عبيركِ الحلوُ يا ليمونةَ الدّارِ = ما زالَ ينعشُ صدري رغمَ أسفاري
حملتُهُ منكِ زادًا، أمْ حُملتُ بهِ = روحًا تُجدّدُ إقدامي، وإصراري
كم ذا نَعِمتُ قريبًا منه، وهو هنا = في البُعدِ عنهُ يريني روضَ أزهاري
فأحسبُ الصَّحبَ مثلي يُفتنونَ بهِ = وكمْ تعطَّر من ذكراهُ سُمَّاري!
بياضُ زهرِكِ كم تهفو العيونُ لهُ = تظنُّ في عطرهِ حانوتَ عطَّارِ
وفي اخضراركِ نحيا ألسُنًا هتفتْ = تثيرُ من كانَ ذا لُبٍّ وإبصارِ!
وما بياضكِ إلا طهرَ أنفسنا = وما اخضرارُكِ إلا بأسُ أحرارِ
طهرٌ، وبأسٌ فما أسمى ائتلافهُما = يُذكي بأرواحنا قدسيّةَ الدَّارِ
كلُّ الجوارِ نراها منهُ شاكرةً = تُحسُّ أنسامَهُ نُعمى من الباري
وألفُ أشهى ثمارٌ منكِ قد حَليَتْ = فإنْ دَجى اللّيلُ تبدو مثلَ أقمارِ
فكيفَ أنساكِ يا ليمونةَ الدَّارِ = وأنتِ في مهجتي ينبوعَ أسرارِ!
وكيفَ أنساكِ يا كنزًا نماهُ أبي = أنَّى سريتُ أراني نحوهُ سارِ!
لا لنْ تكوني غدًا إلا إلى ولدي = ولنْ يطولَ اغترابي فهوَ إجباري
وعهدُنا العهدُ يا رمزَ البقاءِ لنا = أنّي إليكِ سأُنهي كلَّ أسفاري