المقاومة انتصرت هذا ما اعترفت به "إسرائيل"

ظلت المقاومة الفلسطينية في الداخل تحتفظ بمنطق مواجهة الشوارع، والمجموعات المسلحة منقطعة الهيكل والتراتب لظروف الميدان، ولطبيعة الاحتلال المتمدد في الأرض الفلسطينية وداخلها.

ووفق ذلك برعت المقاومة في انماط مواجهة لا تعتمد على القتال المباشر، في صورة تختلف جوهريا عما كان في جنوب لبنان والمواجهة على الحدود من خلال الحدودالمحيطة.

ظل هذا النمط قائما وسائدا، لكن يسجل للحركة حماس تطوير أنماط انماطا جديدة في المواجهة منها العمليات الاستشهادية والاختطاف والاشتباكات المسلحة باشكاله المختلفه وحضور الفصائل الفلسطينة المختلفة في هذا الميدان.

هذا الحال ظل ملاصقا لأشكال المقاومة حتى العام 2005 وما قبلها بقليل حين عكفت حركة حماس على بناء منظومة هرمية تشبه الجيش، فتطورت البينة في الأعوام 2007 و2008 حتى وصلت الذروة في العام 2014 من خلال مشاركة التشكيلات العسكرية لكتائب القسام، في الحرب الأخيرة على قطاع غزة في أطول مواجهة خاضتها اسرائيل.

هذه الحرب التي خاضها القسام ومعه فصائل المقاومة ومنها سرايا القدس الفصيل الثاني، تميزت بحضور غير مألوف للمقاومة الفلسطينية، على صعيد الاعداد والتهيئة للميدان، بناء المقاتل، إدارة المعركة، بناء الجندية، التمويه والهجوم، تطويع المناطق المحروقة، بناء منظومة انفاق غير مسبوقة، امتلاك ترسانة من الصواريخ، ومضادات ومواد تفجيرية للاستخدام البري، عدى عن مكنة اعلام ليست مسبوقة.

هذا الحال شكل صدمة للمستوى الأمني والسياسي تسبب في فشل حرب أراد منها الاحتلال وبعض الأطراف العربية والغربية اسقاط المقاومة وإحداث تغييرات جوهرية في حرب غزة.

هذا الحديث قلناه كثيرا، وكان خصوم المقاومة يعتبرونه هرطقة، ورقصا على مشاعر الناس، وكانت الحجة من هذا الفريق، كيف تدعون نصرا ارتقى عبره آلاف الشهداء والجرحى والبيوت المهدمة؟

المناكفة وصلت حد اعتبار وسائل المقاومة عبثية، وعشوائية، وصواريخها وأنفاقها كذبة استطاعت اسرائيل استثمارها لاستمرار سيطرة فصيل على قطاع غزة، بغية استمرار الانقسام وضرب جهود منظمة التحرير في النضال السياسي.

هذا الحديث للاسف كانت نهايته أمس، ليس على يد المنصفين، بل على يد مخرجات تحقيق لجان متخصصة قادها مراقب الدولة الصهيوني، و الذي كتبت 120 صفحة من اخفاقات جيش الاحتلال ودولة الاحتلال في حرب كانت عميقة الأثر على المؤسسات الصهونية المختلفة والتي نلخصها بالآتي:

 أولا: أقر التقرير فشل المنظومة الأمنية الصهونية في متابعة المقاومة وإعدادها، وعجزها عن تأمين أهداف ساخة خلال وقبل المعركة.

ثانيا: فشل المستويات الأمنية في تقدير قوة المقاومة وسلاح الأنفاق الذي كان كارثة الحرب بالنسبة للاحتلال.

ثالثا: كشف التقرير عن فشل مهول في إدارة المؤسسة السياسية للحرب سواء كان ذلك في إدارة المجلس الوزاري المصغر، وحتى في إدارة متطلبات المعركة.

رابعا: حصد المستويين السياسي والعسكري لقب العجز عن بناء منظومة أهداف للحرب مما تسبب في فشل الجيش على الأرض.

خامسا: اقر التقرير فشل القوة البرية والجوية من تدمير انفاق المقاومة الفلسطينية، وأقر أيضا صعوبة المواجهة في قطاع غزة.

سادسا: حمل التقرير المستويات المختلفة في الجيش والحكومة والأمن مستويات من الفشل وصف بعضها بالخطير للغاية.

سابعا: احتفظ التقرير بسرية بعض النتائج المتعلقة بتأثير الصواريخ والعمليات الهجومية على بنية الجبهة الداخلية.

ثامنا: المح التقرير الى فشل البنية العسكرية في تخطي العقبات ساعة المواجهة البرية الأمر الذي كاد يوقع كارثة في أكثر من موطن.

تاسعا: أكد التقرير على متانة قوة المقاومة وجاهزيتها، وتطور بنيتها، وإدارتها للمعركة بشكل لم يتوقعه الاحتلال.

عاشرا: ظلت ملامح قوة المقاومة في قصف المطارات والانزال خلف خطوط العدو ثقيلة في التقرير الأمر الذي طالب التقرير بوضع منهجية حلول للانفاق وغيرها.

يعد تقرير مراقب الدولة اعترافا واضحا لتفوق المقاومة على منظومة الإبادة والقتل، بل هو اعتراف رسمي بهزية، سجلتها المقاومة الفلسطينية في ملفات مختلفة وقاسية.

الهزيمة حتى لا يفهم البعض التهويل، تتعلق باسقاط اهداف العدو، وترسيخ العجز لديه، ومس بنيته الأمنية والعسكرية بشكل واضح وكبير الأمر الذي سيبنى عليه في المواجهة مع الاحتلال.

السؤال الذي بات يطاردنا من الإعلام، هل نحن أمام إمكانية السقوط لحكومة نتنياهو، الاجابة الطبيعة نعم، لكن التغيرات في البنية السياسية في الكيان، تمنع هذا الانهيار بسبب ضعف خصوم نتنياهو، وضعف بنية في اليمين قادرة على زعزعة الليكود.

لكن لا يعني ذلك بأننا أمام عصمة نتنياهو، إذ يشكل هذا الملف وملفات الفساد المختلفة بنية حقيقية قد تعصف بنتياهو في أي لحظة، هذا الأمر بتنا نلمسه في شهية خصوم الأخير للانقضاض عليه.

 خلاصة الأمر: اليوم تستحق المقاومة الحديث عن نفسها من خلال الفعل، ويحق لناطق القسام اعتبار الحرب الأخيرة علامة فارقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية.

كما يحق لأهل غزة التفاخر بنخبة منها قهرت الاحتلال في مواطن كبيرة، لذلك تذكر غزة ومقاومتها، عبر السنة الاعلام الصهوني والمراقبين الذي اجمعوا على أن تقرير مراقب الدولة جاء ثقيلا على كافة المؤسسات، برغم تجاوزه لقضايا كثيرة كان بامكانها أن تمس مستويات واسماء كبيرة، ليظل ما خفي من التقرير أعمق وأشد أثرا.

وسوم: العدد 710