موسوعة جرائم الولايات المتحدة 71
من قطع رأس المواطن الأمريكي نيكولاس بيرغ ؟
من العمليات السود لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA
(تمهيد - ما الذي قالته موسوعة الويكيبيديا عن إعدام نيكولاس بيرغ ؟ - من هو نيكولاس بيرغ ؟ اختفاؤه – موته - لقاؤه مع زكريا موسوي - الاعتقالات والاعترافات - لكن ما الذي قاله المحلّلون ؟ - ما هي الفرضية المفتاح ؟ - لماذا رفضت الإدارة الأمريكية استبدال بيرغ بأسرى عراقيين ؟ - "بذلة" بيرغ الرتقالية هي نفس بدلات معتقلي أبو غريب وغوانتنامو والسجون الأمريكية - الفيديو هو نتاج مونتاج وتعديلات كثيرة - الرواية الرسمية - الطاقم والمشهد - استمرارية سيّئة، ومونتاج معقد)
تمهيد
____
عندما شاهد العالم شريط الفيديو الخاص بقطع رأس المواطن الأمريكي "نيكولاس بيرغ" حصلت صدمة هائلة للرأي العام العالمي. لقد كانت أول حالة قطع رأس سياسية تصوّر ببرود على شريط فيديو وتُعرض على العالم ببساطة حيث يقف الإرهابي وهو يحمل رأس الضحية منتصراً أمام أنظار العالم . كانت صدمة مرعبة لم يشهد لها العالم مثيلاً . وفور عرض الفيلم بدأت أجهزة الدعاية الغربية عموماً والأمريكية خصوصاً اشتعلت الحملة الدعائية التضليلية - كالعادة – التي تعتبر أن الجلّاد الذي قطع رأس نيكولاس بيرغ هو أبو مصعب الزرقاوي وسرت الجوقة المحلية معها من دون تدقيق في حيثيات هذه الواقعة الرهيبة وتفصيلاتها وتناقضاتها وبلا دراسة "فنّية" لشريط الفيديو نفسه على الرغم من أن العين المدقّقة يمكنها أن ترى الكثير من الشواهد على أن هذا الفيلم "مفبرك" لإلصاق العملية بالزرقاوي لتحقيق أهداف سنتبيّنها في متن هذه الحلقة.
هل كانت هذه العملية الوحشية من صنع جماعة أبي مصعب الزرقاوي ؟ أم هي من نمط العمليات السوداء التي برعت بها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي لا تتورّع عن اقتراف أبشع الجرائم كما لاحظنا ذلك على امتداد عشرات الحلقات السابقات وسنلاحظه في الحلقات المقبلات ؟
ما الذي قالته موسوعة الويكيبيديا عن إعدام بيرغ ؟
____________________________
من هو نيكولاس بيرغ ؟
كان الأميركي نيكولاس إيفان "نيك" بيرغ Nicholas Evan "Nick" Berg(2 أبريل 1978 - 7 مايو 2004) مصلّح أبراج راديوية يعمل لحسابه الخاص، من الذين ذهبوا إلى العراق بعد غزو الولايات المتحدة للعراق. وكان قد اختُطف وقُطع رأسه وفقا لشريط فيديو صدر في مايو 2004 من قبل المتشددين الإسلاميين ردا على التعذيب وإساءة معاملة السجناء العراقيين في سجن أبو غريب الذي قام به جيش الولايات المتحدة. ادّعت وكالة المخابرات المركزية أن بيرغ قد قُتل شخصيا من قبل أبو مصعب الزرقاوي. وقد نُشر فيديو قطع الرأس على شبكة الإنترنت، من لندن إلى ماليزيا من قبل موقع المنظمة الإسلامية المسماة منتدى الأنصار.
بيرغ مولود في بنسلفانيا في الولايات المتحدة وهو من أصل يهودي. لم يحصل على أي شهادة جامعية . في عام 2002 أسس مع عائلته شركة Prometheus Methods Tower Service التي ركّبت ابراج الاتصالات في عدة دول منها كينيا وأوغندا.
وصل بيرغ إلى العراق لأول مرة في 21 ديسمبر 2003، واتخذ ترتيبات لتأمين عقد عمل لشركته. كما ذهب إلى مدينة الموصل الشمالية، وزار رجلاً عراقياً كان أخوه متزوجا من عمّة بيرغ. غادر العراق في 1 فبراير عام 2004، ثم عاد إليه في 14 مارس 2004، ليجد أن العمل الذي كان قد وُعد به غير موجود. طوال فترة عمله في العراق، كان على اتصال دائم مع أسرته في الولايات المتحدة عن طريق الهاتف والبريد الإلكتروني.
كان بيرغ ينوي العودة الى الولايات المتحدة في 30 مارس 2004، لكنه اعتقل في الموصل في آذار 24. تزعم أسرته أنه تم تسليمه إلى مسؤولين أمريكيين في العراق واحتُجز لمدة 13 يوما دون الحصول على المشورة القانونية. زار عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي والديه لتأكيد هويته في 31 مارس 2004، لكنه لم يفرج عنه فورا. بعد أن تقدم والداه بدعوى إلى محكمة اتحادية في فيلادلفيا يوم 5 أبريل 2004، مدعيين أنه كان محتجزا بشكل غير قانوني، أُطلق سراحه من السجن. وقال إنه لم يتعرض لمعاملة سيئة في أثناء احتجازه. أكّدت الولايات المتحدة على أن بيرغ لم يكن في أي وقت من الأوقات في عهدة قوات التحالف، بل إنه احتُجز من قبل القوات العراقية. نفت شرطة الموصل أن تكون قد اعتقلت بيرغ في أي وقت، وعرضت أسرة بيرغ رسالة وصلتها عبر البريد الإلكتروني من القنصل الأمريكي في العراق تقول: "لقد تأكد أن ابنك، نيك، معتقل من قبل الجيش الامريكي في الموصل". وفقا لأسوشيتدبرس أطلق سراح بيرغ من الحجز في 6 أبريل 2004 ، ونصحه مسؤولون أمريكيون أن يركب الطائرة ويغادر العراق، بمساعدتهم. قيل أن بيرج قد رفض هذا العرض وسافر إلى بغداد، حيث مكث في فندق "الفنار". آخر تواصل له مع عائلته كان في 9 نيسان، 2004. وكان آخر اتصال لبيرغ مع مسؤولين أمريكيين في 10 أبريل 2004 ولم يعد مرة أخرى إلى الفندق الذي يقيم فيه بعد ذلك التاريخ. استجوبه المخرج "مايكل مور" لصالح فيلمه المعروف "11/9 فهرنهايت". لم يستخدم مور لقطات من مقابلته مع بيرغ في فيلمه، ولكن بدلا من ذلك تقاسمها مع أسرة بيرغ بعد مقتله.
اختفاؤه
_____
أصبحت أسرة بيرغ قلقة بعد أن لم تسمع منه لعدة أيام. على الرغم من أن محقق وزارة الخارجية الامريكية بدأ بالتحقيق في اختفاء بيرغ، فإن الاستفسارات الحكومية الرسمية لم تؤدي إلى شيء. وكانت عائلة بيرغ مُحبطة مما وصفته بنقص في الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة الأمريكية، استأجرت العائلة محققاً خاصاً واتصلت بممثلها في الكونغرس والصليب الأحمر بحثا عن المعلومات.
موته
____
نيك بيرغ يجلس على مقعد، وخمسة رجال يقفون خلفه. قيل أن الرجل الذي يقف وراءه مباشرة هو الزرقاوي وهو الذي قطع رأس بيرغ.
عُثر على جثة بيرغ مقطوعة الرأس في 8 مايو 2004، على جسر في بغداد من قبل دورية للجيش الامريكي. أُبلغت عائلة بيرغ بمقتله بعد ذلك بيومين. وذكر مصدر عسكري أن جسم بيرغ ظهرت عليه "علامات شدّة خارجية"، لكنه لم يكشف عن أنه قد تم قطع رأسه.
في 11 مايو 2004، "منتدى الأنصار" الموقع الإلكتروني للجماعة الجهادية المتشددة، نشر شريط فيديو تحت عنوان "أبو مصعب الزرقاوي يذبح أمريكياً" "Abu Musab al-Zarqawi slaughters an American، الذي أظهر كيف جرى قطع رأس بيرغ. كان طول الفيديو خمس دقائق ونصف الدقيقة.
ويظهر بيرغ في شريط الفيديو وهو يرتدي بذلة برتقالية اللون مشابهة لتلك التي يرتديها السجناء في سجون الولايات المتحدة. ويعرّف نفسه: "اسمي نيك بيرغ، اسم والدي هو مايكل، اسم والدتي هو سوزان، لي أخ وأخت، ديفيد وسارة، أنا أعيش في غرب تشيستر، ولاية بنسلفانيا، بالقرب من فيلادلفيا".
الفيديو يظهر بيرغ يحيط بها خمسة رجال يرتدون أقنعة ويشاميغ عربية. تمت قراءة بيان مطول بصوت عال. ثم التم الملثمون على بيرغ. اثنان منهما ألقياه أرضاً وثبتا يديه وقدميه، في حين قام آخر بقطع رأسه بسكين - وكان من قطع الرأس هو أبو مصعب الزرقاوي. ويمكن سماع صراخ وسط صيحات الرجال "الله أكبر". بعد قطع الرأس، واحد من الرجال عرض الرأس أمام الكاميرا، ثم وضعه على الجثة مقطوعة الرأس.
خلال الفيديو، يهدّد الرجل الذي يقرأ البيان بالمزيد من الموت: "نقول لكم إن كرامة المسلمين والمسلمات في سجن أبو غريب وغيره لا تُفتدى إلا عن طريق الدم والنفوس. لن تتلقوا أي شيء منا غير الأكفان والتوابيت ... وستُذبحون بهذه الطريقة ". هدّد الفيديو الرئيس الأمريكي جورج بوش والرئيس الباكستاني برويز مشرف.
لقاؤه مع زكريا موسوي
_____________
في 14 مايو 2004، تم الكشف عن أن نيك بيرغ قد تم التحقيق معه في أثناء تحقيق الحكومة الأميركية مع زكريا موسوي. عنوان البريد الإلكتروني لبيرغ قد استُخدم من قبل موسوي قبل هجمات 11 سبتمبر 2001. وحسب والد بيرغ، كان نيك بيرغ قد التقى مصادفة مع أحد معارفه من جانب موسوي على حافلة في نورمان بولاية أوكلاهوما، وأن هذا الشخص قد استعارة جهاز كمبيوتر بيرغ المحمول (لابتوب) لإرسال رسالة بالبريد الإلكتروني. قدم بيرغ تفاصيل حساب بريده الإلكتروني الخاص وكلمة المرور التي تم استخدامها في وقت لاحق من قبل موسوي. وجد الـ FBI أن بيرغ ليست لديه صلات مباشرة بالإرهاب أو صلة مباشرة مع موسوي.
الاعتقالات والاعترافات
_____________
في 14 مايو 2004، نقلا عن "مصادر عراقية" ذكرت شبكة سكاي نيوز أن أربعة أشخاص اعتُقلوا بتهمة قتل. أُفرج عن اثنين منهم لاحقا. بدلا من ذلك، وفي 5 تموز 2004، ذكرت شبكة سكاي نيوز أن أربعة رجال قد ألقي القبض عليهم لصلتهم بقطع رأس نيك بيرغ.
في 5 أغسطس 2004، نشرت مجلة لو نوفيل أوبسرفاتور تحقيقاً كتبته سارة دانيال عن تفاصيل لقائها مع "أبو راشد" أحد قادة مجلس شورى المجاهدين في الفلوجة، ادّعى فيه بأنه قتل نيك بيرغ، وكيم سون إيل وعراقيين تعاونوا مع القوات الأمريكية. وذكر أيضا أنهم حاولوا تبادل الأسرى مع بيرغ، ولكن تم رفض ذلك من قبل المسؤولين الأمريكيين.
لكن ما الذي قاله المحلّلون ؟
________________
الآن لنترك الوصف "الإخباري" للويكيبيديا الذي يؤكد أن من قطع رأس نيكولاس بيرغ هو أبو مصعب ازرقاوي ونتناول تحليلات المحللين الدقيقة للفيلم وللوقائع المتعلقة بسيرة بيرغ خصوصا خلال وجوده في بغداد وجوانب من تاريخه الشخصي وعلاقاته وغيرها من الوقائع الخطيرة التي لم تلفتفت إليها الويكيبيديا لنمسك بخيوط اللعبة الرهيبة التي تشير بقوة إلى أن قتل بيرغ كان عبارة عن عملية سوداء لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية الـ CIA .
يقول المحلّل "نيك بوسوم" : "هناك الكثير من الناس يرغبون في معرفة ما حدث لنيكولاس بيرغ بعد خروجه من فندق الفنار (الليلة الواحدة بـ 30 دولاراً) ببغداد في 10 ابريل نيسان. يُقال أن المقاول الأمريكي البالغ من العمر 26 عاماً ، كان يبحث عن سيارة أجرة عندما سار في الشارع ومنه إلى التاريخ.
عُثر على جثة بيرغ مقطوعة الرأس في بغداد بعد شهر. قبل نهاية شهر مايو، شوهد شريط الفيديو سيئ السمعة في جميع أنحاء العالم، وسوف يملأ اسم بيرغ العشرة الأوائل الاكثر طلبا من محركات البحث الرئيسية في العالم.
ماذا حدث لبيرغ في ذلك اليوم؟ كل يوم هو يوم عصيب للقوات الامريكية و"المتعاقدين" في العراق، ولكن كان يوم 10 أبريل أسوأ من غيره. في وقت سابق، قبل أحد عشر يوما، قُتل أربعة متعاقدين أمنيين امريكيين في كمين في الفلوجة وتم تقطيع أوصالهم من قبل حشد من الناس. في وقت سابق، قبل خمسة أيام، أغلقت القوات الامريكية صحيفة القائد الشيعي مقتدى الصدر، مما أدى الى اشعال انتفاضة شيعية. كانت الأمور تخرج عن نطاق السيطرة.
ما هي الفرضية المفتاح ؟
______________
يواصل نيك بوسوم تحليله بالقول : "كل تحقيق يحتاج الى فرضية، ولكن لا يمكن أن نبدأ من فرضية كاملة تغطي كل شيء. سنجعل البداية من خلال محاولة إيجاد تفسير منطقي لحالة شاذة في قلب القضية. في هذه الحالة نبدأ مع الفيديو سيئ السمعة، الذي يفترض أنه صادر عن الإرهابيين الإسلاميين، والذي يبين ذبح نيك بيرغ.
هناك العديد من الأشياء المُحيّرة حول هذا الفيديو، ولكن شيء واحد قفز في وجهي مرة واحدة على الشاشة : كان بيرغ يرتدي بذلة برتقالية اللون من النوع الذي تستخدمه القوات المسلحة الأمريكية للمعتقلين في سجونها. كم هذا غريب ؟. ثم نظرت إلى افتتاحية الفيديو، أول 13 ثانية تعرض رجلاً غير مقيد يجلس بهدوء ويبدأ بالتعريف بنفسه ابتداء من اسمه وتحديد اسم أبيه وأمه وأشقائه ومكان إقامتهم. وجال في ذهني أن هذا كان مجرد فيديو روتيني لـ "سجل المقابلة" لرجل في معتقل في الولايات المتحدة، يعرّف عن نفسه على النحو المطلوب من قبل المحققين!
في الواقع أن الـ 13 ثانية الأولى قد رُكّبت بعناية من جزءين منفصلين من هذا التسجيل، اللذين التقطتا في أوقات مختلفة، الأمر الذي يجعل منها أغرب وأعجب.
لذلك نشرت فرضيّتي على موقع الويب الخاص بي، وخلال أربعة أيام زار الموقع أكثر من 20,000 زائر. ثم طرح "ريتشارد نيفيل" فرضيته المقاربة في صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد".
كنت أعتقد أن مثل هذه الفرضية الجريئة التي تتهم عناصر "رفيعي المستوى في حكومة الولايات المتحدة" بالتورط في مقتل نيك بيرغ، ستثير نفياً ساخطا من قبل السلطات الأمريكية، ولكن لم يكن هناك غير الصمت المدوّي.
أنا افترض ان الثواني الأولى من فيديو الإعدام قد سُجّلت خلال 13 يوماً التي قضاها بيرغ في عهدة القوات الأمريكية بعد أن تم القبض عليه في الموصل كشخص مشبوه (24 مارس - 6 أبريل). وربما كان الفيديو قد أخذ عندما التقط بيرغ من جديد من قبل القوات الأمريكية بعد أن غادر فندقه في 10 ابريل نيسان. ربما كان شريط الفيديو قد سُجّل خلال عمليات الاستجواب التي جرت في ذلك الشهر الضائع قبل أن يُعثر على جثته. وربما توفي "خلال استجواب مكثف" (كما اعتاد الجنود الأمريكيون على القول بعد أن يموت معتقل في التحقيق في سجن أبو غريب).
(وبطبيعة الحال فإنه من الممكن أيضا أن نيك بيرغ قُتل على يد مقاتلي المقاومة، ولكن هذا يعني أنه سيتم العثور على جثته سليمة بسرعة من قبل قوات الولايات المتحدة).
ما الذي يجعل شباب يهودي أمريكي يقع بين أيدي محققين أميركيين؟ حسنا، هناك شيء آخر كان ينهار خلال الأسابيع الماضية في العراق: سطوة المحافظين الجدد.
كان لدى الشاب نيك بيرغ بعض المقرّبين الغريبين. في البداية هناك أخته سارة، وهي محامية تعمل لحساب شركة ويليامز مولن، التي تتخصص في أعمال خرق النقابات وجمع المعلومات الاستخبارية في المناطق المضطربة من العالم. بعد ذلك هناك شريكه العراقي "عزيز الطائي". السيد الطائي هو جزء حقيقي من العمل: مغترب عراقي بارز والمتحدث باسم المجلس الأمريكي العراقي والذي لم يكن له سجل سوابق جنائية مثيرة في الولايات المتحدة فقط (بيع الأقراص المدمجة المزيفة و 100 مليون قارورة تستخدم للكوكايين)، ولكن أيضا تنظيم المظاهرات في الولايات المتحدة تأييداً للحرب على العراق في الأسابيع التي سبقت غزو العراق. يبدو أن نيك قد التقى بالطائي في مؤتمر حول فرص العمل في العراق عُقد في ولاية فرجينيا في ديسمبر كانون الاول عام 2003.
ومن المرجح تماما أن شركاء نيك بيرغ مرتبطون ارتباطا وثيقا بعصابة المحافظين الجدد التي اخترعت قصة أسلحة الدمار الشامل وقادت جورج بوش إلى الحرب: نائب الرئيس ديك تشيني، دونالد رامسفيلد، بول وولفويتز وأحمد الجلبي. النخبة في واشنطن تبحث عن كبش فداء الآن، العصابة طليقة في الخارج منذ فبراير، وقد داهمت القوات الأمريكية مكتب الجلبي واتهموه بتسريب أسرار لإيران.
ومن الممكن أيضا أن نيك بيرغ كان يقوم بجمع القليل من المعلومات الاستخباراتية في العراق، ربما لصالح شركة وليامز مولن (حيث تعمل أخته سارة). ويبدو أن مهمّته، للأسف، قد "أسيء فهمها".
الصورة رقم (1) لقطة من أول 13 ثانية من فيديو الإعدام تظهر بيرغ هادئاً وغير مقيّد يعرّف بنفسه – كما يحصل روتينياً في استجوابات الشرطة أو الاستخبارات الأمريكية.
لماذا رفضت الإدارة الأمريكية استبدال بيرغ بأسرى عراقيين ؟
___________________________________
صحيفة الجارديان قالت إن خاطفين بيرغ عرضوا الإفراج عنه على السلطات الأمريكية مقابل الإفراج عن سجناء عراقيين. ومع ذلك، رفضت السلطات الأمريكية العرض. قبل الذبح، قرأ جلاد بيرغ بيانا من عدة صفحات. ورد فيه :
"وبالنسبة لأمهات وزوجات الجنود الأميركيين، نحن نقول لكم أننا عرضنا على الإدارة الأمريكية تبادل هذه الرهينة مع بعض المعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب ولكن الإدارة رفضت ..."
ومن لحظة رفض سلطات الولايات المتحدة التفكير في عملية تبادل للأسرى، تحدّد مصير بيرغ. وهنا يثور سؤال : لماذا رفض الأمريكان تبادل الأسرى ببيرغ، في حين قاموا بالأمس فقط بالإفراج عن مئات السجناء العراقيين، وكثير منهم لا يزال في البذلة البرتقالية ومنهم من سُجن من دون تهمة، بعد زيارة قام بها وزير الدفاع دونالد رامسفيلد؟ اذا كان هؤلاء الاشخاص يشكلون خطرا أمنيا، فمن المؤكد أنها لن تفرج عنهم، وإذا لم يكونوا يشكاون خطراً أمنياً، لماذا لم توافق السلطات الأمريكية على تبادل الأسرى لحفظ حياة بيرغ وتجنيب البشرية هذه المذبحة الوحشية؟
ومع ذلك، فمن الواضح أن هناك ما هو أكثر في هذه القصة مما تراه العين. لماذا كان بيرغ (يهودي) وحده، وفي حالة سكر (في دولة عربية)، دون حماية و "يعبث" في الموصل؟
حالة بيرغ مهمة جدا لأنها كانت أول حالة لما يشك كثيرون بأنها من العمليات السوداء التي أجرتها وكالات الولايات المتحدة الإستخبارية في العراق. ولأنها وُضعت ونُفّذت ضمن مهلة محدّدة من قبل فريق عديم الخبرة فهي تحتوي على العديد من الزلات التي توفّر الأدله على مصدرها ومن قام بها. ومن المؤكد أن عمليات الولايات المتحدة السوداء قد أصبحت منذ ذلك الحين أكثر تطورا وبالتالي أكثر صعوبة على الكشف.
"بذلة" بيرغ الرتقالية هي نفس بدلات معتقلي أبو غريب وغوانتنامو والسجون الأمريكية
___________________________________________
الملابس التي يرتديها بيرغ في الفيديو وُصفت شعبيا بأنها بذلة، لكن إذا ما أمعنا النظر للفيديو فسنرى أنها تتكوّن من قطعتين، وهو زي السجن الموحد من النوع الشعبي في مختلف السجون في الولايات المتحدة. (الصورة رقم 2).
الصورة رقم (2) – بدلة بيرغ من قطعتين وهي زي المعتقلين في السجون الأمريكية وليست قطعة واحدة كبذلات العمّال.
الكثير من دول العالم، أصبحت واعية لهذا النمط من الملابس لأول مرة عندما كان يشاهد موكب "تيموثي ماكفي" المتهم بتفجير أوكلاهوما سيتي من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي.
النقطة هنا هي أن البدلة البرتقالية الكاملة مُتاحة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم. يتم ارتداؤها عادة من قبل العمال وموظفي الخدمة في حالات الطوارئ. ولكن البدلة البرتقالية المكونة من قطعتين هي الزي الموحد لنزلاء سجون الولايات المتحدة.
الزي الذي كان يرتديه بيرغ في جميع لقطات الفيديو هو هذا الثوب، وإنما هو مميز بالصفات التالية:
(1). قوامه سطح عاكس نوعا ما، و"حريري" بدلا من إن يكون من القطن الخالص. وهو، بالتالي، وعلى الأرجح مصنوع من ألياف اصطناعية إلى حد كبير.
(2). لديه أكمام واسعة طولها يمتد لثلثي الذراع أسفل المرفق (وهذا قد يكون لأن البذلة التي يرتديها بيرغ كانت كبيرة جدا بالنسبة له).
(3). لونها برتقالي، ولكن مع مسحة وردية خفيفة.
ويبدو النصف العلوي من هذه البذلة في واحدة من عدد قليل من صور فضيحة أبو غريب التي عُرضت على الجمهور (الصورة رقم 3). تبين الصورة العريف "سابرينا هارمان" تقوم بخياطة ما يبدو أنه جرح عضّة كلب على ساق سجين عراقي. الرجل عارٍ ومستلقٍ على ظهره ويداه مقيّدتان خلفه. تم طرح النصف العلوي من بدلة السجناء البرتقالية على أعضائه التناسلية. لون هذا الجزء يطابق تماما البذلة التي كان يرتديها بيرغ.
الصورة رقم 3 – اللقطة العليا من سجن أبي غريب حيث تقوم العريف سابرينا هارمان بخياطة جرح في ساق سجين عراقي ألقيت بذلة برتقالية من قطعتين على حوضه. واللقطة السفلى تُظهر بيرغ يرتدي بذلة برتقالية مماثلة ومن قطعتين.
والزي البرتقالي ذو القطعتين ليس ملابس السجن الوحيدة في أبو غريب. عدد آخر من الصور التي نشرت علنا تُظهر سجيناً يهدّده كلب. السجين يرتدي بدلة قطنية برتقالية كاملة. لقد عُرضت أيضا صورة من أسوشيتد برس لسجناء من أبي غريب أفرج عنهم حديثاً. ويظهر سجين يجلس على بذلة برتقالية خلعها توّاً. ويمكن مشاهدة كومة من البذلات البرتقالية في وسط المسافة.
الفيديو هو نتاج مونتاج وتعديلات كثيرة
______________________
"بدأت فرضيتي في العمل من خلال محاولة التوفيق بين الشذوذات الكامنة في اللقطتين الأولى A والثانية B من الفيديو.
وأعيد التأكيد على جوهر فرضيتي بصورة سريعة: اللقطتان A و B هي الوحيدة التي بيرغ فيها على قيد الحياة بشكل لا لبس فيه، وأنا أعتقد أن اللقطتين جُمعتا من تسجيلين لجلسات استجواب بيرغ أثناء وجوده في معتقل الولايات المتحدة في العراق. وربما يكون قد تم تصويره أثناء احتجازه لمدة 13 يوما بعد اعتقاله في الموصل، أو أنه قد يكون بعد اختفائه في 10 ابريل نيسان.
إذا كنتُ على حق، هذه اللقطات هي من بداية جلسات الاستجواب. تحديد الهوية الذاتية من قبل الشخص هو جزء مهم من عملية الاستجواب لأنه يحدّد خط أساس من السهل تحديد ما يسميه المحققون "المؤشرات غير اللفظية". انهم يحدّدون لغة جسد هذا الشخص في الوقت الذي يقول فيه الحقيقة. إذا كانوا يعرفون بالفعل من هو الشخص ومن أين جاء، سوف يعرفون حالاته الجسدية حين يقول الحقيقة وحين ينحرف عنها (عندما يكذب).
وتتميز كل اللقطات بساعة على الشاشة لتعيين الوقت وفق النظام العسكري، وقد أُخذت اللقطات باستخدام حامل (ترايبود) ضُبط ارتفاعه على متر تقريبا. ولأسباب واضحة، سوف يكون دائما هناك عرض على مدار الساعة على الشاشة في أثناء تسجيل الاستجوابات، وسوف يكون ضبط الساعة دائماً وفق نظام توقيت الـ 24 ساعة.
اللقطة الأولى، وسُجلت من الجهة الأمامية اليسرى لبيرغ في 13:26 (1:26 ظهراً) تستمر ثلاث ثوان فقط، وكل ما قاله بيرغ هو اسمه واسم والده. اللقطة الثانية من الإمام مباشرة في 2:18 (02:18 ليلاً) وتستمر 10 ثوانٍ فقط. ذكر فيها بيرغ أسماء أمّه وأشقائه ومكان إقامته. وهناك ميزة في هذه اللقطة هي أن العدسة تقترب وتبتعد كما لو أن المشغّل كان يكيّف الإطار للمشهد.
الإدارة الأمريكية ومؤيدو الحرب من الأطباء قبلوا وبلا تردد صحة الفيديو، لذلك يمكن أن نسمي هذا الموقف السطحي "الرواية الرسمية".
الرواية الرسمية
_________
لذلك يجب أن تكون الرواية الرسمية أنه تم استخدام كاميراتين في وقت واحد لتسجيل تعريف بيرغ بنفسه في وقتٍ ما، قبل مقتله وقطع رأسه. واحدة من تلك الكاميرات (فلنقل كاميرا رقم 2) كانت عليها الساعة التي وُضعت عن غير قصد على التوقيت الخطأ.
في المشاهدة السطحية يبدو أن اللقطتين الأوليين تسجلان نفس المشهد، ولكن من زاوية مختلفة، تبدو اللقطة B تبدأ في لحظة أنتهاء اللقطة A ، قطع مضبوط من كاميرا إلى أخرى.. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا إذا كانتا تسجلان في وقت واحد وكانت النتائج تُفصّل بخبرة عالية.
ومع ذلك، هناك اختلافات بارزة. فعلى الرغم من أن هناك بعض العناصر المشتركة في المشهد: جدار عادي، كرسي من البلاستيك الأبيض، ونفس الرجل في نفس زي السجن البرتقالي، والإضاءة المتماثلة، فإن هناك اختلافات واضحة في التفاصيل (الصورة رقم 4):
الصورة رقم 4 – بُني فيديو بيرغ على خدعة أن مشهد البداية رُكّب من مقطع سُجل عن طريق كاميراتين تسجلان في وقت واحد، ولكن ساعة الشاشة لإحدى الكاميرات كانت تسجل الوقت خطأ. هذا التصوّر ينبغي أن يوضع في الحساب غلأى نهاية الشريط. تفحّص دقيق في اللقطات يُظهر اختلافاً في ثنيات البذلة ذات القطعتين. لاحظ أيضاً أن بيرغ حرّ تماماً وغير مقيّد في هذه اللقطات.
في لقطة A، يسقط كُمّ ثوب بيرغ على مسند ذراع الكرسي بعد النقطة التي يلتقي عندها مسند الذراع بالساق. في لقطة B يتدلى الكّمّ عند نهاية مسند الذراع. وبالمثل، هناك ثنية طويلة متميزة في نسيج بذلته تبدأ من الأعلى من إبطه الأيسر وتنزل بشكل مائل نحو نقطة اتصال الرقبة بالكتف الأيسر. هذا الشيء مفقود بوضوح في اللقطة B. وهناك تفاصيل أخرى في القماش تختلف اختلافا واضحا بين اللقطتين. على هذا الأساس يمكننا القول بشكل قاطع أن اللقطة B لا تتبع على الفور اللقطة A فوراً لأنه سيكون على بيرغ أن يقوم بتعديل وضع جسده على الكرسي بشكل كبير من أجل تغيير وضع بذلته. في الواقع لا يزال هو في وضعه تماما أو ما يقرب من ذلك. ولذلك يمكننا أن نستنتج أن الكاميراتين لم تكونا تسجلا في وقت واحد، كما قد يعتقد المشاهد. من المهم جدا فهم هذه الناحية من الإخراج، لأن المتآمرين يعتقدون ، على افتراض أن هذه التفاصيل لن تكون قد لوحظت، أنه سيتم بناء ما تبقى من الفيديو على فرضية أن اثنين من الكاميرات، تقومان بتسجيل الأحداث نفسها، ولكن مع توقيت خاطئ وُضع على واحدة من الكاميرات واستمر غير مصحح حتى النهاية..
الطاقم والمشهد
________
دعنا الآن نتأمل الفيلم من اللقطة C إلى نهاية اللقطة E (الصورة رقم 4) :
الصورة رقم 5 – هنا أنهى "الزرقاوي" ملاحظاته للبدين وسحب سكينه الكبيرة التي سيستخدمها بعد قليل لحزّ رأس بيرغ. صاحب الكوفية البيضاء إلى يسار الزرقاوي سيكون – وبشكل غريب – بديله في اللحظة النهائية لقطع الرأس ورفعه أمام الكاميرا. بعد ذلك لن يظهر ذو الكوفية البيضاء لابساً سترة الذخيرة (جعبة العتاد) . لاحظ البطّانيات البنّية التي رُتّبت بعناية لتغطية الأرضية. اللقطات اللاحقة ستُظهر وجود ثلاثة أشخاص آخرين على الأقل.
هنا يظهر بيرغ (المفترض أنه مقتول) ومعه "الإرهابيون" الخمسة . ولتسهيل الوصف دعنا نمنح الإرهابيين أسماءً ستكون من اليسار إلى اليمين : ذو الكوفية الحمراء ، ذو الكوفية البيضاء (الرجل الأطول في المجموعة)، الزرقاوي، البدين ، والولد السمين بحذاء التنس الأبيض الذي يستند بصلابة إلى الجدار الذي إلى يساره (ولا نعرف كيف كان لمّاعاً نظيفاً في الصحراء !) ، شخص سادس بالخاكي الداكن أو الزيتوني الفاتح سنشاهده في اللقطة E والذي يختبىء في مكان ما من اللقطة، وكذلك صاحب الكف التي سوف نلمحها في هذه اللقطة، ثم هناك مُشغّل الكاميرا . قد يكون هناك آخرون، لكن الفيديو لا يُظهر دلائل على وجودهم. إذن، نحن نعرف الآن عن وجود 8 "إرهابيين" من اللقطة C إلى نهاية اللقطة F . بعد ذلك هناك لقطتان لذي الكوفية البيضاء، وواحدة مقربة لرأس بيرج وجسده.
استمرارية سيّئة، ومونتاج معقد
__________________
وأنا أزعم أن كل اللقطات ؛من اللقطة C فصاعدا ، تمّ تسجيلها بعد وفاة بيرغ، وأن شريط الفيديو ربما كان يُسجل من كاميرا واحدة. لنضع في اعتبارنا أن مشغّلاً خبيراً يمكنه وبسرعة كبيرة إعادة ضبط الساعة على كاميرا الفيديو. وأود أن أضيف أيضا أنه من الممكن أن بيرغ قد قُتل فعلاً بوسيلة أخرى غير قطع رقبته بعد اللقطة C وقبل اللقطة D ، ولكنني لست مقتنعا بذلك. حركات جسم بيرغ الطفيفة في اللقطة C تبدو الآن وكأنها نتيجة معالجة لاحقة للصور بعد مقتله.
الطلقة الثانية في افتتاحية تسلسل الـ 13 ثانية (كاميرا 2)، تنتهي في 02:18:43. اللقطة التالية (اللقطة C) مأخوذة أيضا بالكاميرا 2 ، وتبدأ في 02:40:33. ليس لدينا أي وسيلة لمعرفة ما اذا كان هذا بعد 22 دقيقة من اللقطة B، أو بعد يوم كامل. وأنا مقتنع بأننا من المفترض أن نعتقد أن اللقطة C تبدأ بعد 22 دقيقة بعد أن يعرّف بيرغ بنفسه.
اللقطة C هي لقطة خطاب "الزرقاوي"، التي فيها يظهر بيرغ بصورة غير طبيعية جالساً بلا حراك على الأرض، ويداه مقيدتان وراء ظهره، و "الإرهابيون" الخمسة بملابسهم السود وبينهم الزرقاوي يصطفون خلفه (غير مهتم وكأنه يصوّر فيلماً !). أنا لن أستعيد هنا مختلف الحالات الشاذة المرتبطة بهذه اللقطة، والتي تستمر لمدة 4 دقائق و3 ثوان وتنتهي ببطح بيرغ على الأرض والزرقاوي يضع السكين على رقبته (ولكن لا يقطعها). الكاميرا 2 ستُستخدم ثانية لمرة واحدة فقط ، وبعد ذلك لـ 4 ثوان فقط.
في اللقطة D ، التي سُجلت من كاميرا 1، يتم قطع رقبة بيرغ، لكن اللقطة تستمر لمدة 5 ثوان فقط وتكون مهتزّة وبعيدة عن التركيز.
اللقطة E (كاميرا 1) تبدأ بنحو 7 ثوان بعد نهاية اللقطة D. وتستمر لمدة 33 ثانية، وتُظهر العملية الشاقة والمرعبة لقطع رأس بيرغ بسكين (حربة) كبيرة. الزرقاوي يمسك بالسكين ويبدو ذو الكوفية البيضاء وهو يحاول تثبيت الضحية.
اللقطة F (كاميرا 1) تبدأ بعد دقيقة كاملة و13 ثانية بعد نهاية اللقطة E، وتدوم لمدة ست ثوان فقط. وهي تعبّر عن قطع ماهر جدا. أولا نشاهدها تلي بسلاسة نظيفة وطبيعية اللقطة E، ولكن عندما تتحرك الكاميرا لا يظهر الزرقاوي الآن، ولكن يظهر ذو الكوفية البيضاء وهو يمسك السكين منتصرا ويرفع الرأس المقطوع أمام الكاميرا. ولم يعد يرتدي سترة الذخيرة الخضراء التي كان يرتديها في اللقطة D قبل 38 ثانية فقط. الوقت الكلي على ساعة الشاشة منذ أن وضع الزرقاوي السكين على رقبة بيرغ هو دقيقتان و 5 ثوانٍ.
اللقطة التالية، وهي اللقطة G، هي اللقطة الأخيرة بالكاميرا 2، مع "التوقيت الخطأ" الذي يستمر عليها. يظهر فيها ذو الكوفية البيضاء واقفاً يعرض رأس بيرغ. وتبدو هذه اللقطة منطقياً وهي تتبع اللقطة F، ولكنها تبدأ في 02:46:18، أي بعد دقيقة واحدة و 41 ثانية فقط بعد وضع الزرقاوي السكين على عنق بيرغ.
بطبيعة الحال، في الوقت الحقيقي، هذا التسلسل مستحيل جداً. إذا كان علينا تصديق سيناريو الكاميراتين - ونحن نعرف من الأدله الداخلية للقطتين A و B أن هذا غير ممكن – لا بُدّ أن تكون اللقطة G قد سُجّلت قبل اللقطة F.
نستنتج من هذا أنه بعد أن تم قطع الرأس، قرّر "المخرج" تسجيل بعض اللقطات الإضافية.
ربما، عند إعادة اللقطات على كاميرا الفيديو، أن حصل ، أنه دون أن يقوم واحد من الجناة برفع الرأس المقطوع منتصرا، يفتقر التسلسل كلّه لذروته. ويمكن بسهولة أن نتصور أنه أُخذت لقطات عديدة لرفع الرأس بعد فصله – في الظاهر – عن الجسم، مع أكثر من لقطة لذي الكوفية البيضاء وهو يرفعه منتصراً.
من الواضح، أنه كان ينبغي تعديل الأوضاع بحيث يقوم الزرقاوي برفع الرأس الذي قطعه قبل قليل. ولكن أين هو؟ لماذا يظهر ذو الكوفية البيضاء بدلاً منه في اللحظة الحاسمة؟ أليست لدى الزرقاوي القدرة على تحمّل انتصاره ؟ هل أوقف التسجيل وعاد إلى مقطورته مكيفة الهواء ليحتسي شراباً قوياً؟ أم أن الإرهابي الدولي المتعطش للدماء كان يتقيّأ في مكان ما في نهاية الممر؟ هل كان ذو الكوفية البيضاء الوحيد القادر على القيام بهذه اللقطة؟ ولماذا خلع سترة ذخيرته (الجعبة) ؟ ام ان الزرقاوي قرّر مبادلة الكوفية البيضاء بغطاء رأسه الأسود (قناعه؟) ؟
من الواضح أن الطاقم تنقصه "فتاة الإستمرارية continuity girl" حسب المصطلح السينمائي (فتاة في طاقم الفيلم مسؤولة عن تسجيل التفاصيل لتجنّب التناقضات في عملية المونتاج).
من الواضح أن تصوير الفيديو (من اللقطة C فصاعدا) هو محاولة من أشخاص هواة. وهذا ليس شيئا سيّئاً (بغض النظر عن أخطاء الاستمرارية) لأنه كان من المفترض أن يبدو التصوير كما لو أنه كان عمل هواة من الإرهابيين، ولكنه بحاجة إلى عقل خلّاق وواضح التفكير لكي يتصور استخدام لقطات الاستجواب لإظهار بيرغ على قيد الحياة، وأن يدرك أن سيناريو الكاميراتين كان لا بد من أن يكون مستمراً من أجل إخفاء أصول تلك المواد. وأخيرا، فقد كانت هناك حاجة إلى عمل مونتاج متخصّص على جهاز كمبيوتر مع مونتاج للفيديو لمعالجة الصور وإعادة ترتيب تسلسل الطلقات، وإزالة الإطارات الزائدة من داخل اللقطات، وريط الحزمة بأكملها معا.
وسوم: العدد 667