إلى غزة يا أبا مازن.. قبل فوات الأوان ...!!
د.م. احمد محيسن ـ برلين
أهلنا ..أحبتنا .. إخوتنا.. في الأسر خلف القضبان.. على جوانب سور الفصل العنصري في الضفة المحتلة.. في القدس التي تهود.. في مخيمات العذابات والتشرد.. شعبنا تحت الإحتلال.. أهلي وأحبتي في غزة العزة.. أكبر سجن هوائي عرفه التاريخ.. فلسطيننا.. غزة العزة.. قصة عشقي وحبي وشوقي.. قلوبنا هي التي تشهد على حبكم وشوقنا إليكم...!!
إن ما يجري في فلسطين من أحداث دامية مؤلمة.. يصعب على الإنسان السوي أن يعيد صياغة وترجمة مدى ألمها بكلمات.. فهي حرب مستعرة تستنزف أمتنا...!!
فقد فاق حجم الألم إمكانية التعبير عنه بكلمات.. فالضفة المحتلة تئن من غطرسة وظلم وجبروت الإحتلال المتلون.. الذي يتففن ويمعن في كيل الإهانات لشعبنا ومصادرة حقوقه بكل تفاصيلها.. من إبعاد واعتقال ومصادرة للأرض وتهويد للقدس وسور فصل عنصري يفصل بين الأشقاء وهدم للبيوت وممارسة سياسة التجهيل لشعبنا واغتيال لأهلنا وبناء المستعمرات والتوسع في الإستيطان.. وشراء لذمم البعض من أبناء شعبنا.. وصناعة الفلسطيني الجديد.. فهم لم يغتصبوا الأرض فقط.. بل احتلوا واغتصبوا المصطلحات والمفردات اللغوية والتراث العربي الفلسطيني...!!
احتلال لم تشهد البشرية لمثله مثيلا.. وهم يقنعون العالم بالسلام المزعوم ..ويجرونا على مدى ثلاث وعشرون عاما في سلسلة مما يسمونه بالمفاوضات من اجل الوصول إلى سلام عادل.. دون أن نستطيع فهم عدالته التي يتحدثون عنها.. ويأخذوننا من مفاوضات إلى أخرى.. حتى أصبحنا نرردد بأن الحياة مفاوضات...!!
ثلاث وعشرون عاما والإحتلال يتملص أمام المجتمع الدولي من دفع الإستحقاقات.. ولا يلتزم باتفاقيات.. ويخرجونا أمام العالم مدانين.. ويعملون على تشويه صورتنا في العالم.. وكأن الشعب العربي الفلسطيني هو الذي احتل واغتصب أرض " إسرائيل" .. وليس الكيان الصهيوني الغاشم.. هو من احتل أرض وعروبة فلسطين وهجر أهلها وشتتهم...!!
أما في غزة العزة.. فعن معاناة الأهل فيها حدث ولا حرج.. حيث هدمت الأنفاق التي شكلت شريان الحياة لمليونين من البشر.. هدمت فوق رؤوس الأحياء البشرية.. وبيوت دمرت جراء عدوان جيش الإحتلال.. وأهلها يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.. في خيم ممزقة .. ولا سبل لإعادة إعمارها جراء الحصار الظالم المضروب على القطاع منذ سبع سنوات.. أما بقية العناصر الضرورية لاستمرار الحياة الكريمة وليست الكماليات .. فلا نستطيع حصرها.. ل،ه معظمها غير متاح ومتوفر.. والعالم يصمت أمام هذا الظلم صمت القبور.. وما زال الحصار مزدوجا... !!
ناهيك عن الشأن الفلسطيني الداخلي في جناحي الوطن.. تفكك وتشرذم وفتن تصنع خصيصا في مصانع الإحتلال وأعوانه.. من أجل تأجيج الخلافات بين الأشقاء كلما اقتربوا من الوصول إلى تفاهمات.. أي إلى ما هو طبيعي ومهم وضروري بين أبناء الشعب الواحد الذي يرزح تحت نير الإحتلال.. فوحدتهم فرض عين وأساسية في الوقوف صفا واحدا في التصدي للإحتلال ...!!
أخبار تتوارد من الوطن .. على اختلاف مشاربها وتعددها.. منها ما كان يشكل لنا إحباطا وتقهقرا وفقدان للأمل.. ويدمع أعيننا ويدمي قلوبنا.. ومنها ما كان يثلج صدورنا.. كما حصل في الأيام الأخيرة الماضية من تقارب بين الأشقاء لإنهاء حالة الفرقة والتشظي والإنقسام.. وبعث في نفوسنا الفرحة والغبطة والسرور.. رغم تربص من يطلق القاذورات ممن تضررت مصالحهم من خلال التقارب بين الأشقاء.. ويسمون أنفسهم أسماء فلكية ضخمة.. وأصواتهم مترامية الأطراف .. وهم في الحقيقة ليسوا أكثر من أفاعي مرقطة.. تبث سمومها في الجسد الفلسطيني.. يرسلونها من محطاتهم المختلفة ضد أي انجاز فلسطيني أو لقاء لأبناء شعبنا حتى لو كان محدودا.. ومحطاتهم مدفوعة الأجر بكل حال من الأحوال.. وشعبنا يرصدهم ويتابعهم .. وهم لن يمروا بإذن الله...!!
كلنا يتابع ويرصد ويراقب إلى أين تسير الأمور في قطاع غزة المحاصر.. وكذلك في الضفة المحتلة.. فهذه الضفة وتحديات وظلم الإحتلال وممارساته اليومية .. وهذا القطاع المحاصر حصارا مزدوجا .. وهذه المصالحة المرتقبة التي انطلقت في تحد واضح لإثبات جديته ومصداقيته ممن جلسوا يخطون معالم طريقه في جلسات متكررة ومتعددة.. ولأننا لدغنا بحرارة الفشل عدة مرات.. بقي لنا أن لا نصدق جدية ما يقومون به حتى نلمس ترجمته الحقيقية على الأرض.. ونرى الوحدة الحقيقية حول برنامج مقاومة الإحتلال.. لكي نرى بعد ذلك أبناء شعبنا يخرجون بقدهم وقديدهم يباركون الوحدة التي طال انتظارها...!!
اليوم.. وفي تنصل واضح من الإحتلال حول دفع استحقاقاته من خلال مفاوضات استمرت أكثر من عقدين من الزمن.. وهي اطول مفاوضات عرفها التاريخ ولم تفضي إلا لنتيجة واحدة .. وهي مزيد من كيل الظلم لشعبنا وأرضنا ومقدساتنا وتراثنا وعروبتنا .. وهنا نقف أمام مفترق طرق .. إما تحقيق الوحدة والتصدي مجتمعين للإحتلال .. وإما ضياع قضيتنا .. قضية فلسطين وقضية الأمة والمسلمين.. ولا نكتشف المياه الساخنة من جديد عندما نقول بأن النزاعات والفتن والتشرذم والفرقة هو ضعف للأمة وهدر لطاقاتها وضياع لمستقبل أبناءها...!!
ونردد ما قاله الشهيد القائد أبو عمار.. عندما قال: إصحوا...!!
إصحوا يا قادة الفريقين .. رؤوس شعبنا من كل الألوان هي المطلوبة.. والإحتلال يريد إنهاء الجميع .. فأنجزوا الوحدة الحقيقية .. فهذه أوروبا التي لا تجمعها إلا الجغرافيا نراها وهي تتوحد...!!
لنتوحد .. ولنقرع طبول النصر بوحدتنا .. سيما وأننا نختلف عن أوروبا التي توحدت بعد أن خاضت الحروب الدموية فيما بينها.. فلا أعراق ولا لغات ولا منابت متعددة ومختلفة تفرقنا...!!
نحن الأشقاء.. نحن الأخوة وأصحاب القضية الواحدة العادلة.. وعدونا واحد ومعروف في اغتصابه لحقوقنا...!!
وللرئيس الفلسطيني أبو مازن .. تستطيع الآن أن تسطر في صفحات التاريخ أروع سطور الوحدة الحقيقية.. وتدير وجهك لجناحي الوطن.. وتطلق المفاوضات العبثية القائمة إلى غير رجعة.. فالتحرير طريقه واضح...!!
أدر ظهرك لهذا الإحتلال .. وتمسك بوحدة شعبك.. ونحذرك من ممن تضررت مصالحهم من الوحدة.. الحيطة والحذر من الفيروسات.. فهم يكشرون عن أنيابهم .. ولا نستبعد عند البدء بتجسيد الوحدة على الأرض من أن تمتد أياديهم.. فإمكانياتهم لا نستهين بها.. ونذكر بما حذر منه الشهيد القائد أبو عمار وهو يشعر بالخطر الذي كان يقترب منه لحظة بلحظة.. إلى أن نالوا منه ...!!
نعتقد أن شعبك في غزة هو وحده القادر على حمايتك في الوقت الراهن .. ونستند لذلك في مقارنة بوضع الشهيد الراحل .. وكان بوسعه أن يفعله أبو عمار قبل استشهاده والنيل منه .. فلو كان بين أهله في قطاع غزة.. لما استطاعت يد الغدر من أن تمتد له.. ولكنها مشيئة الله ...!!
على قيادة شعبنا أن تصحو من غفلتها قبل أن فوات الآوان.. ونستيقظ ذات يوم على احتلال تتعدى حدوده الفرات والنيل..!!
كن رئيسا لكل الشعب الفلسطيني يا أبا مازن .. وترجمه على الأرض .. وكن لكل الفتحاويين.. وليس لفئة محدودة كما هو الحال ...!!