أحزاب سياسية تخشى الانتكاسة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة
أحزاب سياسية تخشى الانتكاسة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة وتحاول تبرير فشلها المتوقع باختلاق خصوم لها في المجال الديني والدعوي
من المعلوم أن الوزارة الوصية عن الشأن الديني عندنا ، وبالتنسيق مع الجهات المسؤولة عن السهر على الانتخابات تمنع منعا كليا خطباء الجمعة والوعاظ في المساجد من تناول موضوع الانتخابات تلميحا أو تصريحا ،ومع ذلك تحاول دائما الأحزاب التي تتوقع الفشل في الانتخابات تبرير فشلها عن طريق التشكيك في العاملين في المجال الديني من علماء ودعاة ووعاظ ، واتهامهم بتعبئة الناخبين عن طريق استغلال الدين والمساجد وثقة الناس فيهم من أجل ترجيح كفة هذا الحزب أو ذاك. ومع انطلاق الحملات الانتخابية المحمومة عندنا قبل الأوان كما جرت العادة تندلع حملات اتهام العاملين في المجال الديني بتهمة التأثير في مسار الانتخابات خصوصا مع وجود حزب محسوب على المرجعية الإسلامية والذي سيخوض بدوره الانتخابات المقبلة وهو مستهدف من طرف خصومه السياسيين الذين يرمونه بتهمة استغلال الدين لأغراض سياسية . وبسبب الاحتقان الحزبي السائد قبيل حلول الانتخابات يعتمد المستهدفون للعاملين في المجال الديني أسلوب التأويل المغرض لخطب الجمعة ودروس الوعظ ، مهما يكن موضوعها . فإذا تحدث الخطيب أو الواعظ على سبيل المثال لا الحصر في مواضيع كالفساد والخيانة والرشوة والانحراف ... إلى غير ذلك من الآفات التي من المفروض أن يعالجها منبر الجمعة أو منبر الوعظ قام المتنافسون في الانتخابات بتأويلها من أجل إيهام الرأي العام بأن المنابر الدينية تستغل في الدعاية الحزبية لفائدة حزب على حساب غيره . ولهذا السبب تلجأ الوزارة الوصية عن الشأن الديني عندما يقترب موعد الانتخابات إلى موافاة الخطباء بخطب رسمية تتناول مواضيع كأهمية مادة الملح ، وخطورة داء الكلب ، وأهمية المحافظة على البيئة ...وهلم جرا ، والتي لا يمكن أن تؤول على أنها دعاية انتخابية أو تستغل لهذا الغرض . وإذا كانت بعض الأحزاب تتهم العاملين في المجال الديني بانحيازهم لهذا الحزب أو ذاك، فإنها في المقابل تستبيح المجال الديني في حملاتها الانتخابية قبل الأوان فتستأجر من يلقي محاضرات بالمناسبات الدينية ، ويكثر كرمها وإنفاقها بسخاء على مؤسسات الأيتام وفضاءات المسنين ، ودور القرآن والمساجد ، وتستميل العاملين في المجال الديني بالعطايا والمنح السخية ، وتكثر الولائم الخاصة والعامة التي يستدعى إليها هؤلاء للتبرك بهم وسماع وعظهم وإرشادهم ،وتوظيفهم لتعبئة الناخبين الذي يفقدون الثقة في كل شيء إلا في الدين ومن يخدع بالله ينخدع لثقته بالله عز وجل . وينقسم العاملون في المجال الديني الذين تستميلهم الأحزاب السياسية إلى فئة تخدع ولا تنتبه إلى المكر الحزبي الذي غالبا ما يكون مبطنا ، وفئة ذات مصالح ، وهي على علم بتوظيفها لغرض الدعاية الحزبية ،وذلك عن سبق إصرار وسوء نية وطوية . ومعلوم أن الجو السياسي العام السائد في البلاد العربية بعد ثورات الربيع العربي التي أسقطت بعض الأنظمة الفاسدة ، وراهنت شعوبها على أحزاب ذات مرجعية دينية عبارة عن جو يسوده الحنق على تلك الأحزاب والكيد لها بشتى الطرق والوسائل لصرف الناس عن الثقة فيها ، وهي في الحقيقة ثقة في الدين لا في الذين ينتسبون إليه . وصادفت منافسة الأحزاب ذات المرجعيات الليبرالية والعلمانية واليسارية للأحزاب ذات التوجه الإسلامي هوى لدى الدول الغربية التي تتوجس مما تسميه الإسلام السياسي، وتقصد به تحديدا الأحزاب ذات المرجعية الدينية ، فتكاثف الجميع للحيلولة دون وصول هذه الأحزاب إلى مراكز صنع القرار ، و قد بثت في الوطن العربي عصابات إجرامية مصنوعة مخابراتيا من طرف الغرب لتحقيق هدفين الأول هو تشويه دين الإسلام الذي صار في اعتقاد الشعوب الغربية دين عنف وإرهاب ، والثاني تشويه الأحزاب ذات المرجعية الدينية وإلصاق تهمة التطرف والإرهاب بها لصرف الناس عنها وللتمهيد لغيرها . ولقد بدأ بعض رجال الدين في الخليج العربي يسوقون فتاوى تجرم بعض الأحزاب ذات المرجعية الدينية، وتحملها مسؤولية العنف الأعمى الذي يهدد الوطن العربي من محيطه إلى خليجه. وتجد الأحزاب الليبرالية والعلمانية واليسارية المنافسة للأحزاب ذات المرجعية الدينية ضالتها في فتاوى أولئك المحسوبين على الدين، فتسوقها إعلاميا وتوظفها لصالحها .وخلاصة القول أن الخشية من الانتكاسات في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة هي السبب في دفع بعض الأحزاب السياسية إلى اختلاق تهم ملفقة للعاملين بالمجال الديني عن طريق حملات إعلامية مكشوفة ومثير للسخرية . وهو أمر لا يمكن تمريره على الرأي العام العربي الراشد والذي عبر ولا زال يعبر عن رشده .
وسوم: العدد 676