين, وطالب شالوم الفلسطينيين بالدخول في مفاوضات مع اسرائيل على هذا الاساس لأنه من الصعوبة الدخول في مفاوضات على اساس خطوط الرابع من حزيران 1967 او على اساس مبادرة السلام العربية.
عندما نربط هذا الجزء بما كتب (روني بخر ) في يديعوت احرنوت الاسبوع الماضي حول رؤية الحل على اساس دولة غزة يتضح مخطط اسرائيلي قذر للاستغلال الانقسام و محاولة حل الصراع حسب نموذج بنغلادش فقد اعتبر (روني بخر) غزة كيان مختلف في الفكر الديني والايدلوجى عن الضفة الغربية حسب ما وصف معللا بانه لا يجوز الربط بينهما خاصة بعدما فشلت كل المحاولات لاستعادة توحيد التمثيل الفلسطيني واصبحت القصة كما شرق وغرب شبه القارة الهندية أبان الاحتلال البريطاني بانفصال تام بين شرق الهند وغربها ,فقد تم تسمية الاراضي الواقعة شرق القارة الباكستان وغربها بنغلادش بعدما حالت الصعوبات الجغرافية والايدلوجية من اعادة شطريها وكان هذا الحل واستمر حتى الان , وادعي هذا الكاتب انه لا يمكن أن تقوم دولة فلسطينية في غزة والضفة واسرائيل في الوسط ناكرا ومتجاهلا كل قرارات التقسيم وامكانية ايجاد أي اتصال جغرافي او ديموغرافي بين غزة و الضفة وبالتالي يوصي بايجاد بنغلادش جديدة في غزة وهذا الحل الانسب للدولة الفلسطينية الجديدة حسب رايه لان هذه الدولة قد تمنح الحياة لمليونين من السكان في غزة ,وبدأ يطرح هذا الكاتب الذي يعطينا قراءات للعقل السياسي الاسرائيلي والرؤية الاسرائيلية لحل الدولتين , ويطرح الكاتب ان حل دولة غزة هو حل تجريبي مؤقت لتحقيق معيشه لسكان غزة تمكنهم من الانفتاح على العالم واقامة علاقات اقتصادية وسياسية , وان دولة غزة تستطيع اقامة علاقات مع مصر والحصول منها على أراضي اضافية كي تزيد المجال الحيوي لسكانها وهذا لن يحل المشكلة الفلسطينية بالكامل لكنه يقلص المشكلة الى ابعد الحدود و يساعد في استكمال الحل مستقبلا ..!
ما سيحبط كل تلك المخططات هو بالطبع استعادة الشعب الفلسطيني وحدته باي شكل كان و تمكين حكومة الوفاق الوطني من بسط سيادتها على غزة و البدء بتوحيد كافة المؤسسات و تنفيذ برامج الدولة الفلسطينية الواحدة ,وما سيعمل على اسقاط كل تلك المخططات هو توحيد التمثيل السياسي الفلسطيني ,وما سيجعل اسرائيل تعلن للعالم ان القضية الفلسطينية يجب ان تحل حلا نهائيا ودائم هو الاعلان عن طاقم يتولى أي مفاوضات في أي قضايا مع اسرائيل تقودها منظمة التحرير الفلسطينية وهذا من شأنه اغلاق الطريق على إسرائيل والانفراد باي طرف فلسطيني لتقديم اغراءات كبيرة بحلول مؤقتة مقابل أي ثمن لان أي ثمن لذلك سيكون فادح وخسارة كبيرة على الشعب الفلسطيني وبالتالي تفهم اسرائيل انه لا يمكن لأي طرف فلسطيني الخروج عن قيادة منظمة التحرير والجلوس مع اسرائيل لبحث أي مشاريع او صفقات حتى صفقات تبادل الاسري ولا أي حلول مؤقته او حلول دائمة وبالتالي لا يمكن لأي طرف فلسطيني الجلوس مكان الطرف الاخر او ان يكون بديلا عن الطرف الاخر بل ان الكل الفلسطيني يقبل بما تقبل به منظمة التحرير لتعرف اسرائيل وحلفائها ان الحديث مع ممثلين الشعب الفلسطيني هو قو قرار وطني لا يمكن الالتفاف عليه والقضايا الفلسطينية كلها ثوابت لا تقبل التجزئة ولا تقبل الحلول المؤقتة وما يقبله الشعب الفلسطيني كحد ادني لحل الصراع دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين على اساس قرارات الشرعية الدولية.
وسوم: العدد 624