النزوح والتهجير !!

الشيخ حسن عبد الحميد

النزوح والتهجير وجهان لعملة الدكتاتورية والاستبداد !

النزوح اضطراري والتهجير اجباري ! 

النزوح لفقدان الأمن وفرار من الرعب والموت ! ومجرم كل من روّع مسلما أو ذميا .

الأمن نعمة من الله لعباده ، من تسبب في نفيه أو خنقه ليس عربيا ولا مسلما ولا شريفا . 

أما التهجير فله في الفقه تفسير ، وله في السياسة والحكم تعبير ! 

هو باختصار إجبار إنسان بالقوة على ترك الديار والأوطان ؟ 

تراب الوطن مقدس  رائحته عطر ، والتنفس في اجوائه زهر .

عندي دار قصفت ودمرت وهي الآن ركام ؟ من ساومني على شراء حجارتها بما يملىء الأرض ذهبا مابعتها ! 

أنا أحي العَلمَ وهو قماش لأنه رمز الوطن  . 

التهجير بقوة السلاح من أرض لأرض لا يفعله إلا خائن ومجرم  ؟ 

تقول : ما الفرق بين الوعر وجرابلس ! كله وطن !

ترنم معي بقول القائل : 

سلام عليك أرض أجدادي ففيك طاب المقام وطاب انشادي 

العربي الأصيل صاحب الشرف والكرامة كان يقاتل دون خيمته ، ويبكي الدمن ، ويشم هواء قادما من وطنه وكأنه يقول : 

ألا ياصبا نجد متى هجت من نجد ، لقد زادني مسراك وجدا على وجد 

ومجنون ليلى يقول : 

أمر على الديار ديار سلمى   

    أقبل ذا الجدار وذا الجدارا 

وماحب الديار شغفن قلبي   

     ولكن حب من سكن الديارا ! 

إن حمص مدينة خالد بن الوليد رضي الله عنه ترابها مجبول بدماء الشهداء ، وأحد شبابها واسمه مصطفى السباعي هز منابر حمص وهو يهتف تسقط فرنسا ، حمص بلد الشيخ محمد علي مشعل يهجر ابناؤها ؟

إن الإبعاد من الوطن كقتل النفس ، يقول تعالى : 

( ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو أخرجوا من دياركم مافعلوه إلا قليل منهم ) ٦٦ النساء

الإخراج من الديار وتعبيره العصري تهجير ديمغرافي جريمة قتل بشعة لايفعلها إنسان حر شريف ؟

إن سائق الباص آثم لأنه شارك في الجريمة فحمل المهجرين شعاره بدنا نعيش ؟

التهجير جريمة ! أي والله جريمة .

أول ماطرق سمعنا من أغاني الصبا : ( حبيي طير من بغداد شايل عشو في تمو )

الطيور المهاجرة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وتقطع الالاف الكيلو مترات تعود بعد فترة إلى مسقط الرأس 

أبعد شاعر عن وطنه ثم عاد فقال : 

ياوطني لقيتك بعد يأس   

        كأني قد لقيت بك الشبابا 

الوطن هو الذكريات بكل مافيها من فرح وترح ، الوطن هو الطفولة بكل براءتها وطهرها ، الوطن هو الأهل والأصدقاء .

وسلام من صبا بردى أرق  

        ودمع لا يكفكف يادمشق 

وللحرية الحمراء باب  

         بكل يد مضرجة يدق 

التهجير من الوطن جريمة ، ولو من حمص إلى جرابلس ؟ 

أليس في نشيدنا : عرين العروبة بيت حرام ؟ 

وحمص في سوريا هي عرين العروبة ، هي مدينة خالد بن الوليد في الماضي ، ومدينة هاشم الأتاسي في الحاضر ، ومنها رئيس سوريا نور الدين الأتاسي ١٩٦٦ - ١٩٧٠ غدر به زملاؤه العلمانيون ، دخل السجن بصيرا وخرج ضريرا 

أيها الوطن إنك عزيز حتى على الحيوان ، أبعدت قطة عن داري لمسافة ٤٠ كم فبعد ساعات رأيتها على الباب تموء ، أدخلتها لأني تذكرت أن عظيمنا عليه الصلاة والسلام كان يصغي الاناء للهرة لتشرب صلى عليه الله 

وتعسا لحماة الديار يطردون أهل حي الوعر من عرين العروبة والإسلام ؟ ماهكذا تورد الابل ياسعد ؟ 

ويامن وصلتم إلى الباب وجرابلس صبرا فإن موعدكم الصبح ، أليس الصبح بقريب ، وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين  .

النزوح عن حي يشيب الصغير ، فكيف بنزوح عن مدينة كالموصل وحمص ، إنه يبكي الحليم ، ويدمع قلب المعمر 

سلام عليك ياحي الوعر ! 

النساء يزغردن لانتهاء الحصار الدامي من جيرانهم في العروبة ! ياللعار 

يا أهالي الباب ، يا أهالي جرابلس استقبلوا اخوانكم من اهل حمص ، امسحوا دموع الأطفال ، وهدءوا روع الشيوخ ، وكونوا رجالا يقتسمون الرغيف ولقمة العيش .

 إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع 

اللهم إنا نعوذ بك من الهّم والحزن ، ونعوذ بك من العجز والكسل ، ونعوذ بك من غلبة الدّين وقهر الرجال  .

حسبنا الله ونعم الوكيل 

وفرجك باقدير

وسوم: العدد 714