وربيعٌ ثالثٌ جاء ...
أم الشهداء
صغيرٌ يتحدث ....
تفتحتْ عينايَ البريئتان على مشاهد الخراب .. وتراكم الأحجار ....
ذهبتُ لأسأل .. أهذهِ هي الديار؟! .. ..
وإذا الجوابُ يلوحُ بي
قاذفاً نعومتي خلفَ الجدار .....
صوتُ الرصاص يَؤزُ في مسامعي,
ومدفعيةٌ لاتعرف القرار ..
أبي ... أمي .. عرفتُ أن الربيعَ إخضرار !!
وتنوعٌ للوردِ والأزهار !! ..
وطفولتي تلهو على الأشجار, تُناغِم في تغريدها الأطيار ..
مالي أراها تبدلت؟!
وغدا الربيعُ حرائقاً ودمارْ.....؟!
فجاءني الجواب : قذيفةٌ , دكّتْ بقايا بيتيَ المنكوب ..
زحفتُ أسعى باحثاً عن أسرتي .. عن ملجأي .. عن حضنيَ الدافي .. عن الأمانْ ....
انحنيتُ أبكي فوقها ، ألثمُ الباسمَ, ثغراها .. .. وعن يميني وجهُ أبي الوضاء,
مضجرٌ بالدماء .... شفتاهُ تنبثُ بالعطاء :
إبني .. صغيري .. حبيبي .. عش حراً عزيزاً .. ولاترضَ المذلة والهوان ..
أغمضتُ عيناه وأنا أعاهدُ خالقي .. لا لن تضيع بلاديَ الحرة ...لا .. ولا طُهرُ الدماء ..
سأظلُ أبقى صامداً ومجاهداً ..
سأثور رغم جراحيَ الحرّى .. .. سأثورُ لن أرضَ الدنية والفساد ..
سأنيرُ مِن يُتميَ المحزونِ أنوارَ البلاد ..
سأعيدُ للإنسانِ إنسانيتَه .. ..سأعيد للإنسان عز الشرفاء .. ..
فأنا اليتيمُ الذي لن أنحني ..
ولن أنساكما .. ولن أنسى صنيعَ الأغبياء.