المرجعية موقف

رفضت المرجعية الدينية في النجف الاشرف استقبال السيد رئيس الوزراء العبادي موقف يسجل لها ضمن مواقفها في احترام ورعاية حقوق الناس واستكمال حلقة الإصلاح التي طالبت بها المرجعية العبادي يوم كان الزخم الجماهيري خير ظهير له على اجراءها وتنفيذها، وكانت خطواته الأولى مسددة ومؤيدة ومدعومة من قبل البرلمان العراقي، وهنا يأتي عامل الخبرة ومعرفة طبيعة المجتمع العراقي من خلال تجربة طويلة، ومعقدة وجدنا ان العراقيين بشكل عام مستعدين لتقديم أي مطلب ومهما كان في حال اندفاعها الأول ولكنها لم تكن مستعدة لتقديم الدعم أو امرار المطلب لو تأخرت قليلاً أو اختفت عن أعين الإعلام والظهور امام الشاشات وامام من يطلب منها ذلك، واما عوامل تراخيها وعدم استمرارها فهذا ما يحتاج الى تحليل موضوعي لهذه الظاهرة، وكان على العبادي وبعض الفضائيات التي تأملت بالمظاهرات خيراً ان تكون على علم بذلك فتستفيد من هذه الهبة الجماهيرية والاندفاع العالي لها نحو الاصلاح والتغيير، ولكنه تباطئ في اقرارها ولم يكن على جرأه رجل مسؤول ليمضي ما كان عليه ان يمضيه او يقترحه من قرارات على البرلمان، فخسر رهانها واحبط معنويات ناسها، فكانت النتيجة انه يراوح في مكانه، لا يعرف ماذا يفعل وإن عرف خانته شجاعة المسؤول وصلابة الارادة وعلو الهمة ونية الإصلاح الجدي وقد وجدت المرجعية بعد دعمها  اللامحدود أنه لا يمثل الطموح الذي كانت تنشده في رئاسة الوزراء فقد احرجها أمام قواعدها الشعبية ومن كان مرتبطاً بها تقليداً أو تأييداً، وهذا الأمر انكشف ردة فعله يوم استقباله في النجف هذا اليوم.

وهو وغيره يعرف ان لقاءاته مع بقية المراجع لا يكون لها نفس التأييد والقبول الجماهيري عند المواطن العراقي الا بمقدار الاحتفاظ برعاية كبريائه وصيانة وضعه ومقامه فيما فعله من لقاءات مع بعض المراجع ((سدد الله خطاهم)) ولا يشفع له ذلك وهو على دراية ان رهانه على تجديد الدعم المرجعي من المرجعية العليا قد خسره لا الى رجعه، ولعل الطريق قد ينفتح لاستبداله وتغييره، فلا موقف مسؤول امام الحشد الشعبي يبرد قلوب من ضحوا بأرواح أبنائهم خدمة ودفاعاً عن الوطن، حيث اللعبة الامريكية ووقوفها امام طموح الجماهير بالاستعانة بالروس لضرب الدواعش بعد ان انكشفت اللعبة الامريكية لأبسط مواطن عراقي، واسفر الصبح لذي عينين ان رئاسة الوزراء تدار من قبل السفير الامريكي، وتبقى مواجهة داعش الاستنزاف الاكبر للعراق ومقدراته وكان بالامكان حسمها بمدة أقصر لو وضعت الادارة الامريكية على المحك وطلب من روسيا المساعدة .. وقد حسم الأمر بتوجيه بايدن رسالة الى العبادي يعنفه فيها على محاولات المساعدة الروسية، ويذكره بمنّة امريكا عليه وعلى غيره من السياسيين.

واما الإعمار فصفر والإصلاح فمعرقل، والمال فمبدد والديون فمتراكمه والارتهان لصندوق النقد الدولي فجاري، والزراعة قد قرأت عليها فاتحة الموت مع الصناعة، وأفضل الاحياء هو الموت المنتشر في عموم البلاد والإرهاب المتصاعد وعلميات السلب والنهب، وسيادة الرشوى والفساد، وضياع الوطنية والاستعداد لبناء البلد وعدم التخلي عن الدعم الخارجي الذي ضرب البلاد والعباد.

والسؤال الأكثر حيرة كيف يصلح من لم يأت بطريق الاستقامة والاستحقاق؟!!

وهل يصلح النجار ما أفسده الدهر.

وسوم: 641