حكايتي مع د. محسن

في العام الجامعي 2002/ 2003م، كنتُ أستاذًا في كلية العلوم و الآداب في خولان/ جامعة صنعاء، إلى جانب ثُلَّة من الأساتذة العرقيين و السوريين، و كان من بينهم د. محسن.

 و كعادة زملاء في العمل، كنّا في أوقات الفسحة نخوض في أحاديث الماضي و الحاضر، فحدثنا د. محسن عن عمله في مركز دراسات الخليج في البصرة برئاسة د. مصطفى النجار، الذي كان شرط القبول للعمل فيه، كباقي مرافق الدولة الحساسة، الانتساب إلى حزب البعث، و كان ذائعًا في محيط البصرة أنّ السلوك الشخصي لمنتسبيه يشوبه كثيرٌ من اللغط، ولاسيّما في العلاقات مع الجنس الآخر، حيث زكمت رائحتُه الأنوف، على حدّ قوله؛ الأمرُ جعل المركز موضع نقد من كثير من الشخصيات و الهيئات في البصرة، وصولاً إلى بغداد.

و بالطبع كعادة العراقيين كان د. محسن يرتدي البدلة ( الطقم )، و لا ينزع ربطة العنق عن رقبته، صيفًا أو شتاءً، في أثناء الدوام، و حتى أصبح الأمر عادة له حيثما رُئيَ، و يواظب على حلق لحيته، و تخضيب شعره بالسواد، و قد أعطاه الله بسطة في الجسم.

و في أثناء ذلك حدث الغزو الأمريكي للعراق، و سقطت بغداد في شهر آذار: 2003، فأخذنا نلحظ تغيّرًا في نمط سلوك د. محسن، و تبدّلاً في مفردات حديثه؛ فنزع ربطة العنق ابتداءً، ثم أخذ يميل إلى لبس القميص الأسود " الشيعة يفضلون السواد "، و أصبحنا نراه في خارج الدوام يلبس الدشداشة " الجلابية "، ثم لم تعُد السبحة السوداء " 101، الشيعة يخالفون بعددها سبحة السُّنة ذات 99 حبة " تفارق يده.

و لما بدأت عمليات المقاومة للوجود الأمريكي تتصاعد، أُشيع عن وجود سرايا تابعة لمقتدى الصدر تشارك في ذلك.

و في ذات يوم رغبتُ في أن أتجاذب معه أطراف الحديث، كعادتنا فيما مضىى، فذكرت له طرفة، انتشرت عن الرئيس الأمريكي  " بوش الابن " و قصته مع المقاومة العراقية، مفادها:

ـ ذهب بوش الابن إلى سلفه كلنتون، يشكو إليه هذه الورطة في العراق.

ـ فقال له كلينتون: جرِّب " وَصْفَتي " مع هؤلاء العراقيين.

ـ قال له بوش: و كيف ذلك؟

ـ ردّ عليه كلينتون: اِفعل معهم كما فعلْتُ مع " مونيكا "، اِمسكْ " الصدر "، و يصبح بعدها كلُّ شيء مِلْكَ يديك؟

فانتفض صاحبُنا د. محسن، و انتفخَتْ أوداجُه، و قال: لا أسمحْ لك أن تُهين السيد " مقتدى " بهذا الشكل.

فقلتُ له: و ما صلتُك به، صحيح أنّك شيعيّ، و لكنّك رجلٌ بعثيٌّ، و قد خبرنا ماضيك في مركز دراسات الخليج.

فقال: يا أخي أنا من أتباعه، على الرغم من كل ذلك، و كنتُ أحضر دروس الفقه سرًّا لدى أنصاره، و يشهد لي بذلك فلانٌ و فلان من الأسياد المعمَّمين.

فاعتذرت إليه، و طلبتُ منه المسامحة؛ عن الإساءة للسيد مقتدى، قدس اللهُ سرَّه.

وسوم: العدد 735