تنافس أم عداء..ماذا يريد السوري من نظيره السوري في الغربة؟

لاجئون لأوروبا ـ أرشيف 

كثيراً ما يتبادر إلى الذهن سؤال ما الذي يريده السوري من السوري في الغربة؟، وهل بالفعل أن هناك تنافساً فيما بينهم على زعامة المكان الذي يتواجدون به سوية؟، وهل صحيح أنه إذا تواجد سوريان في مكان ما في الغربة، فإنهما يتحدثان على بعضهما أكثر مما يتحدثان مع بعضهما بعضاً؟

وبحسب الصحفي فؤاد عبد العزيز أنه عندما وصل إلى فرنسا قبل نحو أربع سنوات، قال صديقه السوري الذي كان يعيش بفرنسا قبله بعشر سنوات: "إن السوري في أي مكان يحل به، سوف يصبح بعد فترة مختاراً لهذا المكان ومرجعاً بالنسبة لباقي الجاليات العربية والإسلامية".

وحقيقة، إن السوري بحسب عبد العزيز في مقال نشره على موقع "اقتصاد مال وأعمال السوريين"، "ملفت للانتباه أينما حل، وهذا لا يعود إلى ما يجري في بلده،وإن أضاف له ذلك سبباً آخر في شهرته، وإنما يعود إلى سنوات سابقة، بسبب سياسات النظام العدوانية مع الآخرين، والسمعة السيئة التي ورّثها لهم أينما ذهبوا إلى الخارج. وهو ما حمّلهم أعباء جديدة من أجل أن يثبتوا ذاتهم ويستطيعوا الاستمرار في الأماكن التي وصلوا إليها".

ناهيك عن أن من كان يستطيع الوصول إلى أوروبا كانوا أغلبهم من النخب فقط. ويقول عبد العزيز إنه يكفي أنه عندما وصل إلى فرنسا، كانت الفكرة التي يقولها الفرنسيون "إن هناك عشرين ألف طبيب سوري في فرنسا. وكان ذلك كافياً لأن نشعر بالفخر".

ويتابع عبد العزيز في مقاله أنه: "في العام 2013، تم اختياري من بين خمسة صحفيين حول العالم من قبل منظمة مراسلون بلا حدود، للحديث عن حرية الصحافة في بلدي في اليوم العالمي لحرية الصحافة، لاحظ الجميع تأثري الشديد وصعوبة الكلمات وهي تخرج من فمي.فقالت لي يومها المسؤولة عن الملف السوري في مراسلون بلا حدود معتذرة: لم نكن نقصد أن نثير شجونك ونجعلك تتذكر مأساتك. فقلت لها: ليس هذا ما يزعجني،ما أزعجني أنني كنت أتمنى في هذا الموقف أن أتحدث متفاخراً ببلدي وبإنجازاته، لا أن أشنع به، لكن تباً لهذا النظام الحقير".

الجديد في الموضوع اليوم، أن السوريين الذين طرقوا أبواب الدول الأخرى بحثاً عن الأمان والاستقرار، لا تنطبق على أغلبهم الشروط أو الظروف السابقة، وقد لاحظنا أن الحديث عن تميزهم أصبح يدور في أغلبه عن أشياء هامشية، كأن يجد أحدهم مبلغاً من المال ويعيده إلى صاحبه، أو أن يساعد أحدهم أوروبياً مريضاً بنقله إلى المشفى.

بينما على الصعيد الاجتماعي يتنامى الحديث عن عداوة السوريين لبعضهم وعن تلك الحالات التي غدرت بها النساء بأزواجهن وطلبن الطلاق حال وصولهن إلى أوروبا. وأكثر من ذلك، هناك حديث واضح عن أن السوريين على قلتهم، وفي أي مكان يتواجدون فيه بأوروبا، فإن أياً منهم لم يعد يتحدث مع الآخر وهم يكيدون لبعضهم لدى السلطات أو أمام الآخرين.

وهو حديث له أساس من الصحة، ويستطيع أن يلمسه كل من يعيش مغترباً. ومن مساوئ اختلاف الكبار أنه ينعكس على  الصغار ويضعف من تواصلهم مع بعضهم. وهذا التواصل نحن بأمس الحاجة إليه إذا ما أردنا من أولادنا أن يعودوا إلى بلدهم في المستقبل ويساهموا في بنائه.

ويقول عبد العزيز: "كلنا، عندما أتينا إلى أوروبا، أكثر ما أثار دهشتنا هو وضع الجاليات العربية والتي لا يتقن أبناؤها اللغة العربية ويعانون من ضياع هويتهم رغم تواجدهم بأعداد كبيرة هنا. بينما عاش الأرمن بيننا عشرات السنين وحافظوا على لغتهم وهويتهم ومثلهم الأكراد الذين عاشوا بيننا مئات السنين" متسائلاً: "لماذا يفقد العرب لغتهم وهويتهم بدءاً من أول جيل لهم في أوروبا ؟"

هذا ما يجب على السوريين تجنبه إذا ما أرادوا أن يقدموا نموذجاً مميزاً، كعادتهم، عن الآخرين. لكن ضمن الظروف الحالية، فإن مستقبل أطفالنا في أوروبا لن يكون أحسن حالاً من الجزائريين والمغاربة الذين يكافحون اليوم من أجل تعليم أبنائهم اللغة العربية، بعد أن ثبت لهم أن التفريط بهويتهم الثقافية لم يجعلهم مواطنين أوروبيين.بل زاد من تناقضاتهم، وغربتهم.

وسوم: العدد 696