يا غوطة العزّ عزٌّ عندكِ الخطرُ = ما دامَ فيه لدين العزّةِ الظفرُ
سلكتِ نهجًا لنيلِ العزِّ واثقةً = أن أنتِ أنتِ على أعدائنا قدرُ
غزتكِ أشرسُ ما في الأرضِ من أُممٍ = شدَّت بما هو لا يُبقي ولا يذرُ
فوقَ الأساطيرِ، فوقَ الحصرِ ما حشدوا = وكفرهُم فاقَ من في الدّهرِ قد كفروا
أيُّ السّلاحينِ أمضى: نارُ أسلحةٍ؟ = أمِ الحقودُ التي في نارها اشتهروا!
حقدُ الصّليبيّةِ الحمقاءِ في دمهم = يغلي، وما لطَّفت نيرانَه العصرُ
وقبلُ ستٌّ عِجافٌ قد صبرْتِ لها = حتى لتحسبَ فيها النّاس قد عُصروا
ما ضرَّ بأس بنِيكِ الغُرِّ ما زعموا = أن ليسَ منكِ سيبقى قائمًا أثرُ
ولم يُرعِ بطشهُمُ طفلًا، ولا امرأةً = ولا شيوخًا ضِعافًا آدها الكِبَرُ
وامتدَّ يومٌ بهِ قد أمَّلوا ظفَرًا = إلى أسابيعَ فيها رهبةً ذُعروا
لم ينقطِع لحظةً ما صُبَّ من حمَمٍ = وغدرهُم فاقَ من في الدّهرِ قد غَدروا
وإنّ أوهى سلاحٍ فيهِ قد فتكوا = تكادُ منهُ جبالُ الأرضِ تنصَهرُ
وأنتِ صابرةٌ، باللهِ واثقةٌ = أنَّ اليقين بربِّ العرشِ مُنتصرُ
والحاكمونَ وأدنى الأهلِ ما فعلوا = غيرَ التّشفي، وعنكِ القومُ قد شخروا
وإن تمطوْا وخافوا لومَ من عتبوا = لم يُخفِ خزيَتهم ما خلفهُ استتروا
وأنتِ أنتِ على الغازينَ صابرةٌ = وحسبُ بأسكِ أن طارت بهِ السِّيرُ
ولا تراخت، ولا كلّت لديكِ يَدٌ = وكم تحسُّ بها أعداءها أُسِروا!
أهلوكِ أهلوكِ كلٌّ بأسهُ عجبٌ = وفوقَ كلِّ كبيرٍ كلُّهم كَبُروا
شُكرًا لربِّكِ إذ سوَّاكِ مؤمنةً = يا غوطةً يستحي من أهلها الخطرُ
أمامها يتمشّى، وهيَ تتبعُهُ = ولم يُكذِّب لها عن دحرهِم خبرُ
ماتَ المماتُ بأحرارٍ بها صبروا = على الجحيمِ الذي كالرّيحِ ينتشرُ
صَبرٌ هوَ العزُّ للدّنيا يُعلِّمُها = أنَّ الخلودَ لمن في البأسِ قد صبروا
وزادَ قدركِ أعوامٌ حُصرتِ بها = والخزيُ أصبحَ مقرونًا بِمَن حَصروا
بدرانِ للعزِّ ، بدرٌ للرّسولِ مَضتْ = واليومَ بدركِ منهُ تُستقى العِبرُ
إن لم تكوني جنيتِ العزَّ عاجلةً = ففي غدٍ سوفَ يحلو الظّلُّ، والثّمرُ
فما استُلنتِ، وحسبُ العِزِّ مفخرةً = أنّ اصطباركِ قد عزّت بهِ البشرُ
فنصرُكِ الحقُّ عندَ الله مدَّخرٌ = وأعظمُ النّصرِ ما الرّحمنُ يدَّخرُ
هذا هُو النّصرُ مهما غامتِ الصورُ = وإن أشاعوا ضلالًا أنهم نُصروا