(يا قومي أليس لي ملك مصر) مقولة فرعون موسى يرددها لسان حال فرعون مرسي

أيام قليلة  قبل حلول الذكرى الثانية لمذبحة ساحتي رابعة العدوية والنهضة في مصر حشر متزعم الانقلاب على الشرعية والديمقراطية في مصر و بطريقة فرعونية الناس ضحى كما فعل فرعون موسى الطاغية يوم زينته على ضفتي قناة السويس ليعلو ظهر سفينة  بكبرياء وصلف وغرور وسفه ... وبكل صفة خسيسة ، وبزيه العسكري الموشح بالنياشين التافهة التي تشهد بهزائم الجيش المصري المتتالية أمام جيش الكيان الصهيوني، وكان من المفروض أن يخجل  من تعليق  تلك النياشين بسبب ذلك إلا أن متزعم الانقلاب ومجرم ساحتي رابعة والنهضة جعل من  تلك  النياشين رموزا تشهد على إجرامه في حق أبناء الشعب المصري العزل الذين اعتصموا دفاعا عن ثورة يناير التي وضعت حدا لعهد فساد طويل جثم على صدورهم و دفاعا عن شرعية ذاقوا حلاوتها لأول مرة  في تاريخهم ، و عن ديمقراطية رأوها حقيقة بعدما كانت مجرد حلم لا يصدق تحققها أحد في مصر أو في  أي قطر من أقطار بني يعرب حيث يقف الاستبداد السياسي حجر عثرة ضد وجودها حقيقة  .

وقف مجرم رابعة والنهضة شامخ الأنف يتقدم من صاحبوه على ظهر الباخرة وقد تقدمهم ينظر إلى حشود  من استعبدهم على ضفتي قناة السويس وهم يهللون باسمه ولسان حاله يردد مقولة فرعون موسى كما حكاها كتاب الله عز وجل : (( يا قومي أليس لي ملك مصر وهذي الانهار تجري من تحتي أفلا تبصرون )) وقد رأى نفسه خيرا من رئيس منتخب ديمقراطيا  مغيب في السجن، والذي لا يكاد يبين  كما رأى فرعون موسى من قبل  نفسه خيرا من نبي الله عليه السلام . وكما حشر فرعون موسى كل ساحر عليم يوم زينته ليواجه بباطله الحق الذي جاء به موسى عليه السلام حشر مجرم رابعة والنهضة كل منافق معلوم النفاق من كل أقطار العالم ليواجه الشرعية والديمقراطية بالانقلاب الدموي الذي راح ضحيته آلاف الأبرياء الذين انقضت عليهم كلابه ،الشرسة وأعملت فيهم التقتيل والتحريق  والدوس بالجرافات والاعتقال في المعتقلات الرهيبة والموت خنقا في حاويات غلقت أبوابها لتصفيتهم .

وإذا كان  فرعون موسى الطاغية  قد هدد السحرة حين عرفوا الحق ومالوا نحوه بالصلب في جذوع النخل وتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، فإن  سفاح رابعة والنهضة وعموم مصر توعد الذين عرفوا الحق ومالوا نحو الشرعية والديمقراطية بالتقتيل والتحريق والدهس والاعتقال والاغتصاب والإعدام وما لا يوصف من أشكال التنكيل بالأساليب الفرعونية الوحشية . ولقد شارك الهامانيون والقارونيون الوافدون من كل أقطار العالم  سفاح ربيعة والنهضة في احتفال قناة السويس لدعمه في التمادي في الطغيان والاستبداد لأنهم بشر بلا قلوب وبلا مبادىء ، ولأن شعارهم كما صرح به كبيرهم الذي علمهم الطغيان ذات يوم هو : " لا وجود  عندنا لصداقات أو عداوات دائمة بل عندنا مصالح دائمة " فالمصالح جعلت البشر الهاماني والقاروني المنحط أخلاقيا  يدوس على دماء آلاف الضحايا في مصر عموما وفي ساحتي رابعة والنهضة خصوصا وعلى حريات وأعراض وكرامة الآلاف  من القابعين في السجون والمعتقلات الرهيبة التي جمعت كل أنواع التنكيل التي عرفها التاريخ الأسود للاستبداد والطغيان في كل مكان وزمان.

ولقد صفق الهامانيون والقارونيون لفرعون مصر الحالي وشربوا نخب استبداده وطغيانه،  ولم يلتفتوا إلى مأساة الشعب المصري الذي عانى من ويلات الاستبداد العسكري منذ انقلاب1952 إلى جانب الفقر والفاقة . إن الهامانيين والقارونيين العرب والأجانب لا تعنيهم سوى مصالحهم التي يجعلونها فوق كل شيء بما في ذلك قدسية دماء الشعب المصري . ولقد كان من المفروض أن ينبذ الانقلاب العسكري على الشرعية والديمقراطية في مصر عالميا إقليميا  ويقاطع ويحاصر ،وتفرض على من قاموا به عقوبات وأن يقوم المجتمع الدولي بدعم الشرعية وبالتنديد بجرائم وفظائع الانقلابيين إلا أن ما حدث هو السكوت الشيطاني  المخزي للمجتمع الدولي لسبب واحد ووحيد هو أن صناديق الاقتراع أفرزت نجاح حزب ذي مرجعية إسلامية لا تقبل بها الدول الغربية العلمانية التي تريد تسويق علمانيتها وعولمتها بمنطق القوة .

ولقد روج الغرب العلماني لمقولة  رفض ما يسميه الإسلام السياسي،  وأضفى بذلك الشرعية على جريمة الانقلاب العسكري على الشرعية وعلى الديمقراطية التي يتبجح بالوصاية عليها والدعوة لها  ومساندة من يأخذ بها . ولقد تغير مفهوم الديمقراطية بالنسبة للغرب العلماني ولمن يسيرون في فلكه خوفا منه أو تملقا له، فصار  فوز العلمانية شرطا أساسيا في الديمقراطية وإلا وجب الإجهاز على من توصله إلى مراكز صنع القرار إن لم يكن علماني الهوى اقتناعا أو تبعية وتقليدا . ولقد راجع الغرب حساباته التي تقوم على أساس المصلحة الدائمة، فوجد في أن في الانقلاب على الشرعية والديمقراطية صيانة لمصالحه ، لهذا لم يتحرك ضميره ـ وهو الذي لا ضمير له ـ للجرائم البشعة التي ارتكبها الانقلابيون الذين وظفوا البلطجية وأجهزة الأمن والجيش والقضاء والإعلام وحتى الدين لممارسة طغيانهم وإجرامهم واستبدادهم . ويتخذ الانقلابيون من فئات العلمانيين والمفسدين بطانة لممارسة فظائعهم حيث تحولت تلك الفئات من المحسوبين على الإعلام والفن والثقافة  وحتى المحسوبة على الدين إلى أبواق دعاية تتملق متزعم الانقلاب  وتمجده كما  مجد قبله زعيم الضباط الأشرار واتخذ صنما يعبد من دون الله عز وجل ، وهي فئات تمارس  ما يشبه القوادة منبطحة أمام ديكتاتور ومتنكرة للشعب البائس الذي صار يقدم عشرات الضحايا يوميا منذ  مجازر رابعة والنهضة وغيرهما .

وبالرغم من استبداد الانقلابيين وطغيانهم ،فإن جذوة ثورة يناير لا زالت متقدة، وستبقى كذلك.  ولا بد أن تأتي نهاية مجرم رابعة والنهضة على غرار نهاية فرعون موسى الذي تشبه به في ظلمه واستبداده  وعلوه واستكباره واستخفافه لأشباه الرجال ولا رجال من المنبطحين له  جيشا وشرطة وبلطجية  وقضاء وأزهرا وإعلاما ...وغير ذلك. وإذا كان مصير فرعون موسى الطاغية هو الغرق،  والاعتراف  بالحق ساعة الغرغرة ، فإن فرعون مرسي  سيكون له نفس المصير ، وسيردد مقولة فرعون موسى  ساعة غرقه  وهلاكه وانتقاله إلى أشد العذاب،  وبالصيغة التي تناسب طغيانه: "إني آمنت بالذي آمن به أتباع مرسي "  وسيقال له ما قيل لفرعون موسى : (( الآن وقد كفرت من قبل )) . وسيمن الله عز وجل  على المستضعفين من أنصار مرسي  كما  من على المستضعفين من قوم موسى ، وسيجعلهم  أئمة ويجعلهم الوارثين ، ويري الانقلابيين  والذين يقفون إلى جانبهم والذين يتملقونهم منهم ما كانوا يحذرون.