لا عودة لوفد (م ت ف) إلا بالمصالحة ..
د.هاني العقاد
يشهد الأسبوع الحالي حالة حراك سياسي داخلي فلسطيني لم يسبق وان شهدته الساحة الفلسطينية منذ سنوات سعيا نحو استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وطي صفحة الانقسام إلى الآبد , ومع طي صفحة الانقسام هذه تبدأ مرحلة جديدة في البناء الوطني ومرحلة جديدة في قيادة الشعب الفلسطيني, لعل الانقسام اليوم أصبح في مرحلته الأخيرة قبل أن يُشيع إلى الأبد وقبل أن يقول الشعب الفلسطيني كلمة النعي للمرحلة الماضية التي تعتبر مرحلة سوداء بكل تفاصيلها , ومن خلال حالة الحراك التي تشهدها الساحة الفلسطينية والأداء السياسي على مسرح الوحدة فإن وفد منظمة التحرير الفلسطينية القادم إلى غزة مكلف رسميا بإنهاء الانقسام بأي ثمن وإعادة حالة الوفاق الوطني إلى حالتها الطبيعية , ليس هذا فقط وإنما إتمام تشكيل جبهة فلسطينية سياسية عريضة تقود العمل السياسي في المرحلة المستقبلية وخاصة أن الوجود الفلسطيني بمجملة أصبح مهددا بعد فشل المفاوضات وحالة العقاب التي تفرضها إسرائيل على السلطة الفلسطينية مما سيؤدي بالطبع إلى حل السلطة بالكامل وتولى إطار منظمة التحرير الفلسطينية المستحدث إدارة مناطق الوجود الفلسطيني ومتابعة النضال الشعبي والسياسي بتوازي لنيل حق تقرير المصير وكنس الاحتلال من الأرض الفلسطينية بما فيها القدس عاصمة المقدسات الإسلامية .
سبق وصول وفد الرئيس للمصالحة لغزة محادثات هامة جدا على مستويين مختلفين الأول كانت بين الرئيس أبو مازن و السيد خالد مشعل أبو خالد لمحاولة إيجاد أرضية حقيقية لتنفيذ ما تم الاتفاق علية بالقاهرة والدوحة ودفع مسيرة المصالحة إلى التنفيذ الفعلي وهذا قد حدث وجاء بنتائج ايجابية بتسمية وفد المصالحة من الأمناء العاميين لفضائل منظمة التحرير الفلسطينية وليس حركة فتح وحدها وفي المقابل جاء إعلان حركة حماس استعدادها التام لاستقبال الوفد في غزة والبدء بتطبيقات بنود الاتفاقات التي وقعت بين الطرفين , والحوار الثاني كان في القاهرة برعاية مصرية مع عزام الأحمد وأبو مرزوق سعيا لوضع التصور السريع لتطبيق المصالحة والبدء بإجراءات الشراكة السياسية والإدارية دون تأجيل وهذا أفضي إلى تكليف الأخ أبو مرزوق بالوصول إلى غزة لتسهيل مهمة تنفيذ إجراءات المصالحة وخاصة انه الموقع على اتفاق القاهرة 2011 وهذا يشير إلى أن القاهرة اليوم قدمت الدعم اللازم لإعادة الصف الوطني الفلسطيني موحدا وقويا ليواجه حالة الابتزاز والصف الإسرائيلي ويقف هذا الصف عند مسؤولياته التاريخية والنضالية من داخل إطار منظمة التحرير الفلسطينية دبلوماسيا عبر الانضمام لمزيد من منظمات ومؤسسات الأمم المتحدة وحشد كافة طاقات المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال عبر الشرائع الدولية , وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
لعل مهمة الوفد تخطت قصص الحوارات والمناقشات الفارغة وانصبت المهمة في ملفات هامة وهو الاتفاق على زمن محدد للانتخابات وإطلاق مساعي الرئيس أبو مازن بتشكيل حكومة الكفاءات الوطنية باعتباره رئيس هذه الحكومة و تحديد الوقت المطلوب بلا تأخير لانجاز هذه الحكومة لتتولى انجاز باقي الملفات , واعتقد أن الوفد سيكون لدية مهمة إجرائية أيضا وهو إطار منظمة التحرير الفلسطينية على اعتبار أن تمثيل حركة حماس قد تم التوافق علية في اللجنة التنفيذية وتبقي المجلس المركزي وباقي هياكل المنظمة , والملف الأخر والهام هو ملف الأجهزة الأمنية المشتركة التي ستتولى إدارة الأمن الداخلي في الضفة والقطاع , ولا اعتقد أن هذه هي الملفات التي سيتم بحثها والوصول إلى انطلاقات لبدء تنفيذها فقط لكن هناك المجلس المركزي الفلسطيني ومشاركة حماس وكل الفصائل الفلسطينية فيه والملفات التي سيتخذ هذا المجلس قرارا فيها وأهمها ما هو مطروح الآن إعلان دولة بالمنفي وحل السلطة الفلسطينية وأي روابط بينها وبين إسرائيل وبالتالي تحميل إسرائيل تبعات تعنتها في الملف التفاوضي وتبعات ممارستها للاحتلال وموبقاته وأهمها الاستيطان الصهيوني في القدس والضفة الغربية ومحاولة إسرائيل فرض خارطة آمر واقع يجبر الفلسطينيين على قبولها ,وبالتالي يجعل الدولة الفلسطينية مستحيلة التواصل ومستحيلة الوجود .
لم يعد بمقدور وفد المصالحة أن يصل إلى غزة ويتحاور حول البدء في تنفيذ إجراءات تطبيق بنود اتفاق القاهرة 2011 وإعلان الدوحة فبراير 2012 ويعود دون إجراءات تنفذ أو دون تقدم عل الأرض تبشر بطي صفحة الانقسام إلى الأبد , ولم يعد أمام حركة حماس مساحة لان تراوغ أو تتنصل من استحقاقات إعادة الصف الوطني بالكامل لطبيعته الوطنية ,ولم يعد مقبولا على المستوي الداخلي داخل حركتي فتح و حماس بقاء الانقسام لشعور قيادة وعناصر الحركتين أن الانقسام يخدم المشروع الإسرائيلي في النيل من الأرض الفلسطينية وفي مقدمتها القدس العاصمة , لذا بات مهما أن لا يعود الوفد إلى حيث أتى خالي الوفاض دون بشري للشعب الفلسطيني تكبر معها ما تبقي من كميات الأمل في قيادة هذه الأمة والوقوف عند طموحات هذا الشعب العظيم , وبات مهما أن يراقب الشعب الفلسطيني كل ما سيجري داخل أروقة المصالحة الفلسطينية الداخلية لقول كلمته والخروج و إغلاق الطرق أمام عودة الوفد دون نتائج ايجابية تعيد الأمل المفقود منذ زمن في إمكانية التصالح وأمكانة استعادة كافة أشكال الوحدة الوطنية وعلى جميع الصُعد وعلى رأسها إطار منظمة التحرير الفلسطينية بما يمكن الفلسطينيين من مواجه الهجمة الصهيونية ووقف حالة التفرد الإسرائيلي بفصائل النضال الفلسطيني وعملها داخل و خارج الأرض الفلسطينية , وتستطيع هذه القيادة التقدم نحو تحرير المقدسات والأرض و دحر الاحتلال وتفكيك الاستيطان من خلال اعتماد إستراتيجية نضالية تقود العمل الدبلوماسي والعمل النضالي الوطني تقرها كافة اطر منظمة التحرير الفلسطينية و يلتزم بها الكل الفلسطيني.