هل يريد الائتلاف مضادات طيران

عبد الله المنصور الشافعي

وجدوى الهجوم على الجربا

عبد الله المنصور الشافعي

ما ضرنا أو نفعنا أن لا يكون الجربا مهيبا وسيما أو مفوها بليغا أو يكون ؟ فإنه وإن كان لهذه الخلال اعتبار في الإمامة والسياسة فإنها لا تقدم ولا تؤخر بالنسبة لأهداف وغايات وخطة عمل الائتلاف فقد كان الخطيب -كما يعتبره البعض- شيخا لسنا مؤثرا رقيقا فما أغنى عنا من شيء بل كان عند السبر والتدبر أعظم فسادا من الجربا وأكثر تضييعا للنهز والفرص (ولا أقرر هذا بناء على النوايا فتلك يحكم فيها الله تعالى) .

فسياسة الائتلاف باتت جلية كالشمس وهي تتلخص في اللهث خلف الحل السياسي لا شيء غيره فضمن هذا الأفق يمكننا فهم حقيقة سياسة ودبلوماسية الائتلاف .

1-الحل السياسي يدل بمضمونه على استكانة وخضوع المعارضة السورية للسياسة الغربية جملة وتفصيلا ولا أدل على ذلك من سياق مواقف المعارضة منذ أول أيامها إلى الآن وهذا يعني بالتبع خلاف عامة مطالب الثوار ونصب العداء لعامتهم عاجلا أم آجلا وليس لجبهة النصرة فحسب فما أن تصنف أمريكا الجبهة الاسلامية كجماعة إرهابية حتى يعاديها الائتلاف حذو النعل بالنعل .

2- الحل السلمي يعني رفض التدخل العسكري الجوي لأن هذا قد يؤدي إلى سقوط النظام ليس مع إرادة الغرب له بل لما قد يترتب معه من عوالق وتبعات لذا فهذا الحل مرفوض ولم يزل مرفوضا من الزمن الأول للمجلس الوطني بالرغم من أنه كان الحل الأمثل وما يزال لسقوط النظام . (وما نسمعه من لغط ولبس حول التدخل البري في كل مناسبة فكذب وتزوير للحقائق بقصد رفض الجوي باسم البري وضمن هذا المنظور فعلى نهج غليون والخطيب قال الجربا بالأمس إننا في سوريا لا نريد دبابات أمريكية تحارب معنا النظام ! فهذا كلام رخيص ربما حمله على التصريح به أحد الساسة الأمريكيين للتسويق للرأي العام الأمريكي) .

3- هذا الحل البخس يعني بالضرورة عدم المطالبة بالتسليح وإن كان ذلك تجوّزا فبقدر ولأجل معلوم حتى يرضخ النظام للقبول بهذا الحل وهذا أمر قد بات في عداد الأمور المعلنة التي لا تحتاج لتحليل أو توضيح ولكن الذي يحتاج للتنبيه والتحذير هو مدى خطورة هذا الحل والتي تحتسب على قدر سعة تصوره وتعدد مجال احتمالاته وتبعا للضرورة ولحجم الخسارة أو الحادثة الملجئة للنظام على الإقبال عليه فهو حل في قالب غير واضح المعالم والغايات الباطنة مما يجعله فضفاضا لدرجة مهولة فهل سيعطى لايران دور أم لا وما حجمه ؟ وهل يبقى قادة الجيش في مناصبهم أم لا ؟ وهلم جرا مما يختلف فيه ولا يختلف عليه والأمر كله ليس للمعارضة الفصل به بل ولا للنظام, وقد تكلم مثلا الخطيب بغرور عن حل للشام مماثل للحل الجنوب أفريقي وهو حل مخل بكل مطالب وأهداف الثورة .

4- الأمر الخطير الذي بدأت تتضح معالمه من خلال زيارة وفد الائتلاف لأمريكا هو أن الائتلاف في الحقيقة يخادعنا عند دعواه المطالبة بالسلاح وبمضادات الطائرات وأن كل ما يطالب به هو نوع من الضغط الدبلوماسي على روسيا أو التهديد الاقتصادي والسياسي لايران, وأستدل على ذلك بدليل وقرينة قاطعة هي وجود ميشيل كيلو ضمن أفراد الوفد وكيلو لا يريد مضادات طيران ولا شيئا فيه بأس الحديد وهذا أوضح من أن يحتاج معه إلى برهان وأما الدليل فإن الناطق باسم الخارجية الأمريكية جهر بالأمس بموقف أمريكا فقال : "لا اتفاقات سرية بشأن التسليح وموقفنا واضح منذ البداية ولن نسلح المعارضة السورية ففي سوريا سلاح كثير يعقد المسألة حيث نعتقد أن لا حل في سوريا إلا عبر التفاوض". أي بالنسبة لأمريكا الحل يُرْجى في نزع السلاح لا في التسليح ! ولم يطالب وفد الائتلاف عقب تصريحاته الخطيرة تلك بعقد مؤتمرا صحفيا ولا تواصل مع الإعلام لبيان حقيقة الأمر رغم ادعاء وفد الائتلاف المعلن أنه توجه لأمريكا لبحث آفاق الحل السياسي والتسليح -أي لخدمة الحل السياسي- ومكافحة الإرهاب! إضافة إلى السعي في الحصول على أسلحة نوعية ودراسة كيفية معاقبة النظام السوري!, فظهر جليا أن الائتلاف سافر إلى أمريكا لبحث آفاق سراب الحل السياسي وكيفية العمل على التخلص من الإرهابيين الذين يرفضون الحل السياسي وأنهم قنعوا بعدم ضرورة التسليح التزاما منهم بما ذكرته في البند الأول فقد علم كل من به بقية من عقل أن تغيير سياسة الغرب -والحال كذلك- لا تكون بغير الانفتاح على الإعلام والرأي العام والتمرد على الإملاء وتوكيل محامين غربيين والاستعانة بأعلام الغرب المناصرين للثورة والإنسانيين ... الخ . أما دعواهم في مقاصد سفرهم أنه أيضا لمعاقبة النظام فلذر الرماد في العيون وتهدئة النفوس فمن يسعى للحوار مع شخص لا يسعى لمعاقبته بل لتألفه أو إلجائه على الحوار ليس إلا, أي إن سلوك ومواقف الائتلاف لم تتغير منذ أيام الخطيب حين رفض بحضرة الرئيس الفرنسي هولاند السلاح وقد كان الرئيس الفرنسي وعد به في حال فوزه بانتخابات الرئاسة الفرنسية وأصر الخطيب على الحل السلمي وبدد الفرصة وهكذا فإن كل ما نسمعه من بعض أعضاء الائتلاف لا يعدو كونه من جنس نفاق وتلبيس برهان غليون أيام مطالباته على الجزيرة والعربية بحماية المدنيين ولكن من غير استخدام القوة أوالتدخل الجوي .(ولا يمنع هذا أن يكون بعض أعضاء الائتلاف يريد السلاح المضاد للطائرات ولكنه مغلوب على أمره وفقا لتسليمه بالبند الأول) .

5- كنت قد توسعت في شرح حقيقة موقف الخطيب والائتلاف وأن معاذ الخطيب يمثل تجار دمشق وفئة يقتصر ضررها على الجانب المادي سيان كانت خسارته واقعة أو محتملة وسميت هؤلاء بالطرف الثالث فلا هم مع الثورة والثوار ولا هم مع النظام ولكنهم يرضون بأي شكل من أشكال الحلول وهاهو المحلل الأمريكي ومسؤول الملف السوري الأسبق في الخارجية الأمريكية "فريد هوف"يصف ائتلاف الجربا بمثل ما وصفت به ائتلاف الخطيب قائلا : "إن رئيس الائتلاف أحمد الجربا يمثل التيار الثالث" -أي لا الثورة ولا النظام وهؤلاء لطالما توسلت للمجلس والائتلاف خاصة أن لا يمثلوهم بل ليترك شأنهم لممثلين لهم يتولونهم ويجهروا بحقيقة مطالبهم حتى يميز أمرهم وينجلي وينقطع الطريق على خونة النظام وعملائهم أن يلعبوا يتمثيل ومطالب الثورة والثوار .

الخلاصة : فالجربا في الحقيقة ماهو إلا دمية بيد من يسير الائتلاف جملة وسيان كان الجربا أو كيلو أو الخطيب أو غيرهم فالنتيجة واحدة فإنه لن يغني عنا وسامة وبلاغة كائن من كان إذا كان سيتكلم بلسان العم سام . فلا تلوموا الجربا ولوموا الائتلاف وسياسة الائتلاف وطالبوا بائتلاف جديد يضع سياسة صريحة ومطالب معلنة تدل عليها الأفعال لا الأقوال وتخرجنا من قيود التبعية للغرب وأصحاب العِقال  فقد أشبعنا غليون والخطيب كلاما ومتى كان في القول المجرد عن الفعل غناء ؟ فالجربا أقل سوءا من غليون والخطيب لأنه لا يغش ولا يغتر به إلا قليل وإن كان الباعث سوء طالع وعي لسان . والله الموفق.